هيئة سوق المال مسؤولة عن هذا الظلام الدامس في البنوك
الوطن السعودية ـ عبدالله ناصر الفوزان 19/12/2009
لا أتذكر – ولا أزكي ذاكرتي – أني قد قرأت أي بيان أو إيضاح من البنوك صدر على شكل إعلان سواء في المكان المخصص لإعلانات الشركات والبنوك في (تداول) أي وسائل الإعلام المختلفة عن مديونية متعثرة، أو مشكلة تعرض لها البنك، أو مصاعب يواجهها، ولا أتذكر أن أي بنك قد قدم إيضاحاً عن مدى انكشافه على الشركات أو الأشخاص الذين يتعرضون للأزمات المالية أو الإفلاسات، فبنوكنا تفاجئنا دائماً في مراكزها المالية بمخصصات كبيرة لا ندري ما سببها، ولا ما إذا كانت نهائية أم إنها بداية لمسلسل طويل، والذي أتذكره فقط هو كثرة الشائعات عن المصاعب التي تواجهها البنوك، وتجاهل البنوك لها.
الحالات الصارخة التي تصمت عنها البنوك في الوقت الذي كان يجب عليها الإفصاح عنها كثيرة، ولكن يهمني الآن ليس تلك الحالات الصارخة، بل الحالات الكبرى الشاملة، أي تلك الأزمات الكبيرة التي لا ينفرد بها بنك واحد، بل تكون عامة شاملة، أي لا يتعرض لها فقط بنك أو بنكان أو حتى بنوكنا كلها وحدها بل تتعرض لها بنوك كثيرة خليجياً وعربياً وعالمياً، لأن تلك الحالات هي التي تكشف بجلاء قصور بنوكنا وظلاميتها عندما نقارن صمتها بإفصاح البنوك الأخرى.
الأزمة المالية العالمية التي تفجرت منذ عام ونصف واحدة من بين تلك الحالات الكبرى الشاملة التي ظلت البنوك العالمية تخاطب مساهميها ومودعيها والمتعاملين في أوراقها المالية بأعلى مكبرات الصوت لتضعهم في الصورة وتوضح لهم كل الحقائق في حين ظلت بنوكنا صامتة كأنه لم يحصل أي شيء، وأزمة القصيبي والصانع حالة أخرى من بين تلك الحالات الكبرى الشاملة التي ظلت البنوك في الخليج والمحيط العربي والعالمي تفصح عن موقفها معها في حين ظلت بنوكنا التي هي أكبر البنوك المعنية بالأمر صامتة لا تفصح عن أي شيء كأن المشكلة في جزر هنولولو وليست في المملكة مقر بنوكنا، وأزمة ديون دبي هي الحالة الكبرى الشاملة الثالثة التي هزت البنوك في مختلف أنحاء العالم وتسابقت تلك البنوك لمنبر الإفصاح لتبين لعملائها ومساهميها ومن يهمهم أمرها درجة انكشافها على تلك الأزمة في حين بقيت بنوكنا غير مكترثة بأي شيء وكأنها في السماء السابعة وليست في أقرب بقعة في الأرض لتك الأزمة.
بنوكنا بصراحة.. ظلام في ظلام.. وهذا فيما أعتقد أمر واضح للجميع.. أما الأمر غير الواضح فهو.. لماذا يحصل هذا..؟؟
كتبنا كثيراً عن ذلك ونخينا مؤسسة النقد ومحافظها لعله يمارس (أبوته) على تلك البنوك فيطلب منها فتح نوافذها وإضاءة مصابيحها، ولكن لابد من قول كلمة الحق، وهي أن المؤسسة قد تكون معنية بهذا لكنها ليست المسؤولة من الناحية النظامية عنه، فالجهة المسؤولة عن ذلك – كما يبدو لي – هي هيئة السوق المالية، فالإفصاح في الشركات والبنوك المساهمة محكوم بنظام السوق المالية والمسؤول عن تطبيق هذا النظام هيئة سوق المال.
تقول الفقرة (1) من المادة (46) من هذا النظام ((على الجهة المصدرة للأوراق المالية (مثل البنوك) إبلاغ الهيئة خطياً عند علمها بحدوث تطورات جوهرية قد تؤثر على أسعار الأوراق المالية المصدرة من قبلها، وإذا كان لها ورقة مالية متداولة في السوق فيجب إبلاغ السوق بهذه التطورات خطياً)) والفقرة (ب) من المادة نفسها تقول ((يجوز للهيئة أن تطلب من الجهة المصدرة (البنوك على سبيل المثال) أي معلومات أو بيانات خاصة بها، وعلى الجهة المصدرة تقديمها خلال المدة المحددة في الطلب)) والفقرة (ج) من المادة نفسها تقول ((يجوز للهيئة بعد استعراض الوقائع أن تطلب من الجهة المصدرة (البنوك على سبيل المثال) الإعلان عن أي معلومات أو بيانات خاصة بها، كما يحق للمجلس (مجلس الهيئة) أن ينشر تلك المعلومات أو البيانات على نفقة الجهة المتضررة».
المسألة إذاً واضحة، فمن واجب الهيئة أن تراقب الحالة وتتدخل إذا لزم الأمر لتوفر الشفافية في البنوك، ومن حقها أن تطلب المعلومات اللازمة، وتنشرها في موقعها، أو في وسائل الإعلام على شكل إعلانات على نفقة البنك.. فلماذا لم تعمل الهيئة ذلك..؟
إن ضعف الإفصاح في بنوكنا أو ربما انعدامه أمر لافت تُسأل عنه في رأيي هيئة سوق المال، وقد مثلت بالحالات الشاملة الكبرى كي أؤكد وجود الخلل وعلى نطاق واسع، وإلا فإن الحالات الفردية التي يتعرض لها كل بنك على حدة هي ربما أكثر وأخطر، والوسط المالي حافل بالشائعات، والمهتمون بالأمر الذين تهمهم معرفة الحقيقة ليس أمامهم سوى مخصصات تضعها البنوك في مراكزها ولا تفصح عن أسبابها، وعلى سبيل المثال فقد ظل الوسط المالي منذ عدة أشهر يتبادل معلومة عن قضية كبيرة مرفوعة على (سامبا) ويقال إنها قد تكلفه ما يقارب 10% من رأسماله، ومع مضي وقت طويل على خروج الشائعة، فلم يصدر من البنك أي شيء، وربما لن يصدر شيء في المستقبل عدا مخصصات توضع في المركز المالي ولا يعرف أسبابها، فهل هذا سليم..؟! وهل يصح أن تبقى مثل هذه المعلومة على افتراض صحتها حكراً على العاملين في البنك ومن لهم علاقة بهم..؟؟
إني أرى أنه يجب على هيئة سوق المال أن تتحمل مسؤوليتها، وتعمل ما يلزم لجعل البنوك شفافة، تفصح عن المعلومات الضرورية في حينها، ولا تكتفي بالمخصصات التي تضعها في مراكزها المالية فهذه المخصصات قد تعبر عن الحاضر والماضي ولكنها لا تعبر عن المستقبل، كما أنه في الأزمات الشاملة الكبرى مثل الأزمة المالية العالمية، وأزمة القصيبي والصانع، وأزمة ديون دبي، لابد من الإفصاح عن مدى التعرض، حتى في حالة سلامة البنك تماماً، إذا ينبغي تأكيد هذا، وهو أمر ليس فيه ضرر، بل على العكس فيه فائدة كبيرة.
مرة أخرى رجعت لذاكرتي لأقرأ صفحة هيئة سوق المال مع البنوك فوجدتها بيضاء، لا أثر لأي عقوبة أو ملاحظة أو تنبيه كأن البنوك معفاة من نظام السوق المالية، أو كأن الجهة المعنية بمتابعة البنوك للتأكد من تمشيها بهذا النظام هي مؤسسة النقد وليست هيئة السوق المالية.
علاقة مؤسسة النقد بالبنوك مثل علاقة وزارة التجارة بالشركات، فهذه العلاقة تحكمها أنظمة أخرى، أما نظام السوق المالية المتضمن لقواعد وأسس الإفصاح فالهيئة هي المسؤولة عن تطبيق البنوك له، أي أنها هي المسؤولة عن أي قصور في الإفصاح، وما يحصل في البنوك الآن فيما عدا مراكزها المالية ليس قصوراً في الإفصاح فحسب بل غياب له.
هيئة السوق المالية في رأيي هي المسؤولة عن غياب الإفصاح في البنوك فلماذا لا تعمل على مواجهة ذلك وتتحمل مسؤولياتها..؟؟ أنتهى.....
المقال منقول
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
نعم نحن نعاني من هيئة السوق ... وصغااار المتداولين هم الطعم لهذا السوق
هم الهيئة كيف يسحبون السيولة من يد المواطن الصغير
تحياتي
الساااحر