** خرج المهدي يتصيّد، فغار به فرسه حتى وقع في خباء أعرابي، فقال: يا أعرابي هل من قرى (أي طعام الضيف)؟
فأخرج له قرص شعير، فأكله، ثمّ أخرج له فضلة من لبن فسقاه، ثمّ أتاه بنبيذ في ركوة فسقاه، فلما شرب قال: أتدري من أنا؟ قال: لا، قال: أنا من خدم أمير المؤمنين الخاصة، قال: بارك الله لك في موضعك، ثمّ سقاه مرة أخرى، فشرب فقال: يا أعرابي، أتدري من أنا؟
قال: زعمت أنك من خدم أمير المؤمنين الخاصة، قال: لا، أنا من قوّاد أمير المؤمنين، قال: رحبت بلادك، وطاب مرادك، ثمّ سقاه الثالثة، فلما فرغ قال: يا أعرابي، أتدري من أنا؟ قال: زعمت انك من قوّاد أمير المؤمنين، قال: لا، ولكني أمير المؤمنين.
قال: فأخذ الأعرابي الركوة فوكأها، وقال: إليك عني، فوالله لو شربت الرابعة لادعيت أنّك رسول الله، فضحك المهدي حتى غشي عليه، ثمّ أحاطت به الخيل، ونزلت إليه الملوك والأشراف، فطار قلب الأعرابي، فقال له: لا بأس عليك ولا خوف، ثمّ أمر له بكسوة، ومال جزيل.
نوادر القضاة:
** تحاكم الرشيد وزبيدة إلى أبي يوسف القاضي في الفالوذج واللوزينج أيهما أطيب؟ فقال أبو يوسف: أنا لا أحكم على غائب!!، فأمر الرشيد بإحضارهما، وقدما بين يدي أبي يوسف، فجعل يأكل من هذا مرة ومن هذا مرة حتى نصف الجامين، ثم قال: يا أمير المؤمنين ما رأيت أعدل منهما، كلما أردت أن أحكم لأحدهما أتى الآخر بحجته.
نوادر النحاة:
** كان لبعضهم ولد نحوي يتقعر في كلامه، فاعتل أبوه علّة شديدة أشرف منها على الموت، فاجتمع عليه أولاده، وقالوا له: ندعو لك فلاناً أخانا، قال: لا إن جاءني قتلني، فقالوا: نحن نوصيه أن لا يتكلم، فدعوه فلما دخل عليه قال له: يا أبتِ قل لا إله إلا الله تدخل بها الجنة، وتفوز من النار، يا أبتِ والله ما أشغلني عنك إلا فلان، فإنه دعاني بالأمس، فأهرس وأعدس، واستبذج وسكبج، وطهبج وأفرج، ودجج وأبصل، وأمضر ولوزج، وافلوزج، فصاح أبوه غمضوني، فقد سبق ابن ال...... ملك الموت إلى قبض روحي.
** عاد بعضهم نحوياً فقال: ما الذي تشكوه؟ قال: حمى جاسية، نارها حامية، منها الأعضاء واهية، والعظام بالية، فقال له: لا شافاك الله بعافية، يا ليتها كانت القاضية.