قبيلة كندة الكهلانية القحطانية هي إحدى قبائل العرب العريقة والتي أكرمها الله سبحانه وتعالى بأن وفدت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآمنت به طوعاً، وهذا بعض ما ذكره أهل التاريخ والسير عن وفادتهم وإسلامهم.
وفد عامة كِنْدة ومَلكها .
ذكر ابن هشام في السيرة وابن كثير في البداية وابن القيّم في زاد المعاد عن وفد كندة فقالوا:
قال ابن إسحاق حدثني الزهري قال : قدم الأشعث بن قيس سيد كندة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمانين أو ستين راكبا من كندة ، فدخلوا عليه صلى الله عليه وسلم مسجده، وقد رجلوا جممهم وتسلحوا ولبسوا جباب الحبرات مكففة بالحرير، فلما دخلوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أولم تسلموا ؟ قالوا : بلى. قال : فما بال هذا الحرير في أعناقكم ؟ فشقوه ونزعوه وألقوه ، ثم قال الأشعث : يا رسول الله نحن بنو آكل المرار، وأنت ابن آكل المرار، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ناسبوا بهذا النسب ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب.
قال الزهري وابن إسحاق : كانا تاجرين، وكانا إذا سارا في أرض العرب ، فسئلا من أنتما ؟ قالا : نحن بنو آكل المرار يتعززون بذلك في العرب ويدفعون به عن أنفسهم ؛ لأن بني آكل المرار من كندة كانوا ملوكا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا .
والمرار : هو شجر من شجر البوادي ، وآكل المرار : هو الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن كندة ، وللنبي صلى الله عليه وسلم جدة من كندة مذكورة ، وهي أم كلاب بن مرة ، وإياها أراد الأشعث.
قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا علي بن ثابت ، حدثنا أبو المهاجر ، عن ميمون بن مهران ، قال : أول من مشت معه الرجال و هو راكب : الأشعث بن قيس .
وفد تُجِيب بن السُكُون من كِنْدة.
ذكر ابن هشام في السيرة وابن كثير في البداية وابن القيّم في زاد المعاد عن وفد تجيب فقالوا :
وقدم عليه صلى الله عليه وسلم وفد تجيب وهم من السكون ثلاثة عشر رجلا قد ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله عليهم ، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وأكرم منزلهم ، وقالوا : يا رسول الله : سقنا إليك حق الله في أموالنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ردوها فاقسموها على فقرائكم، قالوا : يا رسول الله ما قدمنا عليك إلا بما فضل عن فقرائنا ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ما وفد من العرب بمثل ما وفد به هذا الحي من تجيب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الهدى بيد الله عز وجل ، فمن أراد به خيرا شرح صدره للإيمان، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء ، فكتب لهم بها ، وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن ، فازداد رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم رغبة ، وأمر بلالا أن يحسن ضيافتهم ، فأقاموا أياما ولم يطيلوا اللبث ، فقيل لهم : ما يعجبكم ؟ فقالوا : نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلامنا إياه ، وما رد علينا ، ثم جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعونه ، فأرسل إليهم بلالا فأجازهم بأرفع ما كان يجيز به الوفود . قال : " هل بقي منكم أحد ؟ " قالوا : نعم . غلام خلفناه على رحالنا هو أحدثنا سنا ، قال : " أرسلوه إلينا " ، فلما رجعوا إلى رحالهم ، قالوا للغلام : انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاقض حاجتك منه ، فإنا قد قضينا حوائجنا منه وودعناه ، فأقبل الغلام حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني امرؤ من بني أبذى ، يقول : من الرهط الذين أتوك آنفا ، فقضيت حوائجهم ، فاقض حاجتي يا رسول الله . قال : " وما حاجتك ؟ " ، قال إن حاجتي ليست كحاجة أصحابي ، وإن كانوا قدموا راغبين في الإسلام ، وساقوا ما ساقوا من صدقاتهم ، وإني والله ما أعملني من بلادي إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لي ويرحمني ، وأن يجعل غناي في قلبي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل إلى الغلام (( اللهم اغفر له وارحمه، واجعل غناه في قلبه )) ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه، فانطلقوا راجعين إلى أهليهم، ثم وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم بمنى سنة عشر، فقالوا : نحن بنو أبذى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما فعل الغلام الذي أتاني معكم ؟ قالوا : يا رسول الله، ما رأينا مثله قط ولا حدثنا بأقنع منه بما رزقه الله، لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت إليها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( الحمد لله إني لأرجو أن يموت جميعا )) فقال رجل منهم : أوليس يموت الرجل جميعا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تشعب أهواؤه وهمومه في أودية الدنيا ، فلعل أجله أن يدركه في بعض تلك الأودية فلا يبالي الله عز وجل في أيها هلك. قالوا : فعاش ذلك الغلام فينا على أفضل حال وأزهده في الدنيا وأقنعه بما رزق ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من رجع من أهل اليمن عن الإسلام ، قام في قومه فذكرهم الله والإسلام ، فلم يرجع منهم أحد ، وجعل أبو بكر الصديق يذكره ويسأل عنه حتى بلغه حاله وما قام به فكتب إلى زياد بن لبيد يوصيه به خيرا .
وفد الصّدِف (بكسر الدال) من كندة.
ذكر ابن هشام في السيرة و ابن كثير في البداية في وفد الصدف فقالوا:
قدموا في بضعة عشر راكبا فصادفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر، فجلسوا ولم يسلموا فقال: أمسلمون أنتم ؟ قالوا نعم، قال : فهلا سلمتم، فقاموا قياما فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. فقال : وعليكم السلام اجلسوا. فجلسوا وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أوقات الصلوات.
وفادة وائل بن حجر بن ربيعة بن وائل بن يعمر الحضرمي وقيل الكندي أبي هنيدة أحد ملوك اليمن.
قال أبو عمر بن عبد البر في الإستيعاب وابن كثير في البداية عنه :
كان أحد أقيال حضرموت وكان أبوه من ملوكهم. ويقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه قبل قدومه به وقال : يأتيكم بقية أبناء الملوك . فلما دخل رحب به وأدناه من نفسه وقرب مجلسه وبسط له رداءه ، وقال : اللهم بارك في وائل وولده وولد ولده . واستعمله على الأقيال من حضرموت ، وكتب معه ثلاث كتب منها كتاب إلى المهاجر بن أبي أمية وكتاب إلى الأقيال والعباهلة وأقطعه أرضا ، وأرسل معه معاوية بن أبي سفيان ، فخرج معه راجلا فشكى إليه معاوية حر الرمضاء ، فقال : انتعل ظل الناقة . فقال : وما يغني عني ذلك ؟ لو جعلتني ردفا . فقال له وائل : اسكت فلست من أرداف الملوك . ثم عاش وائل بن حجر حتى وفد على معاوية وهو أمير المؤمنين فعرفه معاوية ، فرحب به وقربه وأدناه ، وأذكره الحديث ، وعرض عليه جائزة سنية فأبى أن يأخذها ، وقال : أعطها من هو أحوج إليها مني . وأورد الحافظ البيهقي بعض هذا ، وأشار إلى أن البخاري في " التاريخ " روى في ذلك شيئا .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، أنبأنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضا . قال : فأرسل معي معاوية أن أعطها إياه - أو قال : أعلمها إياه - قال : فقال معاوية : أردفني خلفك . فقلت : لا تكون من أرداف الملوك . قال : فقال : أعطني نعلك . فقلت : انتعل ظل الناقة . قال : فلما استخلف معاوية أتيته ، فأقعدني معه على السرير ، فذكرني الحديث . قال سماك : فقال : وددت أني كنت حملته بين يدي . وقد رواه أبو داود ، والترمذي من حديث شعبة ، وقال الترمذي : صحيح.
والحمدلله الذي تتم بنعمته الصالحات