:
:
هذا ما كتبته في حسابي على تويتر عبر هاشتاق مجزرة الحولة:
[..............................................]
كل الحروف هربت من العبارة السابقة!
عندما يكبر الحدث تصغر الكلمات، وتشعر اللغة بالخجل والذل.
وماذا بعد؟
هل توجد لغة في الدنيا تستطيع أن تصف فزع طفل من سكين تتقدم نحو عنقه؟
هل توجد كلمات تجرؤ على أن تصنع عبارة تحاول أن تواسي أمه عند غيابه بهذا الشكل البشع؟
تخيّل معي أيها الإنسان - مهما كانت ملتك ومعتقدك - أنت يا من تكاد تتسبب بحادث مروري لأن قطة عبرت الطريق فجأة أمام سيارتك وتوقفت خوفاً من دهسها!.. تخيّل أن يُقتل طفل، وهو ينظر إلى اختلافات الكبار السياسية والدينية والفكرية ولا يعيها. لعله بالأمس كان يلعب ببراءة مع ابن قاتله!
تخيّل معي أن الوجه الجميل الملطخ ببقايا الآيسكريم والشوكولاته صار ملطخاً بالدم!
تخيّل معي أن العنق الجميلة التي تحب تقبيلها ودغدغتها بأنفك قد جزت بسكين!
تخيّل معي أيها الإنسان - مهما كانت ملتك ولونك ومعتقدك - أن هذا الطفل طفلك!
تخيّل معي أن الكلمات تلعثمت في شفتيه البريئتين - لهول ما يراه - وصار يناديك بعينيه، والسكين تتقدم إلى عنقه، ونظرته الأخيرة - قبل أن ينفجر الدم - تقول لك: انقذني!.. وأنت، أنت لا حول لك ولا قوة.
الضحكات الحلوة ذهبت: انتهت القهقهات، ولن يبقى في ذاكرتك سوى الغرغرة الأخيرة!
لم يبقى إلا ملابسه تحتضنها وتحاول أن تستنشق بعمق ما تخبأ من رائحته فيها.
هو طفلك، نبض روحك، زهرة قلبك، عطر أيامك: فرحت به عندما قالت لك زوجتك أنها حامل، تابعته وهو يتشكل كجنين، كنت تبتهج لأي ركلة تأتي منه وأنت تداعب بطن زوجتك، لا تنسى تاريخ/ ساعة/ لحظة ميلاده، لا تنسى أول ابتسامة، لا تنسى - ولن تنسى - أول مرة قال فيها: بابا.. ماما.. والآن، الآن يموت أمام عينيك، وكيف؟.. يذبح بسكين!
هل تخيّلت المشهد؟.. هل شعرت بحرارة الدماء؟.. هل أبكاك المشهد وهزتك الكلمات؟..
حسناً، ما شعرت به يظل مجرد (خيال).. أما (الواقع) والحقيقة فهي تحدث كل لحظة هناك على أرض سوريا..
منذ أكثر من (٥٠٠) يوم وهذا الأمر يحدث هناك كل ساعة..
هل كنا ننتظر (مجزرة الحولة) لكي نشعر بما يحدث، ونختبر إنسانيتنا، ونحدد مواقفنا؟!
الحدث أكبر وأعظم من الكلمات والخُطب..
هذا ليس وقت الكلمات.. هذا وقت الفعل.
ونحن - كعرب - نكاد نتفق على نصرة إخوتنا هناك، فما الذي يمنعنا من البدء ببرنامج واضح لمساندتهم بكافة الأشكال؟
إما هذا، وإلا فإن الصمت أشرف!
محمد الرطيان
الأربعاء 30/05/2012