بوعي (أو دون وعي) كنا نخطط للوصول إلى هذا الزمن، دون أن نعرف ملامحه أو شكل دقائقه وثوانيه!
وهذا "الزمن" لم يكن عسكرياً، أو سياسياً، أو اقتصادياً.. فقط بل كان - ولايزال - يدخل بالتفاصيل الصغيرة:
منذ عقدين، كنا نصر - ومانزال - على أن فناننا هو "فنان العرب"
وعلى أن رياضنا هي "عاصمة العرب"
وعلى أن لاعبنا هو "هدّاف العرب"
و"كبستنا".. التي صارت تنافس الفول والطعمية، والتبولة، والكسكسي في عقر دورها.. في طريقها إلى أن تكون سيدة المائدة العربية!
(2)
كان عرب "المركز" يتضايقون من تقدّم عرب "الأطراف"!
هم الذين وصفوا صحافتنا، والأقلام التي تكتب بها، بصحافة "البترودولار"
وأدخلونا رواياتهم كأبطال سيئين: يسرقون الحبيبة من حبيبها، ويشترون "البطل" بحفنة من الريالات!
بل إن "يوسف شاهين" حملنا مسؤولية ما يسمى بـ"سينما المقاولات".. عندما قام "أحدنا" بسرقة بطله منه في فيلمه الجميل "حدوته مصرية"!
(3)
هل حقاً نعيش في "الزمن السعودي".. أم إننا نتوهمه؟
(4)
في الوقت الذي كان يحكم لبنان رفيق الحريري "سعودي الجنسية"
ورئيس جمهورية العراق الياور "سعودي الجنسية"
تم تشكيل حكومة مصرية، أحد أعضائها وزير "سعودي الجنسية"..
وكاد أن يخرج من الوزارة...
وقتها، قال لي أحد البسطاء، بفخر: وقادة الجهاد في كل مكان سعوديون أيضا..
التفت لي الذي بجانبه، وقال، بعد أن أطفأ سيجارته: والإرهاب.. كذلك!
(5)
عندما نغضب من مصر.. ننسى الثورة، وعدد البلاد العربية التي استقلت وقتها..
وأساتذة مصر، وأطباءها، وعمالها الذين بنوا البلاد.. وشهداءها الذين رووا الأرض بدمائهم... ولا نتذكر من "الزمن المصري" إلا: اهتزازات أرداف الراقصات وصوت "أحمد سعيد" الذي يبشرنا بالنصر في ذروة الهزيمة!
ومذكرات المعتقلين الذين مروا على زنازين المخابرات وسجونها.
ترى، ما الذي سيقوله الأشقاء والأصدقاء عن "الزمن السعودي" عندما يغضبون منا؟
(6)
صارت الإنترنت بمواقعها المهمة سعودية
صار الفضاء التلفزيوني سعودياً (بغض النظر عما تشاهده خلاله)
صارت الصحف والمجلات سعودية (بغض النظر عما يكتب فيها)
صارت المسابقات، تعد الفائزين بملايين "الريالات"، حتى وهي تعرض
في بلاد "الجنيهات" و"الدنانير" و"الدراهم"!
صار التوقيت يضبط على ساعة "الرياض".
ولكن:
هل نحن مستعدون لهذا "الزمن" وتبعاته؟
هل نتحمل تكاليفه، ونعي قيمته؟
هل نستغله بشكل جيّد؟
هل............؟
(7)
أيها الأشقاء، والأصدقاء:
اضبطوا "ساعاتكم" على الزمن السعودي، لكي تستطيعوا متابعة برامجكم المفضلة.
ولست مسؤولا عما ستفعله بكم "عقاربها"، سواء "لدغتكم" أو دغدغتكم!
محمد الرطيان
*نقلا عن جريدة "الوطن" السعودية