مدخل /
إنَّ التَّبَايُنَ فِي الشُّعُورْ
................لَنْ يَمْنَحَ العُشَّاقَ نُورْ
بَلْ سَوْفَ يَقْتِلُ حُبَّهُمْ
................وَلَسَوْفَ يُوْرِثُهُ الفُتُورْ
فَأنَا أُحِبُّ بِوَاقِعِي
..............وَأجِيءُ مَسْرُوْرًا فًخُورْ
وَجُسُوْرَ قَلْبِي أَمُدَّهَا
............فَتَظَلُّ تَقْطَعُ ذِيْ الجُسُورْ
وَتَعِيْبُ صِدَقَ مَشَاعِرِي
...............وَتَرُدُّ صِدْقِيَ بِالنّفُورْ
وَأنَا الذِي أَهْدَيْتُهَا
.............فِي الحُبِّ أسْوَارًا وَدُورْ
وَهِيَ التِي لَمْ تُهْدِنِي
..............إِلا أَسَى كُلِّ العُصُورْ
تَبْغِي الغَرَامَ تَخَيُّلا
................بِخَيَالِهَا تَبْقَىْ تَدُورْ
وَأَنَا الذِي أحْتَاجُهَا
...............أنْفَاسَهَا فَوْحَ العُطُورْ
أَحْتَاجُ بَدْرَ مَشَاعِرِي
.................لَكِنَّهُ يَأْبَىْ الظُّهُورْ
فَيَظَلُّ كَوْنِيَ مُظْلِمًا
..............مَهْمَا تَمُرُّ بِيَ الشُّهُورْ
كَفَرَتْ بِمَنْهَجِ مَذْهَبِي
...............وَأنَا بِمَذْهَبِهَا كَفُورْ
فِلَذَا مُحَالٌ حُبُّنَا
.............حَتَى القِيَامَةِ وَالنُّشُورْ
إِلا إِذَامَا تَنَازَلَتْ
.............وَأتَتْ إِليَّ شَذًى وَنُورْ
النَّص
(1)
مَهْلاً أَيَا لَحْنَ الْجَمَالْ
خَلِّيْكِ هَادِئَةً أَجِيْبِيْنِي عَلَىْ هَذَا السُّؤَالْ
أَوَتَغْضَبِيْنَ لأنَّنِي لا لَسْتُ أُؤْمِنُ بِالتَّطَرُّفِ فِي الشُّعُوْرِ وَبِالْخَيَالْ
لا تَغْضَبِي
لا لا تُوَلِّيْ عَنْ حُدُوْدِ صَبَابَتِي وَتَوَحُّدِي
لا تَتْرُكِيْنِي هَائِمًا فِي شَعْرِكِ المُتَجَعِّدِ
فِي خَدِّكِ المُتَوَرِّدِ
فِي وَجْهِكِ الْمُتَمَرِّدِ
فِي حُسْنِكِ المَصْبُوْغِ بِالسِّحْرِ البَدِيْعِ السَّرْمَدِيّ
لا تَرْحَلِيْ عَنْ ذَلِكِ المَفْتُوْنِ فِي عَيْنَيْكِ لا لا تَذْهَبِي
لا تَتْرُكِيْنِي إِنَّنَي لَمْ أَلْقَ مِثْلَكِ فِتْنَةً فِي سَاحِرَاتِ الشَّرْقِ أوْ فِي فَاتِنَاتِ الْمَغْرِبِ
وَهَوَاكِ غَايَةُ مَطْلَبِي
لَكِنَّنِي لا أسْتَطِيْعُ بِأَنْ أُغَيِّرَ مَذْهِبِي
أَنَا وَاقِعِيٌّ فِي الهَوَىْ
