قبل فترة ذكرت قناة العربية الفضائية قصة مثيرة للاهتمام مفادها ان رجلا كان من اصحاب الشغف بتصفح الانترنت و كان من ابرز مايشغل باله على هذه الخدمة انه يدخل على مواقع عروض الزواج و كان . يريد ان يستر نفسه بالبحث عن بنت الحلال التي ربما ستوافق على مواصفاته التي يطرحها على ذلك الموقع ، و قد اخذ الانترنت هنا دور (الخاطبة) التي تريد ان تجمع بين رأسين بالحلال ، والمهم انه قد حصل على مواصفات شابة بنت حلال و (مستورة) وتريد ان تشاركه في السراء و الضراء و قد وصل الامر الى درجة متقدمة فقد عزم صاحبنا بعد الاتكال على الله ان يتزوج بتلك الشابة و اتفقا على مكان ما حتى يتمكن من رؤيتها .
و كذلك هي ارادت ان ترى ذلك الرجل الذي سيكون شريك مستقبلها.
للان لا توجد هناك مشكلة و الامر يسير بصورة حضارية ، وبعد الاتفاق على اشارة دالة تمكنه من التعرف عليها في مكان عام و بعد مجيء الطرفين الى المكان حصل انقلاب درامي مؤثر قاده الانترنت بصورة تراجيدية بعد ان كان الكل يترقب نهاية سعيدة ، و اذا بالرجل يواعد زوجته الاصلية ليطلب منها الزواج مرة اخرى لكنه لا يعرف ذلك، و المراة المتزوجة تواعد زوجها الاصلي و هي لا تعي ذلك . و الماساة الحقيقية في كل هذا الموضوع ان الخاطبة الانترنت قد غشت الطرفين و بات الامر حقيقة الى ان الرجل قد طلق زوجته الاصلية و انطوت حياتهما بمرارة الاستخدام السيء للانترنت.
هذه القصة تستوقفنا كثيرا حينما يتعاطى المواطن مع الانترنت ، و خصوصا بعد الانفتاح الكبير الذي تشهده منطقتنا العربية و الاسلامية و المشروع الذي اريد لنا ان ندخله مكرهين من اوسع ابوابه و هو العولمة Globalization و التي بات الكثير يستغلها سلبا .
ان خدمة الانترنت في واقعها سلاح ذو حدين فهي في الوقت التي يمكن لنا ان نستغني فيها عن ملايين المجلدات يوفر لنا البحث في الانترنت بغضون اجزاء من الثانية ليبحث في مليارات الصفحات حتى يوفر لنا ما نريد و في نفس الوقت فان هذا المارد الكبير قد تم استغلاله سلبا من بني البشر و مثلما هناك قوى خير تريد تسييره بالصورة التي تخدم العلم و الادب و البحث، هناك من سخره لنزعات بشرية مريضة فهناك مما لا يحصى من المواقع الاباحية التي لا تراعي شرعا و لا قانونا و لا عرفا و تعرض ما شاء لها من صور تبين الانسان بابشع حيوانيته الدونية و استغلال ما اودع فيه من غرائز لديمومة البشرية الى نزعة حيوانية سقيمة بل بات الامر الى وجود مواقع متخصصة في مجال الاستغلال الجنسي للاطفال مع عرض صورهم مضافا اليها معلومات عن اماكن تواجدهم و عرض السعر لكل فئة عمرية بالدولار الأميركي طبعا، .
و حينما ناتي الى البعبع الذي قض مضاجع العالم و خصوصا الغربي و هو الارهاب، نرى ان الانترنت استعمل كاحد ابرز ادوات الارهاب و الترويع في حرب الارهاب القذرة فقد اغدق علينا الارهابيون بصور ينفر منها الحيوان فضلا عن الانسان لبني جنسنا البشر و هم يذبحون بطريقة مروعة تارة باسم الاسلام و اخرى باسم الجهاد و الحقيقة ان الاسلام براء من تلك التصرفات التي لا تمت له بصلة ، و حقيقة اعجب لمن يفعل ذلك باسم الاسلام لان الاسلام قد وضع الضوابط العامة في كل شيء حتى في مسالة ذبح الحيوان الذي يستخدم لحمه للاكل حيث تذكر بطون الكتب الفقهية عن كراهة الذبح ليلا و كراهة ان يكون الذبح للحيوان امام حيوان اخر، كما و ينبغي ان يكون الذبح بالة حديدية حادة حتى لا يتعذب الحيوان في عملية التذكية ، و اروع ما في الامر ان ينبغي ان يعرض الحيوان على الماء قبل الذبح، لكن الإرهابيين و باسم الدين الاسلامي الذي يبرا و يضج من تصرفاتهم يتلذذون بالذبح و يطربون حينما يشخب الدم من اوداج غرضهم الذي قد يكون من منظمة انسانية او صحفي ينقل الحقيقة او مواطن عادي يخدم بلده.
كل هذا يعرض على شبكة الانترنت و يساء الاستخدام للعلم بصورة شوهاء ، و تكون الاداة الطيعة التي قدر لها اسعاد الانسانية مصدر بلاء لها .
اقول ان منطقتنا اصبحت عرضة لجميع انواع الغزو و من اخطرها الغزو الفكري الذي يقحم ثقافات ممجوجة تحاول نزع بواطن الخير منا و تبديلها بثقافة منحلة اباحية لا ترى أي احترام لرابط اسري او اخلاقي او ديني .
و من هنا فالتركيز على التحصين الاسري الذي يعنى بغرس مباديء انسانية و اخلاقية و دينية هو اهم ما يتحتم على الاسرة المسلمة ان
تراعيه في مسالة النشا الجديد للمستقبل و اذا فقد ذلك الوازع الاسري لتنشئة الاجيال القادمة عليه فلنبشر بهوان و ذل و تفكك و انحطاط لكل القيم
التي حاولت الاديان ان تحافظ عليها لبقاء النوع الانساني معززا بما اودعه الله في هذا الكون الفسيح خدمة له لا اذلالا له.