بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قـبـيـلـة خــزاعـــة
قبيلة عريقة شغلت حيزاً من تأريخ الحجاز ، وملأت كثيراً مما حول مكة ، ووليت البيت الحرام زمناً واختلف في نسبها ، فقيل : إنهم من عدنان ، من ولد قمعة بن إلياس بن مضر بن نزار ابن عد بن عدنان ، واسم قمعة عُمير ، ورجح ذلك ابن حزم في الجمهرة ، واحتج له بأحاديث تقوم بها الحجة ، وقيل من ولد الصلت بن النضر بن كنانة وعن ابن إسحاق قال : وخزاعة بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأسد بن الغوث ، وخندف أمهم ، وإنما سميت خزاعة لأنهم تخزعوا من ولد عمرو بن عامر حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام ، فنزلوا بمر الظهران فأقاموا به ، وممن ذكر أن خزاعة من قحطان ، أبو عبيدة معمر بن المثنى ، لأنه قال – فيما نقله عنه الزبير بن بكار - : فلما لم تتناه جرهم عن غيهم وتفرق أولاد عمرو بن عامر ( من اليمن ، فانخزع بنو حارثة ابن عمرو بن عامر ) فأوطنوا تهامة ، وسميت خزاعة : خزاعة كعب ، ومليح وسعد وعوف وعدي بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة ابن عمرو بن عامر ، وأسلم وملكان ابنا أفصى بن حارثة بن عمرو ابن عامر ، وقال ابن الكلبي : عمرو بن لحي هو أبو خزاعة كلها منه تفرقت وذكر أن لحياً هو ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة ، بن مازن بن الأزد بن الغوث ابن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، وقال ابن الكلبي : قوله عمرو بن ربيعة يعني عمرو بن لحي كعباً بطن ، وملحاً بطن ، وعد يا بطن ، وعوفاً وسعداً وكل من ولد ربيعة بن حارثة فهم خزاعة ، وإنما قيل لهم خزاعة : لأنهم تخزعوا من ولد عمرو بن عامر وتخلفوا عنهم وفارقوهم وكذلك يقال أيضاً : لبني أفصي بن حارثة لأنهم تخزعوا من ولد مازن بن الأزد في إقبالهم من اليمن ، ثم تفرقوا في البلدان ، وفي خزاعة بطون كثيرة قال محمد بن عبدة بن سليمان النسابة : افترقت خزاعة على أربعة شعوب : فالشعب الأول ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر الأسن بن ربيعة ، وهم بنو جفنة ، ويقال : جفنة الذين بالشام من غسان ، والشعب الثاني : أسلم بن أفصى ، والشعب الثالث : ملكان ، والشعب الرابع : مالك بن أفصى بن حارثة ابن عمرو بن عامر ، وقال : انما قيل لها خزاعة لأنها تخزعت عن عظم الأزد ، والانخزاع ، التقاعس والتخلف ، فأقامت بمر الظهران ، بجنبات الحرم وولوا حجابه البيت دهراً .
ولايتهم البيت :
وأختلف في سبب ولايتهم البيت ، وأرجح ما رأيت ، قيل : كانت ولاية البيت في إياد بن نزار بن معد بن عدنان ، فلما ثارت الفتن بين إياد ومضر أجليت إياد عن الحرم فحاولوا أن يحملوا الحجر الأسود فكانوا لا يحملونه على بعير إلا برك وعجز فعمدوا إلى دفنه تحت شجرة نكاية في مضر ، وكانت امرأة من خزاعة متزوجة في مضر فرأت ما فعلت إياد بالحجر الأسود ورأت أن فقد الحجر قد شق على بني مضر ، فقالت لقومها خزاعة خذوا ميثاقاً على القوم ليولنكم البيت إن أنتم دللتموهم على الحجر وأنا أخبركم به ، فوافقت مضر وأعطت خزاعة المواثيق فدلت تلك المرأة خزاعة على مكان الحجر ، فكان من يومها لخزاعة ولاية البيت إلى أن أجلاهم قصى جد النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي أخبارهم وتأريخهم اختلاف كثير ، وفي خبر تخزعهم يقول عوف بن أيوب الأنصاري الخزرجي وقيل غيره :
فلما هبطنا بطن مر تخزعت
خزاعة منا في حلول كراكر
حمت كل واد من تهامة واحتمت
بصم القنا والمرهفات البواتر
وقيل : إن ولاية البيت دامت في عمرو بن لحي وولده خمسمائة سنة ، حتى كان آخرهم حُليل بن حبيشة بن سلول بن كعب ، وقيل : إن عمرو بن لحي عمر ثلاثمائة وخمساً وأربعين سنة ، وهو أول من غير ملة إبراهيم ونصب الأصنام فتابعته العرب .
مساكنهم :
وقد ملأت خزاعة المنطقة الممتدة من جنوب غربي مكة إلى قرب وادي الصفراء في شريط من تهامة ممتد على جانبي الطريق العام بين مكة والمدينة ، فكانت تجاورها من الغرب بنو كنانة ، ومن الشرق هذيل في جنوب مكة ، وقريش حول مكة ، وسليم بن منصور شمال مكة ، وكانت لهم من المواضع : مر الظهران ، وعسفان ، وخُليص ، وقديد ، والجحفة ، والسائرة (حجر الآن) وشطر من الأبواء ، وعد صاحب معجم قبائل العرب في بطونهم : بنو المصطلق ، وبنو سعد بن عمرو بن لحي ، وبنو كعب بن عمرو ، وبنو عدي بن عمرو ، وبنو مليح ابن عمرو ، وبنو عوف بن عمرو .
