حمى الأسهم تبث القلق والتوتر والاكتئاب بين المتعاملين
- - 03/02/1427هـ
أوضح مختصون في علم النفس أن الضغوط النفسية التي يتعرض لها المتعاملون في سوق الأسهم وبالأخص ضغوط الخسارة قد تتسبب في حدوث أمراض نفسية مزمنة، مطالبين بضرورة الحرص وابتعاد الأفراد القابلين للتأثر عن صالات الأسهم.
وبيّن المختصون أن من أهم الأمراض النفسية التي قد تتسبب فيها الخسارة في سوق الأسهم، القلق والاكتئاب والتوتر المزمن، وبالتالي التأثير في بعض أعضاء الجسم الذي قد يصعب الشفاء منه، متوقعين انتعاش الحركة في كثير من العيادات النفسية، خصوصا بعد ازدياد نسبة التوتر تبعا لمؤشرات السوق، في الوقت الذي لم يستبعدوا فيه انتشار الكثير من الأمراض النفسية المزمنة بين الكثير من المتعاملين في سوق الأسهم خلال الفترة المقبلة.
وأوضح الدكتور طارق الحبيب أستاذ علم النفس في جامعة الملك سعود، أن كثرة الجلوس أمام شاشات الأسهم ومتابعة ارتفاع الأسهم وانخفاضها، تؤدي إلى توتر الشخص وانفعاله وبالتالي اتخاذ قرارات خاطئة.
وأشار الحبيب إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري ستتفاقم عندهم تلك الأمراض بشكل أكبر بسبب تذبذب السوق، وكثرة التفكير في استرداد الخسارة للأشخاص الذين تكبدوا خسائر خلال الفترة الماضية، لا فتا إلى أن الأشخاص الأصحاء أيضا معرضون للإصابة بالأمراض العضوية بسبب الضغوط النفسية التي قد تفتك بهم.
وقال الحبيب، إن المعدلات العمرية ليس لها علاقة بإصابة شخص بأمراض نفسية دون الآخر، مؤكدا أن المرض النفسي يتغلغل في الصغير والكبير على حد سواء. وبيّن أن السمات الشخصية للإنسان هي التي تحدد مدى مقدرته على مواجهة الأمراض النفسية، مشيرا إلى أن بعضا من الأشخاص ممن يصابون بالمرض النفسي قد يستسلمون له في بداياته، بسبب عدم وجود القابلية في شخصياتهم لمثل هذه الأمراض.
وقال "إن ضغوط سوق الأسهم تعتبر من ضمن الضغوط التي يتعرض لها أفراد المجتمع، وأنها قد تغير الشيء الكثير في أنماطهم السلوكية"، مستبعدا أن تكون الانخفاضات التي حدثت في سوق الأسهم خلال الفترة الماضية قد أحدثت أمراضا نفسية خطيرة على المتعاملين، لكنه لم يستبعد حدوث حالات اكتئاب لدى بعض من المتعاملين، وبالأخص ممن يتكبدون خسائر كبيرة في حال عدم وجود سمات شخصية قادرة على تقبل الصدمات.
وتابع أن سوق الأسهم السعودية حققت مكاسب كبيرة على مدار الأعوام الماضية لصغار المساهمين، وهذه المكاسب ولّدت عند الكثير منهم الراحة النفسية، مشيرا إلى أن هذه الراحة ساعدت الكثير على تقبل صدمات السوق خلال الأيام الماضية.
من جانبه، حذّر الدكتور فهد خليفة الوهابي استشاري الطب النفسي، والأستاد المساعد في كلية الطب في جامعة الملك سعود من الجلوس لفترات طويلة أمام شاشات الأسهم، مبينا أن ذلك قد يسبب الكثير من المشاكل النفسية حتى على الأشخاص الأصحاء. وطالب الوهابي بالبعد عن مصادر التوتر والقلق التي تنشأ عن كثرة الضغوط النفسية، معتبرا سوق الأسهم من أهم العوامل التي تؤدي إلى القلق المزمن على الشخص، وبالتالي احتمال تعرضه للأمراض يكون بشكل أكبر.
وبيّن الوهابي أن العيادات النفسية استقبلت خلال الفترة الماضية بعض الحالات الفردية من ضحايا انهيارات سوق الأوراق المالية، محذرا في الوقت ذاته من تزايد انتشار حالات الاكتئاب في المملكة خلال الفترة المقبلة بسبب تقلبات السوق. وقال إن هرمون (الأدلارين) هوالمسؤول عن توتر جسم الإنسان، وإن أفرازه يزداد عند الأشخاص الذين يتعرضون لضغوطات نفسية كبيرة في بعض الأوقات.
وأفاد استشاري الطب النفسي أن كثيرا من الذين يتعرضون للتوتر والاكتئاب تنقطع علاقاتهم الاجتماعية، وبالتالي تفاقم الضغوط النفسية والعصبية التي قد تسبب أمراضا عضوية مزمنة قد تعوق الشخص حتى عن الحركة.
وأضاف أن الشائعات، التوصيات، والقنوات الفضائية التي تعرض تحليلاتها اليومية تتسبب في حدوث إرباك للشخص المتعامل في السوق، الأمر الذي ينتج عنه اتخاذ قرارات خاطئة بناء على ردود أفعال ناتجة عن التوتر والقلق. ولم يخف الوهابي توقعه من انتعاش الحركة في كثير من العيادات النفسية في المملكة بسبب زيادة الضغوط النفسية لدى المتعاملين في السوق، مؤكدا أن ذلك حصل في أمريكا بعدما هبطت الأسهم إلى أدنى مستوياتها خلال الأعوام الماضية.