نمر بن عدوان .. قصته مع محبوبته " وضـحــــا " وكيف قتلها بيديه !
بسم الله الرحمن الرحيم
حي الله كلن باسمه
هذه قصه لنمر بن عدوان مع محبوبته وضحا ...
هو الشيخ نمر بن عدوان الصخري من شيوخ " بني صخر " قبيلة عربية مشهورة مواطنها الآن شرقي الأردن –
شاعر علم – كان الشاعر أميرا للبلقاء اشتهر بنبله وكرمه وسجاياه الحميدة , أما شاعريته : فهو شاعر
عاطفي واقعي هزه الأسى وأضناه الوجد وعصره الألم .
نظم الشعر يشكو ما أصابه فتفاعلت الجماهير مع شعره في كل مكان فتعاطف الناس معه وأحبوه وتابعوا
أخباره التي سارت بها الركبان ..
أما حكايته فهي حكاية محزنة غريبة فقد توفيت زوجته " وضحا " وهو في قمة السعادة معها فانفتق جرحه
وأنشد شعره وكأنه قبل وفاتها لم يكن شاعرا !
ولكنه من فرط ما أصابه قد تفجرت بداخله ملكة الشعر وأظهر روائع الوجدانيات بالشعر النبطي ..
أما قصة وفاة وضحا فأغرب ما روي عنها أنها اعتادت حلب الناقة لنمر قبل عودته لبيته من مجلسه بدقائق قليلة وذلك ليشرب حليب الناقة ساخنا .. وذات ليلة عاد نمر قبل موعده الذي تعوّد أن يرجع فيه .. وفي طريقه إلى البيت لمح نمر خيالا بين أرجل الناقة فظنه حائفا يريد سرقتها فضربه برمحه وأرداه قتيلا وإذا بالخيال " وضحــا " .....
وهناك روايات كثيرة عن أسباب وفاة وضحا فمن الرواة من يقول أنها توفيت بمرض الطاعون حيث حل الوباء به وكانت من ضحاياه , وهناك من يقول أنها توفيت بالجدري وغير لك من الروايات إلا أنني أميل إلى الرواية الأولى , لأنني لا أتصور أن يصل به الحزن إلى درجة أن يموت من جراء حسرته ما لم يكن هو سببا مباشرا في وفاتها خصوصا وأنه أمير عرف عنه الشجاعة وقوة تحمله قبل مصابه ..
يقول الرواة أن نمر بن عدوان تزوج بعد وضحا بتسع وتسعين ( وضـحا ) لعله يجد من تحل محلها فلم يجد حتى أنهكه المرض وأعياه الوجد فلحق بوضحا في مطلع القرن الثالث الهجري وهو لم يتجاوز الأربعين من عمره ...
وفيها يقول :
الــبــارحـه يـوم الـخـلايـق نــيــــــامـــــا &&& بـيــّـحـت مــن كـثـر الــبـــكـى كـل مـكـنـون
قـمـت أتــوجـــّــد وأنـثـر الـمــا عــلى ما &&& مـن فــوق عــيــنـي دمـــــعـهــا كان مخزون
ولـي ونـــة ٍ مــن ســمــعـــَـهـا مـا يـناما &&& كــنـي صـويــب ٍ بــيـــــن الأضلاع مطعون
و إلا كــمــــا ونـة كـسـيـر الســــْـلامــــا &&& خــلـــّـــوه ربـعـه لـلــــمـعـــاديــن مـديـــون
فــي ســاعـــة ٍ قـــل الــرجــا والــمـحاما &&& فــيــمــا يــطــالــع يــــومـهــم عـنـه يـقـفون
و إلا فــ ونــة راعــبـيّ الـــحــــمــــامـــا &&& غــاد ٍ ذكــرهــا والــــقـوانـيـــص يــرمـون
تــســمــع لــهــا بـيـن الـجـرايـد حــطامـا &&& مــن نـوحــهـا تـــــدع ِ الـمـوالـيــف يـبكون
