السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معى اليوم شىء رائع لفضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب
وسيكون هذا الإصدار فى عدة حلقات أرجو أن تنال إعجابكم
والآ ن الحلقة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا ناقض لما بناه.. ولا حافظ لما أفناه.. ولا مانع لما أعطاه.. ولا رادّ لما قضاه.. ولا مظهر لما أخفاه.. ولا ساتر لما أبداه.. ولا مضلّ لمن هداه.. لا هادي لمن أعماه..
سبحانه.. أنشأ الكون بقدرته.. وما حواه.. ورزق الصون بمنّته ومنّة من والاه ..{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إيّاه} [ الاسراء23].
سبحانه.. خلق آدم بيده وسوّاه.. وأسكنه في حرم قربه وحماه.. وأمره كما شاء ونهاه.. ثم أجرى عليه القدر بموافقته هواه.. فنزعت يد التفريط ما كساه.. ثم تاب الله عليه فرحمه واجتباه.. وحاله ينذر من يسعى فيما اشتهاه.
طرد إبليس وكانت السموات مأواه.. فأصمّه بمخالفته كما شاء وأعماه.. وأبعده عن بابه للعصيان وأشقاه.. وفي قصته نذير لمن خالف الله وعصاه..
ألان الحديد لداود كما تمنّاه.. يأمن لابسه من يلقاه.. ثم صرع صانعه بسهم قد ألقاه.. فلما تسوّر المحراب خصماه.. أظهر جدال التوبيخ فخصماه.. { وظنّ داود أنّما فتنّاه} [ ص: 24].
ذهب ذو النون مغاضبا فالتقمه الحوت وأخفاه.. فندم لما رأت عيناه ما جنت يداه.. فلما أقلقه كرب ظلام تغشاه.. تضرع مستغيثا ينادي مولاه.. { إني كنت من الظالمين} [ الأنبياء: 87] فنجيناه..
أحمده سبحانه وتعالى... تعالى ربنا سبحانه وحاشاه.. أن يخيب راجيه وينسى من لا ينساه..
أخذ موسى من أمه طفلا ورعاه.. فساقه لى حجر عدوة فربّاه.. وجاد عليه بنعم لا تحصى وأعطاه.. فمشى في البحر وما ابتلت قدماه.. وتبعه عدوّه فأدركه الغرق وواراه.. حتى إذا قال: آمنت.. إذا جبريل بالطين يسد فاه.. وكان من غاية شرف موسى ومنتهاه.. أنه خرج يطلب نارا فناداه.. {ياموسى إني أنا الله} {القصص: 30].. شرف أمته شرفا بما أولاه.. فقال ربنا لهم:{ وأني قد فضلتكم على العالمين} [البقرة: 47] ولكن جئنا بـ { كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران:110 ] أخذناه.. فالحمد لله.
خلق محمدا فاختاره على الكل واصطفاه.. صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقربه منه حتى كان قاب قوسين وأدناه.. فأوحى إليه من سرّه وكلمته ما أوحاه.. ووعده المقام المحمود فاللهم بلّغه مناه..
الحمد لله الذي دلنا بنبيه عليه وعرفناه.. وأجلنا بالقرآن العظيم وعلمناه.. وهدانا الى بابه بتوفيق أودعناه..
أحمده سبحانه حمدا لا ينقضي أولاه ولا ينفد أخراه.. فالحمد لله.. الحمد لله.. الحمد لله..
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.. صلى الله على محمد ما تحركت الألسن والشفاه.. وعلى آله وصحبه صلاة دائمة تدوم بدوام ملك الله.. ثم سلم تسليما كثيرا.
أما بعد
ففي جلسة مناجاة مع النفس ومحاسبة لها على تفريطها.. ساءلت نفسي وساءلتني.. كيف تعرفين الله، وتقرين بنعمه عليك ظاهرة وباطنة ثم تبارزينه بالمعاصي في الليل والنهار..؟!
وقلت لها: أما تخسين الخسف..؟! أما تخافين العقاب..؟!
وقلت لها: ألا تتوقين الى الجنة بحورها وحريرها ونعيمها الذي لا ينفد..؟! ألست تهربين من النار بزمهريرها وأغلالها وعذابها الذي لا ينتهي..؟!
ثم قلت لها: اختاري..
فقالت أتمنى يوما أتوب فيه الى الله..