لا بَأْسَ فِي بَعْضِ التَّفَاصِيْلِ التِي تَقْتَادُنَا لِمَعَاقِلِ الحُلْمِ الْجَمِيلْ
فَأَنَا عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ الْحُبَّ مَصْبُوْغًا بِلَوْنِ الطُّهْرِ وَالْحُلْمِ الجَمِيْلْ
لَكِنْ بِأَنْ يُضْحِي هَوَانَا لَيْسَ إِلا مِنْ تَخَارِيْفِ الخَيَالْ
فَلْتَعْذُرِيْنِي لَسْتُ أَسْطِيْعُ التَّجَرُّدَ مِنْ مَلابِسَ وَاقِعِي
فَالْحُبُّ دُوْنَ الوَاقِعِ الْمَحْسُوْسِ يَفْتَقِدُ الْجَمَالْ
وَالْحُبُّ دُوْنَ الْوَاقِعِ الْمَحْسُوْسِ لَيْسَ سِوَى تَعَاوِيْذَ التَّصَوُّفِ وَالضَّلاَلْ
وَالْحُبُّ دُوْنَ الوَاقِعِ الْمَحْسُوْسِ أَقْرَبُ لِلْمُحَالْ
أَوَ تَقْبَلِيْنَ بِأَنْ أَكُوْنَ مُتَيَّمًا أَهْوَىْ الْمُحَالْ
(2)
أَنَا مُؤْمِنٌ بِالصِّدْقِ فِيْمَا تَشْعُرِيْنْ
أَنَا مُوْقِنٌ بِسُمُوِّ ذَيَّاكِ الْحَنِيْنْ
بِنَقَاءِ ذَيَّاكِ الْحَنِيْنْ
أَدْرِيْ بِأَنَّكِ رُغْمَ أَنَّا لَيْسَ يَجْمَعُنَا مَكَانٌ تَشْعُرِيْنَ بِمَا أُحِسُّ وَمَا أُرِيْدْ
أَدْرِيْ بِأَنِّيْ سَاكِنٌ فِيْ عُمْقِ ذَيّاكِ الْوَرِيْدْ
أَدْرِيْ بِأَنَّكِ قَدْ جَعْلِتِ لِيْ شُعُوْرًا لَيْسَ يُمْكِنُ أنْ يَكُوْنْ
أَدْرِيْ فَلا تَسْتَقْبِلِي تِلَكِ الظُّنُوْنْ
أَدْرِي وَيَمْلَؤُنِي اليَقِيْنْ
إِنَّ الدَّلِيْلَ عَلَى يَقِيْنِي أَنَّنِي بَادَلْتُ رُوْحَكِ ذَلِكِ الإِحْسَاسَ مَرَّاتٍ عَدِيْدَةْ
عَايَشْتُ طُهْرَ الانْتِمَاءِ بِذَلِكِ الإِحْسَاسِ مَرَّاتٍ عَدِيْدَةْ
أَحْسَسْتُ أَنَّكِ حَوْلَ صَدْرِي رُغْمَ هَاتِيْكِ الْمَسَافَاتِ الْبَعِيْدَةْ
أَحْسَسْتُ أَنَّكِ تَغْمُرِيْنَ دَقَائِقِي عِطْرًا وَنُوْرْ
عَايَشْتُ ذَيَّاكِ الشُّعُوْرْ
لَكِنَّ لَعْنَةَ اِحْتِيَاجَاتِي شَدِيْدَةْ
وَلَدَيَّ رُوْحٌ فِي مَدَىْ الْحِرْمَانِ بَاكِيَةٌ شَرِيْدَةْ
مَاذَا سَيَنْفَعُنِي شُعُوْرُ الانْتِمَاءْ
وَأَنَا أَعِيْشُ بِذَا الْعَرَاءْ
أَبْكِيْ وَيَصْفَعُنِيْ الزَّمَنْ
لا لَيْسَ لِيْ أَرْضٌ تُقِلُّ مَشَاعِرِي
لا لَسْتُ أَمْلِكُ لِيْ وَطَنْ
وَجُيُوْشُ إِحْسَاسِ التَّصَوُّفِ وَالأَحَاسِيْسُ الغَرِيْبَةْ