و إلا خــلــوج ٍ سـابــة ٍ لــلـــهــيــــامــــا &&& عـلى حـوار ٍ ضــايـــع ٍ فـي ضـحى الـكون
و إلا حـــوار ٍ مـشــْـيـــِــقــوا لـه شـمـاما &&& وهــي تـطـالــع يـــــوم جـــرّوه بـــعـــيـون
يــردون مــثــلـه والـضـوامـي صــيـــاما &&& تــرزّمــوا مـعـــهــــا وقـــامــوا يـحـنـــّـون
و إلا رضــيــع ٍ جــرّعــوه الــفـــطــامــا &&& أمــه غــدت قــبــــل أربـعــيــنــه يــتـمـّون
عـلـيـك يـالـلـي شـربـت كـاس الـمـحــاما &&& صـــرف ٍ بـــتـــــقــديــر ٍ مـن الله مـــاذون
جــاه الــقــضـا مـن بـعـد شـهـر الـصياما &&& صـــافـي الــجـبـيــن بـثـانـي الـعـيد مدفون
كـســـوه مـن عـرض الخـرق ثـوب خـاما &&& و قـامـوا عـلـيـه مـن الـتـرايـب يـهـلــّــون
راحــوا بـهــا حــروة صـــلاة الـيــِـمــامـا &&& عــنـــد الــدفـــن قــامــوا لــهـا الله يدعون
بــرضــاه والـجـنــه وحـسـن الـخـتـامـــــا &&& ودمــوع عــيــنــي فـوق خــدي يـهلــّــون
حــطــّــوه فـي قـبـر ٍ عـســاه الــهــيــامــا &&& فـي مــهــمـة ٍ مــن عــد الأموات مـسكون
يـــا حـفـرة ٍ يـسـقـي ثـراك الـغـمـامـــــــا &&& مــزن ٍ مــن الـرحـمـه عـلـيـهـا يـصبــّـون
جــعـل الـبـخــَـتـري والـنـفـل والـخـزامى &&& يــنـــبــت عــلى قـبـــر ٍ هـو فــيـه مـدفون
مــرحــوم يـالـلـي مـا مـشـى بـالـمـلامــــا &&& جـــيـــران بــيــتــه راح مــا مـنـه يشكون
وا وســع عـذري وان هــجــرت الـمـنـاما &&& ورافــقــت مـن عـقـب الـعـقـل كل مجنون
أخــذت انــا ويـــّــاه سـبـعـة عــــــوامـــا &&& مـــع مــثــلــهــن فـي كـيـفـة ٍ مـا لـها لون
والله كــنـهـا يـا عـرب صـرف عـــــامـــا &&& يـــا عــونـة الله صــرف الأيـــام وشـلون؟
و أكــبــر هـمـومـي مـن بـزور ٍ يــتـــامـا &&& و إن شــفــتــهــم قـدام وجـهـي يـبـكــّــون
و ان قــلــت لا تـبــكـون قـــالــوا عـلاما؟ &&& نــبــكـي ويــبــكـي مــثــلــنــا كل محزون
قــلـت الـسـبـب تـبـكـون؟ قـالـوا يــتــــاما &&& قــلــت الـيـتــيـم أيــاي وانـتـم تـســجــّـون
مــع الـبــزور وكـل جــرح ٍ يــــلامـــــــا &&& إلا جــروح بـخـاطــري مــا يــطــيــبــون
جــرحــي عـمـيــق ٍ مـثـل كـسـر الـسلاما &&& الــى مــكـَـن.. عـنـه الأطـبــــّـا يعجزون
قــمـت اتـشــكـــّـى عـنــد ربـع ٍ عــــذامـا &&& جـــونــي عـلــى فــرقـا خـلـيـلــي يـعزّون
قــالـوا تـجـوّز وانـس لامــه بـــــلامــــــا &&& بـعـض الـعـذارى عــن بعضهن يسلــّــون
قــلــت انـهـا لـي وفـــّـــقـت بـالــولامـــــا &&& ولــو جــمــعـتــوا نـصـفـهـن مـا يـسـدّون
مــا ظــنــــــّـتــي تـلــقـون مـثــلـه حـراما &&& أيـضـا ولا فـيـهـن عـلى الــســر مـامــون