فقلت لها: أنت في الأمنية فاعملي..
قالت: فكيف..؟! صف لي الطريق.. وبيّن لي العقبات.. قل لي.. كيف أتوب..؟!!
أخي التائب.. لا بد أن تعلم أن أول الطريق وقفة.. والسير في الطريق عمل.. وزاد الطريق توبة..
واعلم أن الموت يأتي فجأة.. يقول ربنا سبحانه وتعالى:{ قل يعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم* وأنيبوا الى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون* واتّبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون* أن تقول نفس يحسرتي على ما فرّطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين* أو تقول لو أنّ الله هداني لكنت من المتقين* أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرّة فأكون من المحسنين* بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين} [الزمر 53-59].
واعلم أخي التائب أنك تطلب السعادة.. وتروم النجاة.. وترجو المغفرة.. يقول ربنا:{ وإني لغفّار لمن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى} [طه: 82]...
فالتوبة ـ أخي التائب ـ هي ملاك أمرك.. هي مبعث حياتك.. هي مناط فلاحك.
يقول إبن القيم::
منزل "التوبة" أول المنازل وأوسطها وآخرها.. فلا يفارقه العبد السالك ولا يزال فيه الى الممات.. وإن ارتحل الى منزل آخر ارتحل به واصطحبه معه ونزل به.. فالتوبة هي بداية العبد ونهاية حاجته اليها في النهاية ضرورية.. كما أن حاجته اليها في البداية كذلك..
وقد قال الله تعالى:{ وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [ النور: 31]. وهذه الآية في سورة مدنية خاطب الله بها أهل الايمان وخيار خلقه أن يتوبوا اليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم. ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبّب بسببه.. وأتي بأداة "لعل" المشعرة بالترجي.. إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم علي رجاء الفلاح.. فلا يرجو الفلاح إلا التائبون.. جعلنا الله منهم..
ولما كانت "التوبة" هي رجوع العبد الى الله.. ومفارقته لصراط المغضوب عليهم والضالين.. وذلك لا يحصل إلا بهداية الله الى الصراط المستقيم.. ولا تحصل هدايته إلا بإعانته وتوحيده.. فقد انتظمتها سورة الفاتحة أحسن إنتظام.. وتضمنتها أبلغ تضمن فمن أعطى الفاتحة حقها ـ علما وشهودا وحالا ومعرفة علم أنه لا تصح له قراءتها على العبودية إلا بالتوبة النصوح.. فإن الهداية التامة الى الصراط المستقيم لا تكون مع الجهل بالذنوب.. ولا مع الاصرار عليها.. فإن الأول جهل ينافي معرفة الهدى.. والثاني غي ينافي قصده وإرادته.. فلذلك لا تصلح التوبة إلا بعد معرفة الذنب.. والاعتراف به.. وطلب التخلص من سوء عواقبه أولا وآخرا.
وها نحن نشرع في بيان ذلك أتم تبيان ـ إن شاء الله .
إن الموضوع الذي نطرحه هنا من الأهمية بحيث لا يستغني عنه شاب لا شيخ.. موضوعنا مهم للمبتدئ والمنتهى.. للسالك والواصل للتلميذ والمريد.. إنه موضوع الساعة وكل ساعة..
موضوعنا:
كيف أعود الى الله
إن هذا الموضوع الملح جدّ خطير في هذه الآونة بالذات، بعد أن صرنا أعاجم لا نفهم لغة القرآن..
وحال تكلم اللغة الباسلة مع أبنائها يندى له الجبين خجلا، فهي ما تزال شامخة رغم انصراف أبنائها عنها، فقد هانت عندنا لما استسلمنا لغزو أعدائنا لها، بداية من التقليل من شأنها وإزدرائها، ثم الدعوة الى إحلال [العامية] محلها، مما ترتب عليه ما نعانيه ـ الآن ـ والمقصود: أن المصاب فينا لا في تراثنا ولا كتب سلفنا فإنها يسيرة يسيرة، لكن العيب في ذوقنا اللغوي.
ويكفي في هذا المقام أن نتدبر كلام الوليد بن المغيرة في تأثير القرآن عليه وبين ما تكنه صدورنا تجاه لغة القرآن، فالوليد ـ مع كفره وجحوده وانصرافه النفسي والوجداني عن القرآن ـ قال: إن له لحلاوة.. وإن عليه لطلاوة.. وإن أعلاه لمثمر.. وإن أسفله لمغدق.. وإنه ليعلو ولا يعلا عليه.
