ليس من إنسان إلا وقد مرت به لحظات ينعقد فيها لسانه، ويلجم فمه ليدع مجالا للدموع أن تتكلم لتعبر عن مشاعر النفس بأوضح بيان، وبما يعجز أن يفصح عنه اللسان لو نطق، فدموع الفرح ودموع الحزن ودموع الخشية والخشوع أفضل ترجمان لتلك الأحوال. ولذلك كانت برهاناً على صدق الإحساس بتلك المشاعر، وبلوغها مرحلة القمة في النفس البشرية..
وقد بكى - عليه الصلاة والسلام - لما مات ابنه إبراهيم وبكى على بعض أصحابه، وكان - عليه الصلاة والسلام - مثلاً للبكاء من خشية الله...
وبكى صديق هذه الأمة فرحاً بخبر الهجرة؛ حتى قالت عائشة – رضي الله عنها -: " ما علمت أن أحداً يبكي من الفرح إلا يومئذ"...
وليكن ذلك منا في خلوة، لنفوز ببشرى "ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه " فنكون من أهل ظل العرش يوم القيامة. ولنلجم ذلك اللسان الذي أوردنا المهالك، لندع الدموع تتكلم عن إيماننا وخوفنا...عن رغبتنا وشوقنا... عن ندمنا وتقصيرنا... لت
وحينما تسمع أو تشاهد أمراً مؤلماً ولا سيما فيمن حولك، يرق قلبك وتدمع عيناك، وتشف نفسك، ولكن هذه الحالة لا تلبث أن تزول لتطوى عليها الأيام صفحات من النسيان والغفلة....ذلك النسيان هو في حقيقة الأمر منحة ومحنة، فلولاه ما طاب لنا عيش، ولا بقي حبيب بعد حبيبه...
ومهما نسينا من تلك الدموع ما نسينا؛ فإن دمعة غالية عند الله، ثقيلة في الميزان، يجب ألا تهجر مآقينا... حلق بنا تلك الدموع في آفاق سامية من الخشوع، عندها فقط سنشعر أننا بحاجة إلى أن نمنحها فرصة أكبر لتتكلم وتتكلم