اِسْتَعْمَرَتْ وَطَنِي وَخَلَّتْنِي وَحِيْدًا بَاكِيًا
وَأَعِيْشُ لَحْظَاتٍ عَصِيْبَةْ
(3)
مَا الْحُبُّ يَا حَسْنَاءُ إِنْ لَمْ تُشْرِقِيْ
مَا الْحُبُّ إِنْ لَمْ تُغْرِقِيْنِي فِي الغَرَامِ وَتَغْرَقِيْ
مَا الْحُبُّ دُوْنَ الضَّمِّ وَالحُضْنِ الْوَثِيْرْ
مَا الْحُبُّ دُوْنَ عِنَاقِنَا فِيْ اللَّيْلِ فِيْ الثُّلُثِ الأَخِيْرْ
مَا الْحُبُّ مِنْ دُوْنِ الْعِنَاقِ الالْتِصَاقِ الاشْتِيَاقْ
وَأَذُوْبُ فِيْ عَيْنَيْكِ يَا وَطَنِيْ الْكَبِيْرْ
وَتُدَثِّرِيْنِيْ فِيْ ثَنَايَا ذَلِكِ الشَّعْرِ الْمُثِيْرْ
مَا نَفْعُهُ الإِحْسَاسُ إِنْ لَمْ تُشْعِرِيْنِيْ بِالْحَنَانِ وَبِالأَمَانْ
إِنْ لَمْ نُسَافِرَ عَبْرَ بُلْدَانِ الْمَشَاعِرِ وَالصَّبَابَةِ وَالقَصَائِدِ وَالبَيَانْ
إِنْ لَمْ نَزُرْ قِصَصَ الْهَوَىْ عَبْرَ الزَّمَانْ
وَنُصَافِحُ الأَبْطَالَ قَيْسًا أَوْ كُثَيِّرَ أَوْ جَمِيْلا
لا لَسْتُ أَطْلِبُ مِنْكِ يَا حَسْنَاءُ شَيْئًا مُسْتَحِيْلا
فَلَسَوْفَ يَحْصِلُ كُلُّ هَذَا إِنْ مَنَحْتِ القَلْبَ وَاقِعَهُ الْجَمِيْلا
مَا الْحُبُّ يَا طُهْرَ الْمَشَاعِرِ أَخْبِرِيْنِيْ
إِنْ لَمْ أُسَرْبِلْكِ رِدَاءَاتِ الْحَنِيْنِ
إِنْ لَمْ أُغَنِّ قَصَائِدًا فِيْ شَعْرِكِ الفَوَّاحِ عِطْرِ اليَاسَمِيْنِ
فِيْ قَدِّكِ الْمَيَّاسِ فِيْ الْخَدِّ اللُّجَيْنِيْ
فِيْ قِصَّةِ الْعَيْنَيْنِ فِيْ الشَّفَةِ الْعَنِيْدَةْ
وَالشِّعْرُ يَخْلُدُ فِيْكِ أَعْوَامًا عَدِيْدَةْ
يَا زِيْنَةَ الأشْعَارِ يَا رُوْحَ القَصِيْدَةْ
مَا الْحُبُّ وَالإِحْسَاسُ مِنْ دُوْنِ القَوَافِيْ وَالقَصَائِدْ
إِلا كَمَا الأَشْعَارُ دُوْنَكِ أَنْتِ يَا كُلَّ الفَرَائِدْ
فِلِذَا سَأَلْتُكِ أَنْ تَكُوْنِيْ وَاقِعا
مِنْ أَجْلِ أَنْ تَبْقَىْ القَصَائِدُ سَامِقَةْ
مِنْ أَجْلِ أَنْ تَبْقَىْ عَنَاوِيْنُ الْمَحَبَّةِ بَاسِقَةْ
مِنْ أَجْلِ رُوْحٍ فِيْ مُحِيْطَاتِ الأُنُوْثَةِ غَارِقَةْ
(4)
وَإِلَى هُنَا أَنَا قَدْ فَرَغْتُ مِنْ الكَلامْ
أَنَا قَدْ وَصَلْتُ إِلَى الخِتَامْ
مَهْلا رَجَوْتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتْلُوْ السَّلامْ