ونحن ـ مع إسلامنا وتقديسنا للقرآن ـ لا نستشعر تلك المعاني إلا بصفة القداسة للقرآن. ( انظر حول قضية لغتنا الباسلة للشيخ محمود شاكر " في الطريق إلى ثقافتنا").
فإن القرآن نزل أول ما نزل بلسان عربي مبين فكان من السهل على العرب الذين أرسل فيهم النبي المختار صلى الله عليه وسلم أن يفهموا لغته ولسانه وتهتز قلوبهم لسحر بيانه..
ومن حكمة الخالق جل وعلا أنه أرسل الرسل بلسان قومهم حتى يبينوا لهم شريعة الله تعالى وهو القائل:{ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [إبراهيم:4].
ولقد ذكرنا قبل أن كتابات السلف صارت بالنسبة لشباب الصحوة كلاما صعب الفهم والتطبيق.. " مرة أخرى نبين الا لصعوبته وإنما لجهلنا وجفائنا مع اللغة ومع الشرع ومع الله". فقد تغيرت لغة الكلام في عصرنا "وأقصد بتغيير لغة الكلام لا للأفضل ـ لا سمح الله ـ ولكن بالتدني للغة العامية وتلقيحها بالألفاظ غير العربية".
وصارت كلمات السلف لدينا تحتاج الى إعادة شرح وتفصيل...
ونضرب لهذا مثلا: فقد جاء في تعريف " اليقظة" على لسان إبن القيم أو أبي إسماعيل الهروي شيخ الاسلام " أن اليقظة" هي انزعاج القلب لروعة الانتباه..
ونحن على يقين من أن هذا الكلام الآن صار يحتاج الى شرح ثم الى بسط.. رغم أنه كان إذا طرح على السلف فسرعان ما يتفهمون مراده.. ثم يسارعون في العمل بمقتضاه..
وتأسيسا على ما سبق وفي ضوء هذه المعضلة.. فسوف نحاول في هذا المقام بسط مسائل التوبة الى أقصى ما نستطيع، فمن وافقه الأمر ممن يبغي السلوك الى الله فبها ونعمت.. ومن لم يجد فليصبّر نفسه الى النهاية.. فسيجد ما ينشرح له صدره إن شاء الله. فما لم يتأتى بالجهد في الشرح والكلام يتأتى إن شاء الله وقدّر بالدعاء..
فإن الله سميع بصير.. وبالإجابة جدير.. ونسأل الله أن يرزقنا توبة نصوحا، فالتوبة رزق..
ولإستثمار الوقت فيما يفيد نبدأ الموضوع مباشرة بالسؤال الأول والأهم.
لماذا
نتوب؟!!
من غرس في نفسه شرف الهمة
فنبت نبت نفسه عن الأقذار، ومن
استقر ركن عزيمته وثبت
وثبت نفسه عن الأكدار
لماذا نتوب؟
إنها قضية ملحة تأتي نتيجة جهل الناس بالدين في عصرنا.. وجهلهم حتى بالمعاصي التي يقترفونها.. فإن معنى المعاصي معنى كبير يندرج تحته الكثير مما قد يظنه الناس في عصرنا مباحا.
فلاب تساؤل تطرحه امرأة متبرجة: لماذا أتوب..؟! وجهي جميل فلم أستره؟
نفس السؤال يطرحه شاب.. إن متعتي أجدها في السيجارة فلم أتركها.. أهوى مشاهدة التلفزيون فلماذا أدعه.. أنا لا أحب التقيد والارتباط.. فلم أتقيد بمواعيد الصلاة..؟! أليس ينبغي على الانسان فعل ما يسعده.. فالذي يسعدني هو ما تسمونه معصية وأنا غير مقتنع بهذه التسمية.. فلماذا وممّ أتوب.
إنها قضية تطرح نفسها.. يسمعها الكثير والكثير منا حين يود دعوة بعض الناس الى الله والإجابة على هذا السؤال هي في أن نعرف لماذا نتوب؟
النية في التوبة
أولا ـ لكوننا نعود بالتوبة الى الصراط المستقيم:
فقد قال ربنا:{ وام خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56] لا ليعصون.. لا ليلعبوا.. لا ليتبعوا أهوائهم.. ولا حتى ليعمروا الأرض وينجبوا الذرية.. أبدا.. وإنما {ليعبدون} .. فالعاصي ليس بعابد، فإذا قلنا: تب، فمعنى هذا: عد الى أصل خلقتك وفي ذلك من المصالح ما لا يخفى!!