و أخــاف انــا مـن غــاديــات الــذمــامــا &&& اللــي عـلـى ضـيـم الـدهــر مـا يـتـاقــــون
أو خــبــلــة ٍ مــا عـــقـلـهـا بــالــتــمــامـا &&& تــضــحــك وهـي تـلدغ على الكبد بالهون
تــوذي عــيــالـي بــالـنـهــر والـكــــلامـا &&& و أنـا تـجـرّعـنـي مـن الـمــر بـصـحــون
والله يــا لــولا هـالصــغــار الـــيــتــــامـا &&& و أخــشــى مـن الـسـكــّـه عليهم يضيعون
لا أقـــول كــل الــبــيــض عــقــبه حراما &&& و أصـبـر كما يصبر على الحبس مسجون
عــلـيـه مـنـي كــل يـوم ٍ ســـــــلامــــــــا &&& عــدّت حــجــيــج الـبـيـت واللي يـطوفون
وصــل عـلــى سـيــّـد جـمـيـع الأنـــــامـا &&& عـلـى الـنـبـي يـالـلـي حـضـرتـوا تـصلون
والباحث في تراث نمر بن عدوان الأدبي لا يجد قصيدة لم يذكر بها وضحا أو يتوجد عليها . والثابت عن نمر كلمة قالها راحت مثلا بين الناس , قوله : " هذا بلاء أبوك يا عقاب "
فقد سأل نمر ولده وهو صغير السن عن المرأة التي تزوجها حديثا أيها أجمل هي أم والدته ؟
وكان متوقعا أن يمتدح الطفل أمه ولكنه امتدح الزوجة الجديدة !! فلما سأله نمر عن السبب قال : أن أمي كانت عوجاء إذا نامت على جنبها وقذفت " الشريه " ( الشريه : نبات ثمره أصفر اللون ويكون مستديرا كالكرة ) فإنها تدخل في الفراغ بين صدرها وردفها , فالمرأة هذه أجمل منها حيث لا عوج فيها . فصرخ نمر قائلا : " هذا بلا أبوك يا عقاب " وراحت مثلا ...
ومما أنشد:
باح العزا يا عقاب صبري غدا وين &&& لو درت عــنــدي ذرة ٍ مـا تـجــدهـا
صبري دفـنـتـه بالـزباره بـ بـيـريـن &&& الله يـكـافـي شـــر مـنـهـو جــحـدهـا
ياسين يا أم عقاب يـاسـيـن يـاسـين &&& يا شـبه عنز الــريم ترعى وحــدهـا
بنت الرجال وخالط ٍ عــقـلـهـا زيــن &&& روايــح الـريـحــان ريـحـة جسدهـا
جتني عطا ما سقت فيها تــثـامـيــن &&& شيمة فهود ٍ كــل مـن جـا حـمـدهـا
________________
درت : بحثت --- الزباره : المكان المرتفع عن الأرض قليلا
يبرين : اسم المكان الذي دفنت فيه وضحا --- سقت : دفعت , وسوق المرأة هو مـهـرها
وكان شعر نمر كله في الوجد والحرمان ولم يذكر الرواة له إلا قصائد تعد على أصابع اليد الواحدة في غير ذلك ,
منها قصيدة يعاتب فيها ابن عمه حمود مطلعها :
يا حمود قل لـحـمـود وش جـاه مني &&& عــلـم ٍ تـحـاكـوا بـه وعـنـهـم نحوني
عند العرب يـا حـمـود أضـحك بسني &&& وبأرض الخلا يا حمود ابيـّـح كنوني
__________
نحوني : ابعدوني --- ابيح كنوني : أبيـّـن خفاياي
يقول الرواة أن هذه القصيدة أيضا نظمها نمر بعد وفاة " وضحــا " بعد أن أشاع عنه ابن عمه حمود أنه أصابه
جنون طمعا بالزعامه التي تخلى عنها نمر من تلقاء نفسه لابن عمه بعد وفاة " وضحــا " ........
وسلامتكم