فتنة الدجال
فتنة الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة ، وذلك بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول ، وتحير الألباب .
فقد ورد أن معه جنةً وناراً ، وجنته نار ، وناره جنة ، وأن معه أنهار الماء ، وجبال الخبز ، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر ، والأرض أن تُنبت فتُنبت ، وتتبعه كنوز الأرض ، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة ، كسرعة الغيث استدبرته الريح ... إلى غير ذلك من الخوارق .
وكل ذلك جاءت به الأحاديث الصحيحة :
فمنها ما رواه الإمام مسلم عن حذيفة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الدجال أعور العين اليسرى ، جفال الشعر ، معه جنة ونار ، فناره جنة ، وجنته نار ) .
ولمسلم أيضاً عن حذيفة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لأنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران يجريان ، أحدهما رأي العين ماء أبيض ، والآخر رأي العين نار تأجج ، فإما أدركن أحد ، فليأت النهر الذي يراه ناراً ، وليغمض ، ثم ليطأطيء رأسه ، فيشرب منه ، فإنه ماء بارد ) .
وجاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه في ذكر الدجال أن الصحابة قالوا : يا رسول الله ! وما لبثه في الأرض ؟ قال : ( أربعون يوماً : يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم ) . قالوا : وما إسراعه في الأرض ؟ قال : ( كالغيث إذا استدبرته الريح ، فيأتي على القوم ، فيدعوهم ، فيأمنون به ، ويستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر ، والأرض فتُنبت ، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً ، وأسبغه ضروعاً ، وأمده خواصر ، ثم يأتي القوم ، فيدعوهم ، فيردون عليه قوله ، فينصرف عنهم ، ، فيصبحون ممحِلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ، ويمر بالخربة ، فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً ، فيضربه بالسيف ، فيقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه ، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك ) صحيح مسلم .
[ سارحتهم ] : السارحة هي الماشية .
[ ذرا ] : بضم الذال المعجمة وهي الأعالي والأسنمة .
[ أسبغة ] : بالسين المهملة ، أي : أطوله لكثرة اللبن ، وكذا أمده خواصر لكثرة امتلائها من الشبع .
[ يعاسيب النحل ] : هي ذكور النحل . وقال القاضي عياض : [ أي جماعتها ، وأصل اليعسوب أمير النحل ، ويسمى كل سيد يعسوباً ، وإذا طار أمير النحل ، اتبعته جماعاتها ] .
وجاء في رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن هذا الرجل الذي يقتله الدجال من خيار الناس ، أو خير الناس ، يخرج إلى الدجال من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول للدجال : ( أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه . فيقول الدجال : أرأيتم أن قتلت هذا ثم أحييته ، هل تشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا . فيقتله ، ثم يحييه ، فيقول [ أي : الرجل ] : والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم ، فيريد الدجال أن يقتله ، فلا يسلَّط عليه ) .
وسبق ذكر رواية ابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه ... [ وفيها قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال ] : ( إن من فتنته أن يقول للإعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك ، أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه ، فيقولان : يا بني ! اتبعه ، فإنه ربك )
نسأل الله العافية ، ونعوذ به من الفتن .