أصدقائي ...و أخوتي
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
طالعت حديثا على موقع د. رامز طه لأساليب العلاج النفسي الحديثةwww.rameztaha.net تفاصيل الندوة التي أقيمت بالمكتب الثقافي بالسفارة المصرية بالكويت و التي دارت حول الرد على إساءة البابا لشخصية الرسول ( ص ) ...
أحب أن أتشارك معكم هذا المقال نص هذه الندوة و تفاصيلها لأني وجدت بها ردودا حاسمة لبعض النقاط التي طالما أثيرت حول الإسلام و مدى صدق مقولة انتشاره بحد السيف و غيرها من الاتهامات المجحفة
أرجو منكم المشاركة بالرأي
ردا على إساءة البابا لشخصية الرسول ( ص )
محاضرة بالمكتب الثقافي ( السفارة المصرية ) بالكويت
دراسة سمات شخصية الرسول ( ص )
تكشف أكاذيب العنف والعدوانية
انتشار الإسلام بحد السيف كذب وبهتان:
إساءة جديدة تستهدف الإسلام بل وشخص الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – من قبل بابا الفاتيكان و لم تلق معارضة المسلمين فقط بل و معارضة الملايين من الأخوة المسيحيين المعتدلين فى كافة أرجاء العالم, ونحن على يقين انه لن يقتنع الغرب – خاصة الذين لم تصلهم معلومات صحيحة عن الإسلام إلا من خلال خطاب عصري علمي وأسلوب ومنهج خال من الخطابة أو البلاغة أو الحماس و الانفعال.. من هنا كان لابد من تحليل علمي يفند الادعاءات الظالمة الجائرة التي تصف الرسول بالميل إلى العنف ونشر الإسلام بالسيف, ويخاطب العقل الغربي بلغته و بأدوات وأسلوب العصر ويشرح الحقائق بتجرد و موضوعية .
ما هى الشخصية ؟
ما هى ملامح وسمات وصفات شخصية الرسول الكريم ؟
وهل يمكن إثباتها علميا لتصبح حجة لا يستطيع أحد أن ينفيها بشائعة مغرضة أو أكذوبة حاقدة.. ؟
دعنا نبدأ أولا بتعريف الشخصية بشكل عام : الشخصية هي مجموع السمات ( السلوكيات المتكررة ) والصفات والملامح النفسية والذهنية والسلوكية , فهي التفكير والوجدان والميول والاهتمامات وسلوكيات الفرد في المواقف العادية والمواقف الضاغطة
.
السمات .. بصمة الشخصية :
كان الناس يحكمون على شخصية الفرد من خلال انطباعات عامة لتصرفاته في موقف أو موقفين , ودون وضع الظروف أو السياق في الاعتبار .. فتجد من يصف شخصا بأنه لطيف أو ذوق أو مهذب .. الخ .. أو يصف آخر بأنه ثقيل الظل , ضعيف أو متكبر .. الخ .
وبتقدم علوم النفس وأبحاث الشخصية أصبحت هذه الانطباعات والآراء غير ذات قيمة .. وكثيرا ما تؤدى إلى الانخداع وتكوين آراء متحيزة خاطئة عن الناس .. وأصبح لمعرفة اى شخصية بدقة لابد من دراستها دراسة تحليلية من زوايا وجوانب مختلفة ومن إبعاد متعددة .. تسمى بالسمات Traits .
والسمة هي استعداد دينامى أو ميل لتكرار نوع معين من السلوك بطريقة ثابتة نسبيا ..
والسمات لا يمكن ملاحظتها مباشرة ولكنها تحدد من خلال ملاحظة سلوك الفرد لفترة من الزمن .. ويعتبر العالم : جوردون ألبورت Gordon W.Allport صاحب الجهد الأكبر في هذا المجال .
سمات العنف والعدوانية :
تتميز نشأة أغلب الشخصيات العدوانية التي تميل إلى العنف والقهر بأنها عاشت مرحلة طفولة قاسية , وتظهر بعض علامات ودلالات ذلك السلوك العدواني في مرحلة الطفولة ثم تبلغ أقصاها في مرحلة المراهقة والشباب وتبدأ في التناقص في سن الأربعين وما يليها .
وتؤكد دراسات عديدة أن اغلب الطغاة والمستبدين قد مروا بظروف عائلية أو اجتماعية انعدم فيها الحب والعطف وسادت الكراهية والنبذ والحقد , وهناك نماذج عديدة وشهيرة لطفولة الطواغيت الذين سفكوا دماء الملايين من البشر , واغلبهم من خارج عالمنا العربي و الاسلامى , ومنهم على سبيل المثال قيصر روسيا الأول "ايفان " والزعيم النازي " هتلر" والرئيس الصربي السابق
" ميلوسوفيتش" .. هؤلاء اشتركوا جميعا فى ملامح الطفولة البائسة المشردة فأذاقوا العالم مرارة الذل والرعب وسفك الدماء.
