بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
اخوتي الأعزاء أبناء هذا الموقع الشامخ ومرتاديه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة عندما تلقيت الدعوة من الأخوان القائمين على هذا الموقع بأن أكون ضيفا عليهم وفي حوار ونقاش مع من أحب , وسعدت كثيرا لما وجدت من حرارة الترحيب والإشادة والمقدمة الرائعة التي أتحفني بها المقدم العزيز الذي بذل جهدا في لملمة وريقات أبحاثي ليجعلها في ملزمة واحده , فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه الطيبين شرواكم .
تعجز الكلمات وتزدحم العبارات وتخجل المشاعر في أن تبدى أو تتجرأ على محاكاة نثركم وإبداعكم , إنما هي محاولة فإن أصبت فهو توفيق من الله , وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .
أعلم أنكم لم تعاجلوني بالأسئلة كرما منكم ولطف , وحسن استقبال, لكن إن سمحتم لي بأن أمهد للقاء وتكون البادرة من عندي فلا بأس .
إخوتي كما تعلمون أن التاريخ من العلوم المفيدة الممتعة تتداوله الأمم والأجيال , وتعشق قراءته وسماعه كل الفئات , فأربابه كثيرون , وعشاقه لا يحصون لما فيه من المتعة , ولما يعود على القارىء من فائدة .
كنت قد فرغت من مقال حول المنتديات القبلية وما يدور في أروقتها من تناول للتاريخ ,وأجد نفسي الآن أمام الظرف المناسب لطرح مثل هذا الموضوع , خلصت من خلال إطلاعي أن جل هذه المنتديات تتناول التاريخ بشقه السلبي من التاريخ القبلي , أكثر من الشق الإيجابي , وهذا مع الأسف نتيجة قلّة الوعي بأهمية التاريخ , فأجد مثلا عنوان قتلاكم منا أكثر من قتلانا منكم ! , والدليل فلان وفلان وسرد لأسماء الأجداد والأعمام .
إن تاريخنا القبلي مثله مثل تواريخ الأمم يحوي جانب إيجابي وجانب سلبي ,لكن الواجب نحو التاريخ السلبي هو أنه لا يجب أن يظهر , ويجب أن يكون هناك ضوابط له , ولا بأس أن يحفظ ,لكن يجب أن لا يطفو على السطح..
أطرح مثلا لذلك بين الدول : المانيا وفرنسا قامت بينهم المعارك الطاحنة ردحا من الزمن بسبب مقاطعتي الالزاس واللورين , سقط فيها الآلاف من القتلى , وهم الآن من أشد الدول صداقة , بل وتوحدت بينهم العملة , وأصبحا من أهم أعضاء الإتحاد الأوروبي , لم يظهروا الجانب السلبي رغم أنهم يحفظون أحداث الحرب في ذاكرتهم التاريخية , وفي أراشيفهم الوطنية , لكن لا يستحضرون ذلك الجانب , لكي لا يعكّر صفو العلاقة بينهم .
فما بالكم بقبائل يجمع بينهم دين واحد ,ولسان واحد, وعرق واحد , ووطن واحد !
أليسوا أجدر بتطبيق هذه النظرية ؟
نعم لحفظ التاريخ وجمعه لكن لا, ثم , لا , أن نظهر الجانب السلبي .
أما الجانب الإيجابي من تاريخنا القبلي فمليء , بالأخلاق الشريفة والقيم النبيلة كإكرام الضيف , ومراعاة حقوق الجار , والرفقة الطيبة , بل حتى في الجوانب السلبية ,نشاهد ومضات مشرقة , كقصة شيخ القوم الذي نبه على قومه أنه سيغزو في اليوم الفلاني , فليأخذ كل منكم زاده وراحلته وسلاحه , فلما خرجوا للمغزى , وبعد أيام , وصلوا لمرادهم إبل في مرعاها فقسّم العقيد كعادته القوم قسمين : مغير وكمي فلما أغارت المغيرة ضفّت البل وأنتظر الكمي الطلب , لأن أهل الإبل سوف يطلبون إبلهم , أنتظر الكمي فلم يأت أحد فلحقوا بقومهم اللذين أغاروا , وأخبروا شيخهم , أنه لم يأت أحد فندب الشيخ أحد رجاله اللذين يعتمد عليهم , بأن قال : أتنا بخبر أصحاب الإبل ولك أثنتين من خيار أباعري, لأن أهل هذه الابل لايتركونها تذهب هكذا .. , ذهب المرسول يسير مع طمان الأرض , لكي لايرى وأتى النزل قبل مطيح الشمس , وإذا بصبيه يلعبون في طرف العرب, فقرب منهم وسألهم عن العرب وعن رجالهم فاجابه أحد الصبيه بأن النزل مجدورين , أصابهم مرض الجدري , فهم بين مصاب ومجدّر , ليسوا بحال طيّب , فصدّر المرسول بالخبر , وأخبر الشيخ , فصاح الشيخ على قومه تكفون يالآد أبوي وجدّي , ردّوا الإبل لمفلاها , وعوضكم بمغزا غيره , العرب أهلها أغار عليهم الجدري قبلي , ويكفيهم , والله ما أغير على دربه يكفيهم ماهم فيه .
فتاريخنا فيه إيجابيات كثيره وفيه جانب سلبي _ ليعذرني المتلقي على أسلوب سردي للقصة الماضية لأن المقام يقتضي هذه الطريقة _ ,فالتاريخ شاق و شيق ومابينهم مابين الالف والياء من حروف.
فأشكركم أحبتي كل بأسمه سواء الصريح أو المستعار , وأقول أهلاٌ بأسئلتكم .