ح ـ اتباع سنن الأمم الماضية
ومن الفتن العظيمة اتباع سنن اليهود والنصارى وتقليدهم
فقد قلد بعض المسلمين الكفار ، وتشبهوا بهم
وتخلقوا بأخلاقهم ، وأعجبوا بهم
وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم .
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ) . فقيل : يا رسول الله ! كفارس والروم ؟ فقال : ( ومن الناس إلا أولئكـ ) رواه البخاري .
وفي رواية عن أبي سعيد : قلنا : يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟ قال : ( فمن ؟! ) رواه البخاري ومسلم .
قال ابن بطال : ( أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المُحدثات من الأمور والبدع والأهواء ، كما وقع للأمم قبلهم ، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر ، والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس ، وأن الدين إنما يبقى قائماً عند خاصةٍ من الناس )
وقال ابن حجر : [ وقد وقع معظم ما أنذر به صلى الله عليه وسلم ، وسيقع بقية ذلكـ ]
وفي هذا الزمن كثر في المسلمين من يتشبه بالكفار
من شرقيين وغربيين
فتشبه رجالنا برجالهم ، ونساؤنا بنسائهم ، وافتتنوا بهم
حتى أدى الأمر ببعض الناس أن خرجوا عن الإسلام
واعتقدوا أنه لا يتم لهم تقدم وحضارة إلا بنبذ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
ومن عرف الإسلام الصحيح ، عرف ما وصل إليه المسلمون في القرون الأخيرة
من بُعد عن تعاليم الإسلام ، وانحراف عن عقيدته
فلم يبق عند بعضهم من الإسلام إلا اسمه
فقد حكّموا قوانين الكفار
وابتعدوا عن شريعة الله
وليس هناكـ أبلغ مما وصف به النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في اتباعهم ومحاكاتهم للكفار
فقال : ( شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم )
قال النووي : [ والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم ، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر ، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ]