لقد قرأت هذه المقالة واعجبني ماتضمنته من نقاط تحصل لنا في مسيرة حياتنا اليومية ورغبت ان تتطلعون عليه للفائدة والتمعن...ولكم محبتي...تفضلوووووو....
كان الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه يسير في طرق المدينة فرأى الصحابي الجليل جابر بن عبدالله يحمل (لحماً) فسأله: ماهذا؟ أجاب لحم طلبه أهلي، فقال عمر: وكلما اشتهيتم اشتريتم؟؟؟
نعم كانت العادة إلى عهد قريب أن يشتري الإنسان ما يشتهيه، ولكن الجديد في حضارة اليوم أن يشتري ما يراه ولو لم يعرف ما هو؟ سمعت من صديق أنه كان في (سوبرماركت) ولاحظ أن أمامه عائلة ملأت (عربية) وتناولت المرأة (حاجة) فلم تعرف ما هي فتوجهت للزوج تسأله فلم يعرف ما هي، ومع ذلك اشترتها ونقدت الثمن..
كنا وما زلنا نذهب (للبقالة) نريد حاجة معينة، نأخذها ونعود للبيت، الجديد أن نذهب (للسوبرماركت) لشراء حاجة أو حاجتين فنعود بعشرة أو أكثر، السوبرماركت (أداة) لفتح (الشهية)، بحيث يشتري الزبون ما يحتاج وما لا يحتاج، وتذهب البضاعة للبيت وإلى هنا ينتهي دور (سيدة البيت) ليبدأ دور (الشغالة)، بعض المشتريات (تخزَّن) حتى تنتهي صلاحيتها ثم تأخذ طريقها إلى صندوق القمامة، بينما البعض يستهلك بسرعة وسيدة البيت لا تعرف عن ذلك قليلاً أو كثيراً.
الحضارات القديمة كان النظام أن توجد حاجة أولاً ثم يصار لوجود أو صناعة وسيلة لسدها، وحضارة اليوم راحت تبني (المعلف) قبل شراء الحصان، تصنع الحاجة ثم توجد ما يبررها، قديماً توجد وظيفة ثم يجري البحث عمن يصلح لشغلها، واليوم لدينا قريب أو صديق، فتخترع له وظيفة تناسبه، ونضع شروطاً تنطبق عليه وحده..
في انجلترا يتم صنع (الشماغ) وفي الصين تصنع الثياب العربية وسجادات الصلاة، وذات يوم كشف الغرب أشعة (الليزر) ثم راح يبحث عن وسيلة لاستعمالها، بل وصل الحال بإنسان الغرب أن يصنع بعض المخدرات ليفرض استعمالها في الصين، واليوم نجد مصنوعات لا يستعملها الغرب إلا بمواصفات معينة، ولا يشترط ذلك بما يصنع للتصدير، خصوصاً للدول والشعوب الفقيرة..
واليوم يصنع الغرب (بطاقات) فتحل محل النقود، بحيث يستطيع الإنسان أن يشتري ما يشاء ولو لم يكن له مال، ثم تقع الكارثة لتعلن بنوك في أمريكا وأوروبا عمرها (قرن ونصف) إفلاسها فتهز أسواق العالم كله، وتسجل الخزينة الأمريكية وحدها عجزاً مخيفاً قدره (084) ملياراً من الدولارات، والعجز مرشح ليصل إلى (006) مليار، وأعتقد أن ميزانيات دول إفريقية كلها لا تصل إلى نصف هذا (العجز)..
في الحديث النبوي: إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال..
إن وسائل الإعلام كي تعمل ليل نهار، فهي تشجع على القيل وقال وكثرة السؤال، ونراها اليوم تجمع الناس وتلقي عليهم الكثير من الأسئلة مما تعنيهم، وما لا يعنيهم، وأحياناً يتجول رجل الإعلام في الأسواق ليسأل الناس وينقل ما يقولون، وكل هذا من الجديد، لكن فتح طريق الاقتراض على مصراعيه سيسهل للناس الحصول على المال ويتبع ذلك سهولة صرفه فيما هو ضروري مفيد وغير ضروري.
ولعل من إضاعة المال أن يغير الإنسان "سيارته" ليستمتع بالجديد، ومثل ذلك تغيير الملابس، فمن فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لا تشتروا ملابس جديدة لنسائكم كي لا يخرجن من البيت، سمعت زوجتي تقول إن صاحبة لها تتذمَّر بأنها مدعوَّة لعرس ولا ملابس جديدة لها فقالت لها: أنا رأيتك منذ قريب تلبسين (ثوباً) جميلاً.
كلف الألوف فأين صار؟؟؟: قالت: احترق، فقالت زوجتي بدهشة كيف احترق، فقالت: لقد رأتني الصديقات ألبسه وهكذا احترق!!!
تطورت أمورنا فصار البعض يبيع داره ويتحول إلى حي أفضل وإلى دار جديدة، ومن ستلزمات هذا (التحول) التخلص من الأثاث القديم وشراء أثاث جديد..
لي تلميذ يزورني بين مدة وأخرى واسمعه يتذمر من قلة المال وراتبه يقترب من عشرين ألفاً وزوجته موظفة ولها راتب يزيد على عشرة آلاف ريال، وعائلتهم متوسطة ولهم مسكن جيد، ومع ذلك لا يوفرون قليلاً ولا كثيراً من المال، وعندما قلت له إن في المملكة عرباً وغيرهم يعيشون على راتب في حدود الألفين أو يزيد ويوفرون من هذا الدخل استنكر واستغرب..
وأعرف أصدقاء لهم في البيت أكثر من خط تلفون ثابت، وفي السيارة تلفون ولدى الزوج والزوجة والأولاد جوالات، والكهرباء لا تطفأ والمكيفات تعمل ليل نهار، فمن أين يأتي التوفير؟؟؟
إن (إضاعة المال) اليوم وسيلة تصنعها الحضارة وتنشرها في كل مكان، ثم يستغرب الناس كيف يضرب (إعصار) أسواق العالم فيحطمها في يوم وليلة، ويجعل حكومة مثل الولايات المتحدة الأمريكية تعيش على (الكدية) ويبلغ العجز السنوي في ميزانيتها (084) مليار دولار، وهكذا تضيع (البركة) ويمسي الغني شحاذاً ولله في خلقه شؤون وشجون