بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من علامات صحة القلب أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة ويحل فيها ،حتى يبقى
كأنه من أهلها وأبنائها ،جاء إلى هذه الدار غريباً يأخذ منها حاجته،ويعود إلى وطنه كما
قال عليه السلام لعبد الله بن عمر (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل،وعد نفسك
من أهل القبور )
فحيى على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونُسـلـم
وكلما صح القلب من مرضه ،ترحل إلى الآخرة ،وقرب منها ،حتى يصير من أهلها وكلما
مرض القلب واعتل ،آثر الدنيا واستوطنها ،حتى يصير من أهلها .
ومن علامات صحة القلب أنه كلما وجد من نفسه التفاتاً إلى غير الله تلا عليها
(يا أيتها النفس المطمئنة *ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) فهو يردد عليها الخطاب
بذلك ليسمعه من ربه يوم لقائه ،فينصبغ القلب بين يدي إلهه ومعبوده الحق بصيغة
العبودية ،فتصير العبودية صفة له وذوقاً لا تكلفاً،فيأتي بها توددا وتحببا وتقرباً،
كما يأتي المحب المقيم في محبة محبوبة بخدمته وقضاء اشغاله.
(من كتاب علامات مرض القلب وصحته ومكائد الشيطان لإبن القيم رحمه الله )