جاء في الموسوعة الفقهية (4/75 - 76) :
قرر الفقهاء أن جهة القبلة هي أشرف الجهات ، ولذا يستحب المحافظة عليها حين الجلوس لقوله صلى الله عليه وسلم : إن سيد المجالس ما استقبل القبلة .
قال صاحب الفروع : ويتجه في كل طاعة إلا لدليل .ا.هـ.
أما الحديث المذكور في الكلام الآنف فنصه :
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل شيء سيداً، وإن سيد المجالس قبالة القبلة " .
رواه الطبراني في الأوسط [ مجمع البحرين ( 3062) ] .
قال الهيثمي في المجمع (8/59) : رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن .ا.هـ.
وحسنه العلامة الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب (3/191 ح 3085) .
وجاء الحديث بلفظ آخر :
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكرم المجالس ما استقبل به القبلة .
رواه الطبراني [ مجمع البحرين (3063) ] .
قال الهيثمي في المجمع (8/59) : وفيه حمزة بن أبي حمزة وهو متروك .ا.هـ.
وللحديث ألفاظ أخرى ، وكلها ضعيفة .
قال المناوي في فيض القدير تعليقا على هذا الأمر :
( أشرف المجالس ) أي الجلسات التي يجلسها الإنسان لفعل نحو عبادة ، ويحتمل إرادة المجالس نفسها ( ما استقبل به القبلة ) أي الذي يستقبل الإنسان فيه الكعبة بأن يصير وجهه ومقدم بدنه تجاهها ، فاستقبال القبلة مطلقاً مطلوب ، لكنه في الصلاة واجب وخارجها مندوب .
قال الحليمي : وإذا ندب استقبال القبلة في كل مجلس فاستقبالها حال الدعاء أحق وآكد .
قال العراقي : الجهات الأربع قد خص منها جهة القبلة بالتشريف ، فالعدل أن يستقبل في الذكر والعبادة والوضوء ، وأن ينحرف عنها حال قضاء قضاء الحاجة وكشف العورة إظهاراً لفضل ما ظهر فضله .ا.هـ.
وقال أيضا :
( إن لكل شيء شرفاً ) أي رفعة ( وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة ) يشير إلى أن كل حركة وسكون من العبد على نظام العبودية بحسب نيته في يقظته ومنامه وقعوده وقيامه وشرابه وطعامه تشرف حالته بذلك فيتحرى القبلة في مجلسه ويستشعر هيئتها فلا يعبث فيسن المحافظة على استقبالها ما أمكن حتى للمدرس على الأصح وإنما سن استدبار الخطيب لأن المنبر يسن كونه بصدر المجلس فلو استقبل خرج عن مقاصد الخطاب لأنه يخاطب حينئذ من هو خلف ظهره .
قال الشريف السمهودي : نعم كان شيخي شيخ الإسلام الشرف المناوي يجلس لإلقاء الدرس مستدبرها والقوم امامه قياساً على الخطبة ويعللّه بما ذكر من أن ترك استقبال واحد أسهل من تركه لخلق كثير قال : ويستأنس له بما رواه الخطيب عن جابر : أقبل مغيث إلى مكحول فأوسع له بجنبه فأبى وجلس مقابل القبلة وقال هذا أشرف المجالس فالظاهر أن جلوس مكحول مستدبراً كان كذلك اهـ
والذي يظهر بعد هذه النقول أن ماورد الدليل باستقباله استقبلناه ، وما لم يرد الدليل فلا يفعل . والله أعلم .
للفائده منقوول