أن تلد الأمة ربتها
كما في الصحيحين لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل : ( وسأخبركـ عن أشراطها : إذا ولدت الأمة ربتها ) . متفق عليه
وفي رواية لمسلم : ( إذا ولدت الأمة ربتها )
وقد اختلف العلماء في معنى هذه العلامة على عدة أقوال
ذكر الحافظ ابن حجر منها أربعة أقوال :
1 ـ قال الخطابي : [ معناه : اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشركـ ، وسبي ذراريهم ، فإذا ملكـ الرجل الجارية ، واستولدها ، كان الولد منها بمنزلة ربها ، لأنه ولد سيدها ]
وذكر النووي أن هذا القول قول الأكثرين من العلماء .
قال ابن حجر : [ لكن في كونه المراد نظر ، لأن استيلاد الإماء كان موجوداً حين المقالة ، والاستيلاء على بلاد الشركـ وسبي ذراريهم واتخاذهم سراري وقع أكثره في صدر الإسلام ، وسياق الكلام يقتضي الإشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة ]
2 ـ أن تبيع السادة أمهات أولادهم ، ويكثر ذلكـ ، فيتداول الملاكـ المستولدة حتى يشتريها أولادها ولا يشعر بذلكـ .
3 ـ أن تلد الأمة حراً من غير سيدها بوطء شبهة ، أو رقيقاً بنكاح أو زنا ، ثم تباع الأمة في الصورتين بيعاً صحيحاً ، وتدور في الإيدي ، حتى يشتريها ابنها أو ابنتها ، وهذا من نمط القول الذي قبله .
4 ـ أن يكثر العقوق في الأولاد ، فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته ، من الإهانة بالسب ، والضرب ، والاستخدام ، فأطلق عليه ربها مجازاً ، أو المراد بالرب : المربي حقيقة .
ثم قال ابن حجر : [ وهذا أوجه الأوجه عندي ، لعمومه ، ولأن المقام يدل على أن المراد حالة تكون ـ مع كونها تدل على فساد الأحوال ـ مستغربة ، ومحصلة الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور ، بحيث يصير المربى مربياً ، والسافل عالياً ، وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى : أن تصير الحفاة ملوكـ الأرض ] .
5 ـ وهناكـ قول خامس للحافظ ابن كثير رحمه الله ، وهو : [ أن الإماء تكون في آخر الزمان هنَّ المشار إليهن بالحشمة ، فتكون الأمة تحت الرجل الكبير دون غيرها من الحرائر ، ولهذا قرن ذلكـ بقوله : ( وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان ) ] .
وهذا هو شرح الحديث من كتاب الدرة السلفية شرح الأربعين النووية :
وهو شرح لمجموعة من العلماء
الأمة : المملوكة
ربتها : سيدتها .
شرح الإمام النووي :
قال الأكثرون : هذا إخبار عن كثرة السراري وأولادهن ، فإن ولدها من سيدها بمنزلة سيدها ، لأن مال الإنسان صائر إلى ولده .
وقيل : معناه الإماء يلدن الملوكـ فتكون أمه من جملة رعيته ، ويحتمل أن يكون المعنى أن الشخص يستولد الجارية ولداً ويبيعها فيكبر الولد ويشتري أمه .
شرح الإمام ابن دقيق :
فقيل : المراد به أن يستولي المسلمون على بلاد الكفر فيكثر التسري فيكون ولد الأمة من سيدها بمنزلة سيدها لشرفه بأبيه .
وقيل : معناه أن تفسد أحوال الناس حتى يبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر تردادهن في أيدي المشترين فربما اشتراها ولدها ولا يشعر بذلكـ .
وقيل : معناه أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة والسب .
شرح الشيخ ابن عثيمين :
يعني أن تكون المرأة أمة فتلد أمرأة فتكون هذه المرأة غنية تملكـ مثل أمها وهو كناية عن سرعة كثرة المال وانتشاره بين الناس .