قال الشيخ أبو بكر بن ماهر المصري -حفظه الله- في الأسئلة الأمريكية:
((للتحميل بالصوت من هنا))
الدقيقة 3
السائل: السؤال الثاني, ما الفرق بين السنة التعبدية والسنة العادية؟ ومتى يمكن أن نفرق بينهما؟
الشيخ: (السنة التعبدية التي فعلها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على وجهٍ يُقصَد به التقرب إلي الله -عز وجل- ويُلحظ فيه التقرب إلي الله -عز وجل-، بخلاف السنة العادية، فهي ما لا يُلحظ فيه هذا المَلحظ وهو التقرب أو قصد التقرب إلي الله -عز وجل-, نعم، فـ يعني يدخلون في ذلك مثل مسألة الشعر .. إطالة الشعر، و .. يعني -ماذا؟- لُبس العمائم، ونحو ذلك، لكن نحن نقول -يعني- الأصل هو اتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- والسلف الصالح، سواء كان ذلك متعلقًا بسنن العبادة أو بسنن العادة, فسُنن العبادة لا إشكال في اتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، سنن العبادة .. أقول: سنن العبادة لا إشكال في اتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، وسنن العادة أيضًا يُتبع فيها النبي -عليه الصلاة والسلام-، كإطالة الشعر، وكذلك لبس العمائم، وكذلك -يعني- مثلاً كان يأكل كذا، ويحب كذا، ويكره كذا، من المطاعم أو المشارب، أو كذا، فهذا .. لو أن شخصًا اقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- من باب محبته للنبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه يُؤجَر على اتباعه للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في ذلك، لأنه فعل ذلك محبةً للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد وجدنا الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يَتْبَعون النبي -عليه الصلاة والسلام- في ما يحب وفي ما يكره حتى في باب المطاعم والمشارب، فعندنا في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه لما -يعني- كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يأكل خلاً، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نِعْمَ الإدام الخل)) فقال جابر: "فما زلت أحب الخل منذ سمعت الحديث من النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-" وقال أبو سفيان طلحة بن نافع راوي الحديث عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "فما زلت أحب الخل منذ سمعت الحديث من جابر".
وكذلك ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دُعي إلي طعام وبه دِبَّاء، والدباء هذا هو الفرع العسل يعرفه -يعني- العرب أو يعرفه -يعني- من يعرفه، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتتبع الدباء من حوالي الصحفة، قال أنس -رضي الله عنه-: "فما زلت أحب الدباء من يومئذ".
وكذلك لما أرسل إليه أبو أيوب الأنصاري بصُحفة فيها طعام وفيها بقول، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يأكل من هذه البقول، لم يأكل من هذه البقول، ففزع أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- و .. -يعني- قال: "أحرامٌ هو؟" قال: ((لا، ولكني أناجي من لا تناجي)) فقال أبو أيوب: "فإني أكره ما تكره".
فهنا ثبتت .. مع أن هذا من باب المطعم، ومن باب المشرب، والثوم والبصل مباح، ولكن أبا أيوب كره ما كرهه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وكذلك أنس، وكذلك جابر أحبا ما أحبه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وكذلك غير أنس، وغير جابر، وإن كان هذا متعلقًا بباب المطاعم والمشارب أو العادات، فكذلك نقول في باب العمائم، وكذلك نقول في باب الزي، وكذلك نقول في باب إطالة الشعر، وغير ذلك، مَنْ فَعَل هذه الأشياء التي هي من باب العادة، فإنه يؤجر الشخص على -يعني- اتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، لأنه ما فعلها إلا اقتداءً بالنبي، ومحبة للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-, تفضل.) اهـ