...
إلى أول رجل مر في ذاكرتي ..
إلى من عرفته قبل أن أعي ما هو الحب..
إلى من فقدته بعدما عرفت الأمان..
إلى حضني المتسع المفقود
يا من كان شاهقا ..ساميا .. نبيلا ..
أيها المسجى في البياض
ذات صباح ليس كباقي صباحاتي
أفقت على فزعي الأكبر وفراغ حياتي
في ذلك الصباح لم أسمع إلا الدوي داخل رأسي
وكأنني فقدت ذاكرتي وقلبي
وكأن أطرافي فقدت حاسة اللمس والإحساس
كان الدم يجتاحني صعودا ونزولا ..لا زلت أسمع صوت جريانه
أحسست السنوات الماضية تراكضت ثم توقفت في تلك الساعة
ما أسوأ أن تفتح عينيك على الحزن والخوف والفقد
بعد أن نعمت بليلة آمنة مطمئنة
كم تمنيت أن يكون حلما أصحو منه سريعا ..وأستعيذ مما رأيت
مـــــــــات أبــــــــــــي ...
أصبحت ألبس الحزن واليتم ..
وأصبر النساء ..أمي.. تسكن الترمل بكل أبعاده.. الزمانيه.. والمكانية ..
يا أعظم النساء ..أصبري...فليس لك جزاء إلا الجنة
في مساء ذلك اليوم قتلتني المقارنات
البارحة.. كان هنا ..معنا..في هذا المكان ..في نفس هذا الوقت..
الليلة..هو هناك يضم الكافور ويضمه القبر..وهنا يشاركني مكانه المعزين ..هم يبكون
وأنا لا أستطيع البكاء.. الموقف أكبر من كل الدموع المسكوبة ..أو التي ستسكب في قادم الأيام ....
..تقاسمت مع أُخياتي ..أشياؤه الصغرى ..مسبحه ..صور ..دهن عود ..نفعل ذلك خلسة ..أبدلك الله خيرا منا يا أبي..
لم أعي ..كيف يذهب هكذا
فجأة..وكيف لن نراه أبدا بعد تلك الليلة
كم تمنيت أن تجود علي أفكاري.. أو حديث نفسي برؤية خاطفة ..في أحد مناماتي
ولكن ..حتى الأحلام أقسمت ألا أراه فيها ..وكأن الأحلام والرؤى لم تعد تتذكره ..
ما أشحك ..أيتها الأحلام المنامية ..ليتك تبعتي أحلام يقظتي..أو تبعتك هي ونسيته وأنستني ...
منذ أكثر من ألفي ليلة وأنا أسكب حنيني وشوقي ودمعي على الجراح
أبي..
ما أمر الأعياد بدونك
دائما ما أقول لكل عيدٍ مشرق قادم من صخب ليله سابقة
هلا مررت القبر أيها العيد ....هلا لثمت الترب أيها العيد
.......ولكن هل تسمع الأعياد ...
أبي ..ما أقسى الشتاء بدونك.. فهو يزداد بردا ..وطولا
لا زلت أحس( وجارك) ومدخنتك ..تشاركني الحنين ..كل شتاء
ويحق لها ذلك ..وهي تشكو من فراغ جوانحها
فيما الأدخنة تتصاعد من علالي جاراتها..
بينما الصقيع يسكن جوفها ..وجوفي
أكتب لك الكثير أيها المتشح بكل ما هو شامخ... ونقي
ذاكرتي وقلبي تذبحهما الذكرى والذكريات
وجميع حواسي يقتلها الشوق
حتى أنفي يفتقد رائحة قهوتك الصباحية.. ويشتاقها ..
ياليت عيناي إرتوت من محياك ...يا أبي
في إحدى ليالي شتاء 1427هــ
وهذا العام.. ما أطول الشتاء ..وأبرده
....فكيف الحال بمن يفتقدك منذ مئات الليالي
إبنتك ............