ثانيا ـ طاعة لأمر الله عز وجل:
فهو الذي قال في كتابه العزيز:{ وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور: 31] طاعة لأمر الله { يا أيها الذين آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا} [ التحريم: 8] أمر الله.. الملك.. المهيمن.. مالك الملك.. الذي ينبغي أن نتمثل ونذعن لأمره.. فنتوب تعبّدا.. طاعة للملك.
ثالثا ـ فرارا من الظلم الى الفلاح:
قال ربنا: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} [الحجرات: 11].
اعلم ـ أخي في الله ـ أن الظلم كل الظلم في انصلاافك عن التوبة.. في سيرك حيث تخالف ربك.. وإصرارك على المضي قدما في طريق هواك.. وهو الهلاك.. فتظلم نفسك حين توقعها في شراك المعاصي.. في حين بشر ربنا التائبين بالنصرة والفلاح فعلق حصول الفلاح المرجو لهم على حصول التوبة منهم اليه فقال ربنا عز وجل:{ وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور:31].
فهذه الأية مدنية.. خاطب الله بها أهل الايمان وخيار خلقه أن يتوبوا اليه.. بعد إيمانهم وصبرهم.. ثم علق الفلاح بالتوبة.. وأتى بأداة " لعل" لاشعار الترجي.. إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح.. فلا يرجو الفلاح إلا التائبون.. جعلنا الله منهم.
رابعا ـ لطلب السعادة:
إن كثيرا من العصاة يعيشون سعادة وهمية زائلة مؤقتة.. بل على التحقيق أنها ليست بسعادة.. إذا رأيت رجلا يستلذ بالتراب عن شهي الطعام والحلوى.. هل تحكم عليه بسلامة الحس أم بسقمه..؟! إن الذي يأكل التراب يستلذ به أو الحجارة فتكون شهوته، لا شك أنه سقيم.. مريض يحتاج الى علاج.. وكذلك من يتلذذ بالمعاصي.. إنه يشعر بذلك، لا لأن المعاصي لذيذة، وليس لأن السيئات ممتعة وإنما لكون قلبه قد صار فاسدا.. فاللهم أصلح قلوبنا..
فهذا يحتاج الى إصلاح قلبه.. فمثله كمثل الرجل في مكان دبغ الجلود فإنه لا يشم الرائحة الكريهة إلا عندما يخرج منه..
وهذا العاصي مثله فنقول له: أخرج من المعاصي.. تب الى الله فعندها ستعرف سوء ما كنت عليه وقبح ما كنت تفعل.. كم من العصاة قال حين تاب: كم كنت قذرا.. كم كنت سيئا.. كم كنت خاسرا.. كم كنت لاهيا.. كم كنت غافلا.. إنه بذلك يعلم! يقينا ـ أن ما كان عليه عين الباطل وأنه قد كان غافلا أو مغفلا.. فاللهم تب على عصاة المسلمين.
وأسوق إليك ـ أخي في الله ـ بعض كلمات التائبين نقلتها بنصها من كتاب "العائدون الى الله" لمحمد المسند:
• كنت أبكي ندما على ما فاتني من حب الله ورسوله.. وعلى تلك الأيام التي قضيتها بعيدة عن الله عز وجل. (إمرأة مغربية أصابها السرطان وشفاها الله منه).
• نعم لقد كنت ميتا فأحياني الله ولله الفضل والمنة. (الشيخ أحمد القطان).
• وعزكن على التوبة النصوح والاستقامة على دين الله.. وأن أكون داعية خير بعد أن كنت داعية شر وفساد..
وفي ختام حديثي أوجهها نصبحة صادقة لجميع الشباب فأقول: يا شباب الاسلام لن تجدوا السعادة في السفر ولا في المخدرات والتفحيط.. لن تجدوها أو تشموا رائحتها إلا في الالتزام والاستقامة.. في خدمة دين الله، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
ماذا قدمتم ـ يا أحبة ـ للإسلام؟ أين آثاركم؟ أهذه رسالتكم؟
شباب الجيل للإسلام عودوا فأنتم روحه وبكم يسود
وأنتم سر نهضته قديما وأنتم فجره الزاهي الجديد
(من شباب التفحيط سابقا).
