قال تعالى {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}
أن تشعر بالغيرة شيء وأن تمارس ذلك الشعور شيء آخر.
فلو أطعنا مشاعر الغيرة التي تنتابنا بين الحين والآخر لدخلنا في نفق العذاب المظلم.
حيث لانبصر طريق العودة.. ولانحس بما نقوم به من إيذاء للآخرين.
والغيره بين الزملاء في العمل تنشأ عداوات صامتة حيناً ومتحدثة بلهجة صاخبة وممجوجة حيناً آخر، وبروز انياب الحسد التي تنهش القلوب وتوغر الصدور.
في هذه الحالة تُفتقد المحبة التي يُفترض وجودها بين أفراد منشأة واحدة، يمارسون عملهم معاً ما يقرب من سبع ساعات يومياً، أي بما يزيد عن أوقات الأكل والراحة مجتمعة وأحياناً النوم!! كما ينحرف الهدف الذي اشتركوا بالعمل من أجل تحقيقه.
إن نار الغيرة والحسد التي تقودها نفوس مريضة في الغالب تنتج عن بروز زميل في العمل وتميزه عن البقية بتوفيق من الله وحده.
الغيرة غير المعتدلة نار تتأجج في القلب، ينساب حميمها عبر دمائنا ليجعل من أجسادنا بركاناً يثور كلما حركته تلك الغيرة، يخرج الكلمات قذائف ملتهبة.. والعجيب فينا أننا أحياناً نتساءل: ماالذي يجعل الآخرين يتضجرون منا، يسيئون فهمنا؟.
بل ويصل الأمر ببعضنا إلى رمي المتضجرين منا بالجهل، أو الغفلة،!!!
إن كماً لايستهان به من سلوكياتنا وقراراتنا تحتاج منا إلى مراجعة لنتأكد من مدى اتزانها، خصوصاً مع تلك القضايا التي تلمس همومنا الدنيوية والتي نعلم تماماً أنها لن تسلم من نيات أخرى غير تلك التي لله عز وجل.
عندما تختلط النيات وتكون الكلمات للغيرة غير المعتدلة يُتهم الأبرياء وتمتلئ القلوب بالشحناء والبغضاء.. ترى الوجوه عابسة.. وإن ابتسمت فهي ابتسامة تُشم منها رائحة الكذب، فهي عكس مايخفيه صاحبها، تفقد الكلمات مصداقيتها فلا تتجاوز مواقعها،.
إننا بحاجة أكبر إلى فهم أهمية الإخلاص في العمل والتقوى ووجوب التفاني والتعاون فيما بين العاملين. لأن وجود المحبة الصادقة بين المدير والمرؤوسين ومابينهم يجعلهم يعملون لتحقيق هدفهم وهو تقديم الخدمة لطالبها كما ينبغي. ويشتركون سوياً في الوقوف مع مديرهم يدلونه على الخير، ويشجعونه حين يصيب لأنهم يتقاسمون معه النجاح.. وهنا فقط تظهر المحبة الصادقة وينجح العمل ويتحقق الهدف النبيل وتختفي الصراعات.
فهل أدركنا مدى خطورة غيرتنا إذا ما أفلتنا لها العنان دون رقيب ومراجعة.. هلا راجعنا نياتنا فخلصناها من كل شائنة، وجعلناها لله وحده.
منقوووووووووول