بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمة:
تكثر علامات الإستفهام من الجمهور حول بعض أبيات المحاورة . ويتنوّع التساؤل فهناك كيف ؟ , لماذا ؟ , ماهي؟ , أي ؟ .. و .. ؟؟؟ .. إلخ . من التساؤلات التي تنصب في إطار محاولة إدراك المعنى .. ويكثر النقّاد و تكثر وجهات النظر والتحليل في نفس الوقت .
ولهذا السبب فقد أجريت هذا البحث والدراسة المصغّرة الذي أتمنى أن تروي عطش كل سائل حول موضوع المعاني ( تعريفها , غموضها , تفسيرها , .. , .. , .. . إلخ ) :
بسم الله الرحمن الرحيم
المعاني :
هي القصد المخفي الذي يعنيه الشاعر في أبياته والذي لايطلع عليه إلا فئة من الجمهور وهم ( محللوا المعاني ) .. وتختلف المعاني في غموضها حسب قدرة الشاعر .
*
إن تفسير المعاني في المحاورة شبيه جدا ً بتفسير الأحلام.
فعندما تطلب من مفسّر الأحلام أن يفسّر لك حلم فهو سيسألك عن تفاصيل الحلم بدقة متناهية ويعتمد في تفسير الحلم على الألفاظ والأوصاف التي تمليها له وربطها بالأحداث والقصص ( لأنها مسألة إجتهادية.. بحيث يجتهد المفسّر وبحسب مايراه ). وربما يصيب أو يخطئ. ويعتبر عامل " الخبرة " له دور في مجال التفسير ..
وكذلك الحال في تفسير معاني المحاورة ..
فعندما تطلب من ناقد أن يفسّر لك معنى شاعر ... فهو سيعتمد على بعض الألفاظ والتشبيهات الموجودة في الأبيات وربطها بالأحداث والقصص والأمثال التي يضربها الشاعر في أبياته ومن خلالها يجتهد هذا الناقد ليخرج المعنى .. وربما يصيب أو يخطئ . ويعتبر عامل الخبرة له دور في مجال تفسير المعنى أيضا ً .
وللمعلومية :
ليس كل شاعر ناقد !!
فهناك شاعر معنى ! وهو ناقد .. وهناك الشاعر الذي لايتعامل مع المعنى وهو ليس ناقد حتى ولو كان يمتلك بقية صفات الشاعر من تركيب قوي وسرعة بديهة وإجادة للمقالب وغيره .
وفي نفس الوقت :
ليس كل ناقد شاعر !!
.
.
.
..ولكن دائما ً يكون هناك عوائق تحول بين الناقد وبين فهم المعاني ( الشوارد ) ـ وقبل أن أذكر الأسباب والعوائق .. وحتى تكون المعلومة أقرب للأذهان ـ سآخذكم في تشبيه آخر للمحاورة :
دائما ً أقول أن المحاورة تشبه مسرح الجريمة !!
فمثل ما للجريمة خيط يقود إلى دواعي إرتكابها ويبيّن ملابساتها .. ويسمى هذا الخيط ( خيط الجريمة ) .. و لايستطيع أن يصل إلى هذا الخيط ويستدل به إلا المحقق الذكي !
فهناك خيط في المحاورة يقود إلى مايرمز إليه الشاعر وإلى مقاصده ونواياه ( المعنى ) .. وهذا الخيط هو ( اللفظ ) .. ولايستطيع أن يصل إلى اللفظ ويستدل به إلا الناقد الذكي !
ــ ونستطيع إختصار ذلك في المعادلة التالية :
سـاحـة الجـريـمـة = ساحة المحاورة
الــــــمــــــجــــــرم = الـــــشـــــاعــــر
خــيـط الـجــريـمـة = الــــــلــــــفـــــــظ
ملابسات الجريمة = الــــمــــعـــــنــــى
المــــــحــــقـــــــق = الــــــنـــــاقــــــــد
ـ ولكن !! :
ألا نرى أنه في بعض الأحيان لا يستطيع المحققون الإستدلال بخيط الجريمة لكي تـتبـيّن لهم ملابسات الجريمة ..
كذلك الحال في المحاورة .. ففي بعض الأحيان لايستطيع النّقاد الإستدلال باللفظ لكي يتبـيّن لهم المعنى ..
والأسباب كالتالي :
1ـ ربما يدور المعنى حول شيء لايعرفه إلا الشاعرين فقط. كموقف حدث بينهما لوحدهما ..على سبيل المثال.
2ـ بعض المعاني من شدّة إخفائها قد لايستطيع أحد أن يفسّرها. حتى الشاعر المقابل ربما يجهله تفسيرها .
3ـ ربما لم يجيد أحد الشاعرين تركيب اللفظ على المعنى وبالتالي حتى الشاعر المقابل قد لايفهم المعنى أيضا ً .. مثلا ً: كمن يرمز للمعنى بألفاظ لاتمت بصلة للمعنى ولاتنطبق عليه ولا تصلح أن تكون تشبيها ً له.
4ـ نادرا ً يلعب الشعراء على غير معنى ,, لأنهم أحيانا ً قد لايجدون مايلعبون عليه من المعاني !.. إما لأن الموجود لديهم من المعاني قد تطرّقوا لها وملّوا من الحديث عنها .. أو لأن هذه المعاني تتطلّب منهم جهد كبير لجعلها في وضع مخفي أو تتطلّب جهد كبير لتشبيهها بأشياء معيّنة ... وبالتالي يتشتّت فكر الناقد الذي يبحث عن المعنى .
5ـ الإنسان معرّض للخطأ والصواب ـ وجلّ من لايخطئ, سبحانه ـ والناقد ليس شمس شارقة على كل الآفاق .. فهو يعرف شيء ويجهل أشياء ! ..
وأخيرا ً ..
أتمنى أن يكون كل سائل قد وجد ضالّته في هذه الصفحة .
ومع أطيب الأمنيات ..