ولا يظهر العنف والعدائية فى سلوك كل من تعرض لطفولة قاسية أو ضغوط شديدة, وإنما يشترط وجود الاستعداد البيولوجي والنفسي اى انه جماع الوراثة والبيئة .
أما رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم - فتشهد نشأته بمكارم الأخلاق , ولم يختلف فى ذلك كل من درس حياته وسيرته من مسلمين وغير مسلمين , ولم يجادل احد فى ان قريش لقبته بالصادق الأمين وكان لين الجانب طيب المعاملة , هادئ الطبع مهذبا بشوشا , لا يغضب ولا يستثار بسهولة , مسالم لا يميل الى العنف .
السمات المفتاحية فى الشخصية العدوانية :
هناك صفات وسمات محورية في مثل تلك الشخصيات أهمها اللامبالاة وعدم الإحساس بمشاعر الآخرين والأنانية الشديدة.
ويعتمد البناء النفسي لتلك الشخصيات على ما يسمى فى علم النفس بمبدأ اللذة وتجاهل الواقع , لذلك ينطلق الشخص العدواني لتحقيق دوافعه الغريزية للحصول على اللذة بدون اعتبار للواقع ومعاييره و أخلاقياته , وينكشف وتفضحه رغباته ونزواته مهما بلغت براعته في التحايل والخداع .
و تلك الشخصية تفرط في توجيه عدوانها إلى موضوعات خارجية ( سادية ) ثم تعانى بعدها – لا شعوريا – من ارتداد قدر كبير من ذلك العدوان إلى الذات لتقلق وتتعذب به ( مازوخية ) فهي قد تشعر بالشبع ولكنها لا تشعر بالطمأنينة والسعادة ولا ترضى أبدا .
الشخصيات العنيفة لا تعرف التسامح أو الرحمة :
إن الشخصية التي تميل إلى العنف وقهر الأخر بالسيف أو غيره هي شخصية ذات طباع ومفاهيم ابعد ما تكون عن شخصية الرسول الكريم .. فهي شخصية تعانى من :
1- الشعور بالعظمة والتميز والمغالاة الشديدة فى تقدير الذات, وقد يصاحب ذلك ما يسمى بالنرجسية أو عشق الذات .
2- التمركز الشديد حول الذات وعدم الاستماع للآخر أو الشعور به .
3- العدوانية : وممارسة العنف بصورة سافرة أو العدوان السلبي بأنواعه المختلفة مثل السخرية من الآخر أو تجاهله .. الخ .
4- انعدام التسامح والرحمة , والافتقار إلى الضمير الاخلاقى واجترار مشاعر الكراهية والشك وعدم قبول الأخر .
هل يختلف السلوك فى حالة ثبات السمة ؟
نعم .. ولكن فى حدود ( كدرجات اللون الواحد ) :
• سلوك الشخص في عمله أو مع بعض أقاربه قد يختلف عنه مع جيرانه أو مع الأصدقاء .
• انقسم العلماء حول وجود سمات عامة ثابتة ثباتا مطلقا , تتكرر بكثرة كأنها بصمة الشخصية , ومن ناحية أخرى يؤكد علماء السلوكية ان الشخصية لا تتكون من سمات عامة ثابتة ثباتا مطلقا , بل من مجموعة سمات أو عادات نوعية يحكمها الموقف الذي حدثت فيه , بمعنى ان سلوك الفرد مقيد بالموقف والظروف والسياق الذي حدث فيه .ويفهم من هذا أنه لا معنى للقول بأن فلانا صبور أو أمين .. بوجه عام ( من وجهة نظر هؤلاء العلماء ) .
سمات شخصية الرسول الثابتة تتضح بتكرار تطبيق الأحاديث الشريفة فى مواقف مختلفة من السيرة المحمدية ( خاصة تحت الضغوط ) مع أخذ السياق والظروف فى الاعتبار .
• عند دراسة سمات شخصية الرسول – صلى الله عليه وسلم – تقابلنا أكبر عقبة , ألا وهى التحيزية ( Subjectivity) والتي يقع فيها الكثير من الباحثين فى مجالات دراسة الأنماط والقيم والاتجاهات السلوكية والسمات .. حيث يتعذر تحقيق درجة عالية من الموضوعية ( Objectivity ) نظرا لما يتمتع به الرسول الكريم من حب راسخ فى قلوب المسلمين . ولقد حاولت توخي الموضوعية قدر ما أستطيع و لكنى انتهيت إلى أن هذا البحث من الأفضل أن يصنف تحت عنوان : " فروض وتساؤلات حول شخصية الرسول " .. أو " وجهة نظر ".
• الأحاديث النبوية الشريفة ستظل لها مكانتها كمصدر هام لأقوال الرسول – ص - فهي التوجيه والتطبيق العملي الراشد والصادق لكتاب الله العظيم : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فى حجة الوداع :
" .. قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا, أمرا بينا , كتاب الله وسنة نبيه " .
ويمكننا الاستعانة في هذه الدراسة بعدد من الأحاديث الشريفة التي تنم عن التوجيه والإرشاد لمكارم الأخلاق وحسن السلوكيات التي كانت الشغل الشاغل للرسول العظيم , على أن تكون هذه الأحاديث قد تكررت مرات عديدة وفى مواقف متباينة - قولا وفعلا - فى حياة الرسول الكريم , وفى ظروف يسر وعسر وضغوط متباينة الشدة .. ومنها :
• " من لا يرحم لا يُرحم "
• " ما من مسلم غرس غرسا فأكل منه إنسان أو دابة إلا كان له صدقة "
• "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه "
• " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره, ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "
• " الكلمة الطيبة صدقة "
• " ليس الشديد بالصرعة , إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب " .....
وجميعها تؤكد السمات الايجابية الثابتة التي تظهر بدرجاتها المختلفة فى الظروف المهيأة أو الضاغطة .. و إنها لم تكن تختفي وتظهر تبعا لمنفعة أو تقربا من صاحب جاه أو خوفا من صاحب سلطة ونفوذ .
ويشهد تاريخ الرسول – ص - كما جاء فى آلاف الأبحاث والدراسات التى صدرت من علماء من الشرق والغرب انه منذ صباه حتى وفاته – رحمه الله – كان يتسم بالحياء , عفيف النفس لا تحركه الغرائز ولا تتحكم فيه الرغبات والشهوات الدنيوية الزائلة , فقد كان قدوة فى التسامح والعفو والصفح , وكان يطبق ذلك عمليا ويقدم النموذج تلو الآخر في ضبط النفس ( النمذجة ) , فكان قمة الإعجاز السلوكي خاصة فى تطبيق الآيات الكريمة : " فمن عفا وأصلح فأجره على الله " ( الشورى 40 ) .. " كما قدم النموذج الأمثل في كظم الغيظ والصفح والعفو والإحسان وفى تطبيق قوله تعالى .." ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم ".. ( فصلت 34 ) .
ولقد اصبح من المؤكد – طبقا لدراسات الشخصية - ان السمات التي تظهر منذ الطفولة المبكرة والسمات التى يتكرر ظهورها فى المواقف المختلفة و تستمر لفترات طويلة خلال مراحل النمو لا يمكن تغييرها أو إخفائها او إبدالها بسمات معاكسة متناقضة , لذلك فان قول بابا الفاتيكان وغيره بان الرسول الكريم كان متسامحا صبورا لمدة 50 عاما أو أكثر تصنعا لأنه كان ضعيفا – معاذ الله - ثم ظهرت عليه سمات وطباع العنف والعدوانية التي أخفاها طوال عمره حين قويت شوكته فنشر الإسلام بالسيف !!! هو كذب وبهتان و قول ينافى كل الحقائق والدراسات العلمية ويجافى العقل والمنطق , ليس فقط لانه يتناقض مع حقائق ابحاث ودراسات الشخصية والسمات بل لانه يتناقض ايضا مع الحقائق التاريخية التى تقول ان الإعداد الجبارة من سكان جنوب شرق آسيا تلهفوا على الدخول فى الإسلام من حسن أخلاقيات وطباع التجار المسلمين , وكذلك كان الحال فى وسط وجنوب إفريقيا وبعض دول أوربا .
ويؤكد " كارلايل " وهو أحد كبار الكتاب الإنجليز صدق واستقامة الرسول الكريم قائلا : " هل من المعقول أن تكون هذه الرسالة التي عاشت عليها هذه الملايين , وماتت , أكذوبة كاذب أو خديعة مخادع ؟ .. لو إن الكذب والتضليل يروجان عند الخلق هذا الرواج الكبير لأصبحت الحياة سخفا وعبثا.. وكان الأجدر بها ألا توجد .... وما رسالة محمد التي أداها إلا الصدق والحق .. ".
كما يؤكد نفس المفهوم " تولستوي " أديب وكاتب روسيا الأعظم : " لا ريب إن هذا النبي من كبار الرجال المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة , ويكفيه فخرا انه هدى امة برمتها إلى نور الحق , وجعلها تجنح للسلام , وتكف عن سفك الدم وتقديم الضحايا .. " ..
دكتور : رامز طه
www.rameztaha.net