من الإمارات التي قامت في بلاد الأحقاف وخاصة بلاد حضرموت في فترة ما بين القرنين الخامس والسابع الهجري إمارة آل راشد، والتي كانت إمتداداً لدولة بني فهد الكنديين.
قال المؤرخ أباحَنَّان في كتابه جواهر الأحقاف :
( دولة بني فهد من كندة، و أول ملك لهم هو فهد الفهدي، ثم ابنه عمر ثم ابنه عبدالله ثم ابنه محمد ثم أحمد ثم العوم ثم قحطان ثم أحمد ثم فهد ثم شجعنة ثم راشد المولود سنة 517هـ )أ.هـ
ابتدأت إمارة آل راشد كمشيخة صغيرة في مدينة تريم أسسها العوم بن قحطان الكندي سنة 400هـ، وكانت نشأتها في فترة حكم الصليحيين آنذاك. إذ هي إحدى الدويلات الكندية الثلاث (آل إقبال - آل راشد - آل دغَّار) والتي قامت في تلك الفترة على أنقاض دولة الأباضية. وكان حكم آل راشد على فترات متقطعة بدأ بحكم السلطان أحمد بن قحطان الذي توفي 467 هـ.
ثم فهد بن أحمد بن قحطان سنة 467 هـ إلى 528 هـ، يليه العوم سنة 539 هـ، ثم شجعنة الأول سنة 538 هـ، إلى فارس بن فهد إلى سنة 531 هـ
ثم راشد إبن شجعنة الأول والذي كان حكمه بين 547 ـ 576 هـ. ويعتبر المؤسس الأول لدولة آل راشد، لكن دولته لم تدم إذ في عصره قدم عثمان الزنجيلي بحملته المشهورة على بلاد حضرموت سنة 575 هجرية لصالح الدولة الأيوبية، ومن ثم استولى على تريم عاصمة دولة آل راشد وقضى على دولتهم. لكن يبدو أن أمراء آل راشد عادوا في استرجاع دولتهم فتمردوا على الأيوبيين ورفضوا طاعتهم مما دفع الأمير عثمان الزنجيلي إلى غزوهم مرة أخرى في سنة 576هـ. وعلى الرغم من الجهود الحربية المتواصلة والتي اتسمت بالقسوة والعنف التي قام بها الزنجيلي لقمع الثورات والتمردات المشتعلة في البلاد الحضرمية، إلا أنهم رفضوا الخضوع والاستسلام للأيوبيين، فعادوا واستقلوا سنة 577هـ لتقوم دولة آل راشد من جديد.
أمتد حكم آل راشد من عاصمتهم تريم إلى الفرط غرباً وهي مدينة القطن حاليا، وقد حضيت دولتهم بسيرة طيبة مما جعل عصرهم من أفضل العصور التي مرت البلاد الحضرمية في تلك الفترة رغم ما فيها من الاضطرابات وهذا بإتفاق مؤرخين اليمن وبلاد الأحقاف. وكان من أشهر سلاطينهم السلطان عبد الله بن راشد بن شجعنة الذي ولد سنة 553 هجرية في مدينة تريم وتولى الحكم سنة 593 هجرية، لكنه قتل أثناء خروجه ليصلح بين طرفين متنازعين سنة 616 هجرية ودفن رحمه الله بالقرب من مريمة إلى الشرق من مدينة سيؤن. وذلك بعد أن تنازل عن الحكم زاهداً فيه في آخر أيامه وينسب إليه خَلْع راشد المعروف وبعض المؤرخين يطلق على" وادي حضرموت "وادي بن راشد. فمن أبرز اعماله رحمه الله إحياء البلاد بإشجار النخيل والاكثار من الزراعة والإهتمام بالامور الاقصادية مع تصريفه لإمور الدولة. ويبدو أن السلطان عبد الله بن راشد كان عالما بشرائع الدين فقيهاً عادلاً في حكمه ناصراً ومدافعاً عن المذهب السني حتى قيل أنه تفقه على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله.
وأما آخر سلاطينهم فهو السلطان فهد بن عبد الله الذي تولى الحكم في حياة أبيه عبد الله بن راشد سنة 603 هجرية. وبعد فترة وجيزة قدمت حملة عسكرية بقيادة عمر بن مهدي اليماني قائد الجيش الأيوبي، والذي استولى على البلاد الحضرمية سنة 616 هـ وأخضعها إلى 626 هجرية.
ودمتم سالمين غانمين