ومن حوادثهم التأريخية :
إن ولاية البيت كانت في كعب بن عمرو بن لحي ، فرغبت قيس بن عيلان في البيت وطمعوا أن ينزعوه منهم ، فساروا ومعهم قبائل من العرب ورأسوا عليهم عامر بن الظرب العدواني ، فساروا إلى مكة في جمع ، فخرجت إليهم خزاعة ، فاقتتلوا فهزمت قيس وكان بين خزاعة وكنانة حلف على التناصر ، والتعاضد على سائر الناس ، فاقتتلت خزاعة وبنو أسد فاعتلتها بنو أسد ، فأستعانت خزاعة ببني كنانة ، فذكر الشداخ قرابة بني أسد ، فخذل كنانة عن نصرة خزاعة ، وعدت بنو بكر بن عبد مناة على خزاعة ، وهم على ماء لهم بأسفل مكة ، يقال له الوتير ، فاقتتلوا ، وقد أعانت قريش بنو بكر على خزاعة ، وبعد صلح الحديبية دخلت بنو بكر في عهد قريش ، ودخلت خزاعة عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وشاركت خزاعة في فتح مكة ويوم حنين ، وانضمت إلى علي كرم الله وجهه سنة 37 هـ ، ويروي صاحب معجم قبائل العرب – ذيلاً : وقال أبو عبيد : وعمرو هذا يعني مزيقياء أبو خزاعة كلها ، وقال القاضي عياض : المعروف في نسب خزاعة أنه عمرو بن لحي ابن قمعة بن إلياس بن مضر ، وإنما عامر عم أبيه أخو قمعة ، وقال ابن عبد البرفي الأنباء : اختلفوا في خزاعة بعد إجماعهم على أنهم ولد عمرو بن لحي ، فقال ابن أسحق ومصعب بن الزبير : خزاعة في مضر ، وهم من ولد قمعة بن إلياس – إلخ ...
وقال ابن خلدون : خزاعة من قمعة من حندف بن إلياس بن مضر وهم بنو خزاعة بن عمرو بن لحي وهو ربيعة بن عامر بن قمعة واسمه حارثة بن عمرو بن لحي ، وفي عون الباري على هامش نيل الأوطار : اختلف في نسب خزاعة مع الاتفاق على أنهم من ولد عمرو بن لحي .
وكان كثير عزة الشاعر قد انتسب إلى كنانة فقال : إن قومه من ولد الصلت بن النضر (قريش) بن كنانة ، فأنكرت عليه خزاعة ذلك وهجاه كثيرون بسبب هذا الانتساب ، وقال له عبد الملك بن مروان : ويحك الحق بقومك خزاعة ، فاخبره أنه من كنانة قريش ، وأنشد :
أليس أبي بالصلت أم ليس أسرتي
لكل هجال من بني النضر أزهرا
ويظهر في هذه الرواية أن كثيراً لم ينسب كل خزاعة إلى كنانة ، وإنما أرد قومه بني مليح بن عمرو ، وقد تواترت عن النسابين إن الصلت لم يعقب .
وتقسم بقايا خزاعة اليوم إلى :
1- خزاعة الوادي :
وهم سكان دف خزاعة بمر الظهران شمال غربي مكة ولهم زراعة في بر صمدة كانت تسقي بعين البحرين فانقطعت فاستوطن أكثرهم مكة ، وقال شيخ خزاعي وجدته في الساقية من عرنة ، يوم 19 ربيع الثاني سنة 1400 هـ : يقال الخزاعة الوادي : ذوو مدة .
2- خزاعة البر :
وهم بادية رحل يسكنون المنطقة الواقعة بين الحديبية شمالاً إلى قرب وادي البيضاء جنوب مكة ، ولهم حجة تذكر دياراً كثيرة خرجت اليوم من أيديهم ، وهذه الحدود : درب الحب شمالاً ، وجنوب وادي ملكان جنوباً ، والسوق الصغير بمكة ودرب المعرفات شرقاً ، وغرباً جبل عمر وسمته مما أشرف على الساحل ، وارجع معجم معالم الحجاز عن هذه الأماكن ، وقد دخلت جالية من الموركة من البقوم ديار خزاعة فاستوطنتها ، وثار النزاع بين القبيلتين فخسرت خزاعة القضية ، كما استوطن هذه الديار بطن من زبيد من حرب يسمى المجانين دخلوا في لحيان ، وتقسم خزاعة البر إلى : الطلحة ، والنسبة إليهم طليحي ، والصقارية ، والنسبة إليهم صقري ، وأضاف الخزاعي صاحب الساقية ، الآنف ذكره : الشماريه ، واحدهم شمراني ، اهل إبل ، من فروعهم : آل عواد ، وآل عايد ، وآل مبارك ، والغطشان ، ومن فروح الطلحة : ذوو رداد ، وذوو سراج ، وذوو عويض وذوو حنيش ، والقواسية ، ثم قال : أما الصقارية فهم ثلاثة (رجاجيل) أي رجال ، وقد نزلوا الوادي أي مر الظهران ولم يبق منهم أحد في البر ، وقد تحضر أكثر خزاعة البر في مكة ، ويقدر من بقى منهم في ديارهم بمائة وخمسين بيتاً فقط .
المراجع
1- معجم قبائل الحجاز
2- تأليف : عاتق بن غيث البلادي
3- الحماسه للتبريزي
4- الأغاني للأصفهاني
5- تاريخ الطبري
6- ابي الفداء
7- معجم البلدان لياقوت
8- الصحاح للجوهري
معجم قبائل العرب لعمر رضا كحالة
مع تحيات أخيكم الأستاذ / مطر بن خلف الثبيتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته