[align=center]
.
.
.
الغراب المغرد
كانت هناك شجرة وحيدة في أطراف الغابة وضعت فيها العصافير أعشاشها واستقرت بها منذ زمان طويل وكان من عادة العصافير أن تطير كل صباح في السماء الزرقاء وعيونها تنظر إلى الأرض وهى تبحث عن طعامها وطعام صغارها , وقبل حلول الليل كانت تعود وفى مناقيرها الصغيرة طعام اليوم , وذات يوم أتى إلى الشجرة غراب يريد أن يقيم لنفسه عشا بين أعشاشهم ولم تمتنع العصافير عن قبول طلب الغراب بل رحبوا به كثيرا وساعدوه في جمع القش والأعشاب كي ينتهي من بناء عشه بسرعة , وبعد يوم شاق من العمل أوى الجميع إلى أعشاشهم كي ينالوا قسطا من الراحة , وبينما الجميع نائمون إذا بالغراب يستيقظ فجأة ويعلو صوته وهو ينعق بصوت عال ورأسه تتمايل يمينا ويسارا في سرور , استيقظت العصافير في فزع على صوت الغراب العالي وقالت إحدى العصافير في ضيق : لماذا هذا الضجيج أيها الغراب نريد أن ننام . التفت إليها الغراب في استنكار وهو يقول : أنا لا افعل أي ضجة .. أنا أغنى فقط ألا يعجبكم صوتى .شعرت العصافير بالدهشة هل يظن الغراب حقا انه يغنى .. يا لها من كارثة . ولكن الغراب لم يهتم بدهشتهم وواصل حديثة قائلا :منذ زمن بعيد وأنا أحس أن صوتى جميلا وأحب الغناء ومن حسن حظكم أنكم ستسمعون صوتى كل ليله حتى الصباح . وفجأة عاد الغراب للنعيق بصوت عال بينما أخذت العصافير تتهامس فيما بينها : هذا الغراب لا يعرف حق الجار .. فمن حقنا عليه ألا يزعجنا.قال عصفور آخر : هذا الغراب لا يعرف قيمة المعروف فلقد ساعدناه طوال النهار فى بناء عشه وحينما جاء وقت النوم يريد أن يزعجنا بصوته القبيح الليلة وكل ليلة . قالت عصفورة صغيرة مازال النوم يداعب عينيها : هذا الغراب غريب حقا .. يحسب أن صوته جميل .. يجب أن ننصحه فالنهار للعمل والليل للراحة . وما هى إلا لحظات حتى كانت العصافير تتجه إلى الغراب قائله فى حكمة : أيها الغراب .. نعلم أن الغناء للبلبل والكروان لأن لهما أصوات جميله تحبها الأذن .. ولكن لا نعلم أن الغربان تغنى .. هل تريد أن تأخذ دور غيرك ؟ قال الغراب فى غضب : انتم تكرهوني لأن صوتى جميل .. اخرجوا من عشي و ألا قتلتكم . خافت العصافير من تهديد الغراب وعادت إلى أعشاشها وهى حزينة فلم تكن تحسب إن هذا الغراب أناني لا يحب إلا نفسه وحاولت العصافير النوم لكنها لم تستطع لأن صوت الغراب القبيح كان يعلو بين حين وآخر , وكان النوم مستحيلا هذه الليلة . في الليلة التالية وبعد نهار مليء بالعمل عادة العصافير إلى أعشاشها لتفاجأ بالغراب مازال نائما ولكنة حين رآهم عائدين استيقظ من نومه قائلا : لقد تأخرتم كثيرا . أجابته العصافير فى دهشة : تأخرنا .. لقد عدنا كالعادة فى نفس الوقت الذى نعود فيه كل يوم أما أنت فيبدو انك عدت مبكرا . انطلق الغراب فى الضحك وهو يقول ساخرا : أنا لن أخرج وأطير واتعب كى احصل على طعامى .. ألا اسهر كى أغنى لكم طوال الليل .. لذا يجب أن أنام طوال النهار وانتم تحضرون لى الطعام .. أين الطعام أيتها العصافير الضعيفة .. ألا تخافون قوتي .. ألا تخشون أن أقتلكم جميعا ؟ ارتعدت العصافير فى خوف ولكن إحدى العصافير قالت فى شجاعة : لن نعطيك شيئا .. أنت تعلم قانون الطيور حينما تخرج بحثا عن الطعام فأنها تأكل ما يكفيها ثم تحمل فى مناقيرها ما تستطيع أن تحمله لصغارها .. هل تريد أن تأخذ طعام الصغار ؟ قال الغراب فى برود : بلى أريد ما معكم من طعام .. هيا قبل أن أقضى عليكم ارتعدت العصافير من شدة الخوف ولم تجد حلا سوى أن تترك له طعام الصغار وتخرج فى ظلام الليل مرة أخرى كي تبحث عن طعام جديد لصغارها . وعند عودتها وجدت صيادا يمسك بندقيتة فى يده اليمنى وفى يده اليسرى غراب قد اصطاده بينما ينعق الغراب فى حزن قائلا : ليتني لم أغنى .. لقد عرف الصياد مكانى من صوتي العالي .. ليتني خرجت معكم اى ابحث عن رزقي .. فلو كنت خرجت ما صادني الصياد . وهكذا تعلم الغراب درسا .. ولكن بعد فوات الأوان [/align]