•كما أتوجه الى كل أخت غافلة عن ذكر الله.. منغمسة في ملذات الدنيا وشهواتها أن عودي الى الله ـ أخيّة ـ فوالله إن السعادة كل السعادة في طاعة الله. ( طالبة تائبة).
.وختاما؛ أقول لكل فتاة متبرجة.. أنسيت أم جهلت أن الله مطلع عليك؟! أنسيت أم جهلت أم تجاهلت أن جمال المرأة الحقيقي في حجابها وحيائها وسترها؟! (فتاة تائبة).
•كما أصبحت بعد الالتزام أشعر بسعادة تغمر قلبي فأقول: بأنه يستحيل أن يكون هناك إنسان أقل مني التزاما أن يكون أسعد مني.. ولو كانت الدنيا كلها بين عينيه.. ولو كان من أغنى الناس.. فأكثر ما ساعدني على الثبات ـ بعد توفيق الله ـ هو إلقائي للدروس في المصلى، بالإضافة الى قراءتي عن الجنة بأن فيها ما لا عين رأت .. ولا أذن سمعت.. ولا خطر على قلب بشر.. من اللباس والزينة.. والأسواق والزيارات بين الناس.. وهذه من أحب الأشياء الي قلبي.. فكنت كلما أردت أن أشتري شيئا من الملابس التي تزيد عن حاجتي أقول: ألبسها في الآخرة أفضل.
( فتاة انتقلت من عالم الأزياء الى كتب العلم والعقيدة).
•وقد خرجت من حياة الفسق والمجون .. الى حياة شعرت فيها بالأمن والأمان والاطمئنان والاستقرار. (رجل تاب بعد موت صاحبه).
•وانتهيت الى يقين جازم حاسم.. أنه لا صلاح لهذه الأرض.. ولا راحة لهذه البشرية.. ولاطمأنينة لهذا الانسان.. ولا رفعة، ولا بركة، ولا طهارة.. إلا بالرجوع الى الله..
واليوم أتساءل.. كيف كنت سأقابل ربي لو لم يهدني؟!!!! (طالبة تائبة).
•بدأ عقلي يفكر وقلبي ينبض وكل جوارحي تناديني: اقتل الشيطان والهوى.. وبدأت حياتي تتغير.. وهيئتي تتبدل.. وبدأت أسير على طريق الخير.. وأسأل الله أن يحسن ختامي وختامكم أجمعين..
( شاب تاب بعد سماعه لقراءة لبشيخ علي جابر ودعائه).
•إذا علم هذا.. فاعلم أن حاجة العبد الى أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا في محبته.. ولا في خوفه.. ولا في رجائه.. ولا في الحلف به.. ولا في التوكل عليه.. ولا في العمل له.. ولا في الحلف به.. ولا في النذر له.. ولا في الخضوع له.. ولا في التذلل والتعظيم والسجود والتقرب.. أعظم من جاجة الجسد الى روحه.. والعين الى نورها، بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به.. فإن حقيقة العبد روحه وقلبه.. ولا صلاح لها إلا بإلهها الذي لا إله إلا هو.. فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره.. وهي كادحة اليه كدحا فملاقيته، ولا بد من لقائه.. ولا صلاح لها إلا بمحبتها وعبوديتها له.. ورضاه وإكرامه لها..
ولو حصل للعبد من اللذات والسرور بغير الله ما حصل .. لم يدم له ذلك.. بل ينتقل من نوع الى نوع.. ومن شخص الى شخص.. ويتنعم بهذا في وقت .. ثم يعذب به ولا بد في وقت آخر.
وكثيرا ما يكون ذلك الذي يتنعم به ويتلذذ به غير منعّم له ولا ملذ.. بل قد يؤذيه اتصاله به ووجوده عنده ويضره ذلك.. وإنما يحصل له بملابسته من جنس ما يحصل للجرب من لذة الأظفار التي تحكه.. فهي تدمي الجلد وتخرقه.. وتزيد في ضرره.. وهو يؤثر ذلك لما في حكها من اللذة..
