بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مملكة الشام + مملكة فلسطين والحجاز
أولا مملكة الشام :
وقاعدتها مدينة دمشق ، وكانت الشام يقال لها أرض كنعان ، ثم جاء بنو إسرائيل فقتلوهم بها ونفوهم عنها ، وبقيت الشام لبني إسرائيل إلى أن غلبت عليهم الروم وانتزعوها منهم ؛ قال التيفاشي في كتاب ( سرور النفس ) . قال الشريف الإدريسي في حدود الشام : إنها من المشرق الجزيرة بينه وبين العراق ، وسميت الجزيرة لأنها بين نهري الجزيرة دجلة والفرات وهي أدنى الأرض التي ذكر الله عز وجل في سورة الروم . ومن بلاد الجزيرة نينوي مدينة يونس عليه السلام وقاعدتها اليوم الموصل ومنها الرقة ونصيبين وديار ربيعة وبني تغلب ، والجزيرة هي التخوم الفاصلة بين الشام والعراق ، وحدها النهران دجلة والفرات وحدود الشام من الجنوب وادي القرى ومن المغرب عسقلان والحاجز الذي بين البحرين حيث مدائن لوط عليه السلام وطوله أكثر من شهر ونحوه ؛ بعضه في الإقليم الرابع وبعضه في الثالث والتوجه في قبلته إلى الميزاب إلى الركن الشامي من جهة الشرق ، وأكثر أهله يمن وفيهم معدية . ثم قال روى الحافظ ابن عساكر أبو القاسم علي بن الحسن في (تاريخ الشام) بسنده إلى الشعبي قال : لما هبط آدم من الجنة وانتشر ولده أرخ بنوه من هبوط آدم وكان ذلك التأريخ حتى بعض الله نوحاً فأرخوه بمبعث نوح حتى كان الغرق فهلك من كان على وجه الأرض . فلما هبط نوح وذريته وكل من كان في السفينة إلى الأرض ، قسم الأرض بين ولده أثلاثاً فجعل لسام وسط الأرض فيها بيت المقدس والنيل والفرات والدجلة وسيحان وجيحان ، وذلك ما بين قيسيون إلى نهر النيل وما بين منحر الريح الجنوب إلى منحر الشمال ، وجعل لحام فسمة غربي النيل وما بين منجر ريح الدبور ، وجعل قسمت يافث في قيسيون فما وراءه إلى منحر ريح الصبا ، ثم تفرق بنو نوح من بابل إلى سائر جهات الأرض ، فلحقت كل طائفة منهم بجهة .
وفي رواية الحافظ من طريق آخر عن عشان بن محمد عن أبيه قال : كان الذين عقد لهم الأولوية ، يعني ولد نوح عليه السلام – فنزل بنو سام المجدل سُرة الأرض . وهو ما بين ساتيدما إلى البحر ، وما بين اليمن إلى الشام . وجعل الله النبوة والكتاب والجمال والاُدمة والبياض فيهم . ونزل بنو حام مجرى الجنوب والدبوُر ، ويقال لتلك الناحية الداروم ؛ وجعل الله فيهم اُدمة وبياضاً قليلاً ، وأعمر بلادهم ، ورفع عنهم الطاعون وجعل في أرضهم الأثل والأراك والعشر والغار والنخل وجرت الشمس والقمر في سمائهم . وبنو يافث الصقور مجرى الشمال والصبا وفيهم الحمرة والسنا ، وأجلا الله أرضهم فاشتد بردها ، وأخلا سماءهم فليس يجري فوقهم شيء من النجوم السبعة الجارية لأنهم صدروا تحت بنات نغش ، والجدي والفرقدين ، وابتلوا بالطاعون ، ثم لحقت عاد بالشحر فعليه هلكوا بواد يقال له مغيث ولحقت عبيل بموضع يثرب ، ولحقت العماليق بصنعاء قبل أن تسمى صنعاء . ثم انحدر بعضهم إلى يثرب فأخرجوا منا عبيلاً ونزلوا موضع الجُحفة ، وأقبل سيل فاجتحفهم فذهب بهم فسميت الجحفة ولحقت ثمود بالحجر وما يليه فهلكوا ثمَ . ولحقت طسم وجديس باليمامة – وإنما سُميت اليمامة بإمرأة منهم فهلكوا ولحقت أميم بأرض أبار فهلكوا بها ، وهي بين اليمامة والشحر ولا يصل اليوم إلها أحد ؛ غلبت عليها الجن وسميت أبار بأبار بن أميم . ولحقت بنو يقطن بن عابر باليمن فسميت اليمن حين تيامنوا إليها . ولحق قوم من بني كنعان بن حام بالشأم فسُميت الشأم حين تشاءموا إليها وكانت الشام يقال لها أرض كنعان ثم جاء بنو إسرائيل فقتلوهم بها ونفوهم عنها ، وكانت الشام لبني إسرائيل ووثب الروم على بني إسرائيل فقتلوهم وأجلوهم إلى العراق إلا قليلاً منهم وجاءت العرب فغلبوا على الشام .
قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري : الشام فيه وجهان ؛ يجوز أن يكون مأخوذاً من اليد الشؤمي وهي اليُسرى ويجوز أن يكون فُعلى من الشؤم ، ويقال أنجد أي أتى نجداً وأعرق أي دخل العراق ، وأعمن أي أتى عُمان ، وأشأم أي أتى الشام ومصر وكوف وفي التنزيل العزيز {وأصحاب المشأمة} ، ورجل شآم من أهل الشام وسمُيت اليمن لأنها عن يمين الكعبة وسميت الشام لأنها عن شمال الكعبة ، قيل كان أسم الشام أول الأمر سورية .
ثانيا مملكة فلسطين والحجاز :
وفي هذه المملكة ، وفيما هو متعلق بها مجموع المساجد الثلاثة التي لا تُشد الرحال إلا إليها : المسجد الحرام ، والبيت المقدس ، ومسجد النبي . وأول ما نبدأ به هو محقق في هذه المملكة وداخل في حدودها ، وهو القدس وبه المسجد الأقصى ، والصخرة التي هي أول القبلتين ، وإليه كان إسراء النبي ، من المسجد الحرام كما قال الله عز وجل : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله } . وبجانبه الأيمن الطور وعليه كانت مخاطبة موسى عليه السلام وفيه وفيما حوله غال مدافن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم .
قال التيفاشي في كتاب ( سرور النفس بمدارك الحواس الخمس ) : ذكرت الرُواة أن هذه الأرض التي بارك الله فيها وحولها أربعون ميلاً طولاً في أربعين ميلاً عرضاً في تدوير البيت المقدس والبيت المقدس في وسطها وكان اسمها في الزم الأول إيلياء وقول الله تعالى يحقق أن البيت المقدس في وسط تربيع الأرض المقدسة التي بارك الله تعالى فيها . والمسجد الأقصى في قُبة السلسلة كان مجلس داود عليه السلام وفيه أيضاً الموضع الذي عرج بالنبي إلى السماء منه وهو تحت قبة المعراج وفيه موضع مصلى أيوب عليه السلام بالملائكة ، على قبة يقال لها قبة الملائكة . وفي الصخرة التي كان يقرب عليها يوشع بن نون خلافة لموسى بن عمران ، وفيه محراب مريم ، وفيه متعبد زكريا ، وهو نفسه من بناء داود وسليمان عليهما السلام .
قلت : وفيه قبر إبراهيم الخليل على الصحيح ، داخل السور المحيط بالمكان المعروف به الآن ، بقرية إبراهيم المسماة الآن ببلد الخليل ، وإن لم يصح القبر المعين الىن بعينه . وقد تضمن كتاب الله العزيز والأحاديث الواردة عن النبي من فضائله ما فيه الكفاية . والصخرة قبلة اليهود الآن وإلى القدس حجهم وبالقدس القًمامة التي تحجها النصارى من أقطار الأرض وأعماق البحر .
وإلى جانب القدس مدينة نابلس محسوبة من الأرض المقدسة وداخلة في حدودها وإلى طوريها حج السامرة . وهم طائفة من اليهود ينتمي أئمتها إلى بنوة هارون عليه السلام . فالقدس الشريف معظَم عند جميع المسلمين ، واليهود ، والنصارى ، ومكان زيارة لهم أجمعين ، وإنما اختلافهم في أماكن الزيارة فيه ، وما نبهنا على هذا إلا لما فيه من الفائدة لإطباق الجميع على تعظيمه وقصده بالزيارة .
وأما الحرمان الشريفان مكة والمدينة ، زادهما الله جله وتعظيماً فهما من الحجاز
مع تحيات الأستاذ / مطر الثبيتي