سيادة الرئيس: أنت خادم!
بقلم: أشرف عمر
2012 - 11 - 02
طالما أنك قبلت أن تكون رئيسا لنا فعليك أن تفهم أنك قد صرت لنا خادما... فنحن السادة وأنت العبد... كل ما تجتهد لتحقيقه وما تقدمه لبلدك وشعبك هو واجب لا تستحق عليه جزاء ولا شكورا... وكل ما تحققه من انجازات قلت أو كثرت دقت أو عظمت فهى فى أعيننا لا شئ... أما اذا اجتهدت فأخطأت... أما اذا قصرت... أما اذا لم تحقق المعجزات بين عشية وضحاها فيا ويلك ويا سواد ليلك أيها الخادم!
هل هذا هو منطق الثوار الأحرار الذين سيكملون المشوار أم أنه منطق حثالة من الأنذال... أشبــاه الرجـــال ولا رجـــال... عقول أطفال وحلوم ربات الحجال... لا ينظرون الى الأحداث والوقائع والأقوال والأفعال الا بعين الشيطان فما كان موافقا لأهوائهم ضخموه وجعلوه رأس الأمر وعموده وذروة سنامه... وما كان مخالفا لتوقعاتهم تجاهلوه وأهالوا عليه التراب...
ألم يسمعوا قول الله عز وجل (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)... ألم يسمعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من لا يشكر الناس لا يشكر الله)... ألم ينظروا الى حال الدولة قبل أن يتسلمها الرئيس مرسى ؟!
- ألم يتسلم ميزانية بها عجز يصل الى 170 مليار جنيه؟
- ألم يتسلم بنية تحتية منهارة أو شبه منهارة؟
- ألم يتسلم دولة تعانى من حالة كساد ومجارى طافحة وجبال من القمامة ومبان ايلة للسقوط وملايين من العاطلين؟
- ألم يتسلم دولة قد نخر الفساد فى مفاصلها وأجهزتها؟
- ألم يتسلم دولة ينازعه الحكم فيها جنرالات الجيش، ويزيف الاعلام فيها الوعى، ويسعى المعارضون فيها لاسقاطه قبل أن يبدأ عمله؟ وما أن تسلم مهام منصبه حتى أطلقت السهام المسمومة نحوه من كل حدب وصوب... بل حتى الى أهل بيته وأسرته؟!
لو أننا استرسلنا فى سرد أو شرح حال البلد حين تسلم الرئيس مرسى حكمها لخرجنا عن فكرة المقال لكننا أشرنا هنا الى غيض من فيض تمهيدا للسؤال التالى... ماذا فعل الخادم لقومه وأهله وعشيرته؟
هل سالت أنهار العسل واللبن وعم الخير وفاض السمن ورخص سعر اللحم واحتار وزير المالية لأنه لا يجد من يقبل الصدقة؟ لا لم يحدث شيئا من ذلك ولا يعقل أن يحدث فى أربعة أشهر... ومن يطلب شيئا من ذلك فانما يطلبه على سبيل التعجيز مستخدما شروط كفار قريش كى يؤمنوا... (وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا)...
الذى فعله الرئيس مرسى هو أنه بدأ باعطاء القدوة بنفسه فلم يجعل لنفسه برجا عاجيا يطل من خلاله على الرعية وانما اختلط بهم فى المسجد والتقى بمختلف الفئات وفتح بابه لأفراد الشعب حتى رأينا مشاهد تثير الدهشة والعجب...
رأينا الناس يقصدون بابه بالالاف ليعرضوا حاجاتهم وطلباتهم بل ان بعضهم تسور جدار القصر الجمهورى ليدخل اليه فما تذمر ولا شكا بل قابل وفودهم وخصص من وقته ساعة للقائهم الى أن تأسست فى كل محافظة مكاتب تتلقى شكاوى المواطنين...
هل كان يحلم مواطن من عامة الناس فى زمن المخلوع أن يحظى بلقاء الرئيس؟
أولم يطلق الرصاص على من تقدم بشكوى مكتوبة وعوقبت بورسعيد كلها بسببه؟
ثم بعد ذلك يقال ان مرسى هو مبارك ولكن بلحية!
الذى فعله الرئيس مرسى أنه بدأ حكمه بازالة بقايا الفرعونية فألغى العرف الذى كان سائدا قبل تسلمه الحكم بوضع صورة الرئيس فى مكاتب ومؤسسات الدولة والذى كان يكلف خزينة الدولة 500 مليون جنيه...
بل ان ما تعرض له أول رئيس منتخب من الاهانات والاساءات والبذاءات وتطاول السفهاء لم يحدث فى تاريخ مصر القديم ولا الحديث... ثم بعد ذلك يقال (صناعة الفرعون الجديد!)...
منذ أيام قليلة قرأت تصريحا للدكتور حازم عبد العظيم يطالب فيه بالاعلان عن الراتب الشهرى للرئيس وكأنه يشكك فى ذمة الرئيس ويتهمه اتهاما مبطنا بنهب ثروات البلد كما كان يفعل المخلوع... وبطبيعة الحال فليس لدينا مانع من ذلك الاعلان بل اننا نحبذه حتى نلقم أمثال حازم عبد العظيم حجارة... فراتب الرئيس بكل تأكيد لن يصل الى معشار راتب واحد من أراجوزات وبهلوانات التوك شو الذين يتقاضون مئات الالاف شهريا... ولن يصل الى عُشر راتب أى مدرب للفريق القومى... كما أنه لن يصل الى ما تتقاضاه (الراقصة دينا) فى فيلم (عبده موته)!
ولكن هل يشك حازم عبد العظيم فعلا فى ذمة الرئيس؟ أغلب الظن أنه يعلم تمام العلم أن الرئيس الذى يسكن فى شقة بالايجار ويرفض أن يعيش فى القصر لن يمد يده أو يضع فى جوفه لقمة من الحرام... فلماذا يطالب بالاعلان عن راتب الرئيس اذا؟
الذى أراه هو أنهم يريدون أن يضعوا الرئيس موضع الاتهام دائما كنوع من الضغط النفسى واثارة الريبة والشك فى سلوكه حتى يربط الناس بينه وبين المخلوع ارتباطا شرطيا... وحتى تبقى صورة الرئيس فى الأذهان كصورة الخادم الذى يتفانى فى الخدمة ثم يتهم دوما بالسرقة...
لن يستنكف الرئيس أن يكون خادما لشعبه وأهله وعشيرته... بل انه يتقرب بذلك الى الله... وهذا اللقب هو فى حقيقة الأمر وسام على صدره ولا ينقص من قدره لأن (خادم القوم سيدهم) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم...ولذلك فاننا نقولها بملء الفم... سيادة الرئيس : أنت خادم القوم!
المصدر: منتديات مجلة أقلام