أَرْجُوْكِ لا لا تَغْضَبِي
حَتَّىْ وَإِنْ كَانَ الكَلامُ مُنَرْفِزًا لا تَغْضَبِيْ
لا تَرْحَلِيْ عَنْ ذَلِكِ الْمَفْتُوْنِ فِيْ عَيْنَيْكِ لا لا تَهْرُبِيْ
لا تَتْرُكِيْنِيْ إِنَّنَيْ لَمْ أَلْقَ مِثْلَكِ فِتْنَةً فِيْ سَاحِرَاتِ الشَّرْقِ أَوْ فِيْ فَاتِنَاتِ الْمَغْرِبِ
وَلأَنْتِ غَايَةُ مَطْلَبِيْ
مَخْرَج
اِعْتَنِقِيْ مَذْهَبَ إِحْسَاسِي
......................سَيِّدَتِي مَلِكَةَ أَنْفَاسِي
مَذْهَبُكِ ضَلالٌ وَغُلُوٌ
....................مِنْ وَحْيِ كَلامِ الْخَنَّاسِ
يَا بَوْحَ دَوَاوِيْنِيَ هَلاَّ
.....................أَبْدَلْتِ لِبَاسَكِ بِلِبَاسِي
وَاغْتَسِلِي بِحِبْرِ مَوَاوِيْلِيْ
......................لِتُدَقَّ بِقَلْبِيَ أَجْرَاسِي
مُعْلِنَةً أَنَّكِ مُلْهِمَتِيْ
.................فِيْ زَمَنِيْ الأَرْعَنِ وَالقَاسِي
وَلَنَخْبَ غَرَامَكِ أَشْرَبُهُ
................مِنْ خَمْرِ شِفَاهِكِ لا الكَاسِ
وَأُقِيْمُ بِدُنْيَا إِحْسِاسٌ
....................يَغْمُرُهَا طُهْرَ الإِحْسَاسِ
وَأُغَنِّيْ فِيْكِ دَوَاوِيْنًا
.......................فِيْ قَدٍ قَاضٍ مَيَّاسِ
فِيْ عَيْنٍ تُغْرِقُ أَجْزَائِيْ
................فِيْ النَّهْدِ الشَّامِخِ وَالرَّاسِي
فِيْ سِحْرٍ عَذَّبَ وِجْدَانِيْ
...................طَيَّرَ إِدْرَاكِيَ مِنْ رَاسِي
وَأُغَنِّيْ : مَرْحَىْ , فَمَرَامِي
..................صَارَتْ مَمْلَكَتِي نِبْرَاسِي
يَا رُوْحَ الْحُبِّ وَمَنْبَعَهُ
....................يَا أَطْهَرَ قَلْبٍ فِيْ النَّاسِ
أَرْجُوْكِ تَعَالِي فَفُؤَادِي
......................لَيَئِنُّ وَضَاقَتْ أَنْفَاسِي
إِنْ جِئْتِ فَطُوْبِى لِفُؤَادِي
.....................سَيُعَانِقُ أَطْهَرَ إِحْسَاسِ
وَلإِنْ وَدَّعْتِ شَرَايِيْنِي
...................سَأَعِيْشُ شُعُوْرَ الإِفْلاسِ
وَسَيَبْقَىْ حُزْنِي يَسْكُنُنِي
...................يَسْكُنُ أَشْعَارِيَ كُرَّاسِي
أَسْأَلُكِ بِرَبِّكِ أَنْ تَأْتِي
.................وَاعْتَنِقِي مَذْهَبَ إِحْسَاسِي
يَاسِر السّليْس