المهدي
في آخر الزمان يخرج رجل من أهل البيت يؤيد الله به الدين ، يملك سبع سنين ، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً ، تنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط ، تُخرج الأرض نباتها ، وتُمطر السماء قطرها ، ويُعطى المال بغير عدد .
قال ابن كثير رحمه الله : [ في زمانه تكون الثمار كثيرة ، والزروع غزيرة ، والمال وافر ، والسلطان قاهر ، والدين قائم ، والعدو راغم ، والخير في أيامه دائم ] .
اسمه وصفته
وهذا الرجل اسمه كاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واسم أبيه كاسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون اسمه : محمد ـ أو أحمد ـ بن عبد الله ، وهو من ذرية فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهم .
قال ابن كثير رحمه الله في المهدي : [ وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه ] .
وصفته الواردة : أنه أجلى الجبهة ، أقنى الأنف .
[ أجلى الجبهة ] : الأجلى هو الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين ، والذي انحسر الشعر عن جبهته .
[ أقنى الأنف ] : القنا في الأنف : طول ورقة أرنبته ، مع حدب في وسطه .
مكان خروجه
يكون ظهور المهدي من قِبل المشرق ، فقد جاء في الحديث عن ثوبان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقتتل عند كنزكم ثلاثة ، كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق ، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ... ( ثم ذكر شيئاً لا أحفظه ، فقال : ( فإذا رأيتموه ، فبايعوه ، ولو حبواً على الثلج ، فإنه خليفة الله المهدي ) رواه ابن ماجه .
قال ابن كثير رحمه الله : [ والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة ، يقتتل عنده ليأخذوه ثلاثة من أولاد الخلفاء ، حتى يكون آخر الزمان ، فيخرج المهدي ، ويكون ظهوره من بلاد المشرق ، لا من سرداب سامرا كما يزعمه جهلة الرافضة من أنه موجود فيه الآن ، وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان ، فإن هذا نوع من الهذيان ، وقسط كبيرُ من الخذلان ، شديد من الشيطان ، إذ لا دليل على ذلك ولا برهان ، لا من كتاب ولا سنة ، ولا معقول صحيح ولا استحسان ] .
وقال أيضاً : [ ويؤيَّد بناس من أهل المشرق ينصرونه ، ويقيمون سلطانه ، ويشيدون أركانه ، وتكون راياتهم سود أيضاً ، وهو زي عليه الوقار ، لأن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء يقال لها : العقاب ] .
إلى أن قال : [ والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق ، ويبايع له عند البيت ، كما دل على ذلك بعض الأحاديث ] .
الأدلة من السنة على ظهوره
جاءت الأحاديث الصحيحة الدالة على ظهور المهدي ، وهذه الأحاديث منها ما جاء فيه النص على المهدي ، ومنها ما جاء فيه ذكر صفته فقط .. وسنذكر هنا بعض هذه الأحاديث ، وهي كافية في إثبات ظهوره في آخر الزمان علامة من علامات الساعة .
1 ـ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يخرج في آخر أمتي المهدي ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويُعطى المال صحاحاً ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعاً أو ثمانياً [ يعني : حججاً ] ) مستدركـ الحاكم / حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
2 ـ وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أُبشركم بالمهدي ، يُبعث على اختلاف من الناس وزلازل ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، يقسم المال صحاحاً ) . فقال له رجلاً : ما صحاحاً ؟ قال : ( بالسوية بين الناس ) .
قال : ( ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى ، ويسعهم عدله ، حتى يأمر منادياً ، فينادي ، فيقول : من له في مال حاجة ؟ فما يقوم من الناس إلا رجل ، فيقول : ائتِ السَّدَّان ـ يعني : الخازن ـ فقل له : إن المهدي يأمركـ أن تعطيني مالاً . فيقول له : احثُ ، حتى إذا حجره وأبرزه ، ندم ، فيقول : كنتُ أجشع أمة محمد نفساً ، أو عجز عني ما وسعهم ؟! ) . قال : ( فيردُّه فلا يُقبل منه . فيقال له : إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه ، فيكون كذلكـ سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ، ثم لا خير في العيش بعده ) ، أو قال : ( ثم لا خير في الحياة بعده ) . رواه أحمد .
وفي هذا دليل على أنه بعد موت المهدي يظهر الشر والفتن العظيمة .
3 ـ وعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي منا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة ) رواه أحمد .
قال ابن كثير : ( أي : يتوب عليه ، ويوفقه ، ويلهمه ، ويرشده ، بعد أن لم يكن كذلكـ ) .
4 ـ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي منِّي أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً ، يملكـ سبع سنين ) رواه أبي داوود .
5 ـ وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة ) رواه أبي داوود .
6 ـ وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم المهدي : تعال صلِّ بنا ، فيقول : لا ، إن بعضهم أمير بعض ، تكرمة الله هذه الأمة ) رواه الحارث بن أبي أسامة .
7 ـ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه ) رواه أبو نعيم .
8 ـ وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملكـ العرب رجل من أهل بيتي ، يواطيء اسمه اسمي ) رواه أحمد .
وفي رواية : ( يواطيء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ) رواه أبي داوود .