وهذا ما يتعذب به القلب من محبة غير الله هو عذاب عليه ومضرة وألم في الحقيقة لا تزيد لذته على لذة حك الجرب.. والعاقل يوازن بين الأمرين ويؤثر أرجحهما وأنفعهما..
والله الموفق المعين وله الحجة البالغة كما له النعمة السابغة. " طريق الهجرتين" إبن القيم ص 77.
إخوتاه.. إن الجزاء من جنس العمل.. والله سبحانه وتعالى يفرح بتوبتك.. فإذا تبت أعقبك سعادة عظيمة.. جزاء منهلك على توبتك.. ففي الحدث المشهور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لله أشد فرحا بتوبة عبد مؤمن كم رجل في أرض دوية مهلكة، معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت ، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال: أرجع الى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى اموت، فوضع رأسه على ساعده ايموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده". دوية: أي بريّة لا نابت فيها. أخرجه البخاري (6308) كتاب الدعوات باب الدعوة. ومسلم (2744) كتاب التوبة.
إنني أريدك ألا تمر على هذا الحديث كونك عرفته أو سمعته كثيرا.. يجب أن تتوقف معه لتتأمل المعنى كأنك تسمعه لأول مرة.. كيف بلغ به الفرح حتى يخطئ فيقول: اللهم أنت عبدي وأنا ربك؟!.. كم كانت فرحته عندئذ فأخطأ.. بكم تقدّر.. إنها لا تقدّر.. إنها أعظم من أن توصف.. وهذا دليل على أن حب الله للعبد أشد من حب العبد لله.. انتبه.. ففي طي هذه الكلمات من المعاني ما لا تحيط به الألفاظ.. إن الله يحبه فيفرح بتوبته.. والجزاء من جنس العمل..
تأمل ـ أخي التائب ـ فالله يفرح لأنك تبت.. فيجازيك بأن يفرحك ويسعدك.. وإذا أردت شاهدا لهذا فانظر الى الفرحة التي يجدها التائب توبة نصوحا.. والسرور واللذة التي تحصل له.. فإنه لما تاب الى الله ففرح الله بتوبته أعقبه فرحا عظيما.. لذلك.. فإنك تجد التائب في منتهى السعادة.. في قمة الراحة.. في أعظم النشوة.. هذا عن التائب توبة نصوحا.
أما التائب بمجرد الكلام فهذا شيء آخر.. ليس عليه مدار الحديث هنا.. بالله عليك هل وجد أسعد حالا وأقرّ عينا من عبد لله لم يتعلق قلبه إلا بالله؟!.. يقوم الليل فيصلي ويناجي ربه.. ثم يصبح فيدخل المسجد ويجلس ليذكر ربه.. ثم يعود فينام هنيئا يتعبد بنومه يرجو الثواب بالنوم.. يقول ـ كمعاذ ـ أنام أول الليل فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم فأقرأ ما كتب الله لي فأحتسب قومتي كما أحتسب نومتي". أخرجه البخاري ( 4342)، ( 4345) كتاب المغازي باب بعث أبي موسى ومعاذ الى اليمن قبل حجة الوداع.
أهذا أمّن ليس في قلبه سوى المرأة والمال.. السيارة والعمارة.. الجار والجارة.. الصديق والصديقة.. والعشيق والعشيقة؟!! أيهما أسعد يا ترى؟!.. تفكروا أيها العقلاء.. أيهما أسعد..؟! رجل يقول: إلهي.. ربي.. سيدي، فيقول الله له: لبيك عبدي.. أم رجل قد تعلق قلبه بإمرأة تسومه سوء العذاب.. أو مال يرغم أنفه في التراب.. أو بالمنصب فذاق بسببه الوبال.. من السعيد..؟!! من السعيد حقا..؟!!
إن السعيد حقا هو الطائع لله.
خامسا ـ الفرار من العذاب والوحشة والحجاب:
نادانا ربنا فقال:{ ففروا الى الله} [الذاريات: 50].. إننا بالتوبة نفر الى الله نفر من الهوى.. نفر من المعاصي.. نفر من الذنوب.. نفر من الشيطان.. نفر من النفس الأمارة بالسوء.. نفر من الدنيا.. نفر من الشهوات.. نفر من المال.. نفر من الجاه.. ونفرّ من كل هذا الى الملك.. الملك الذي بيده مفاتيح خزائن كل هذا فإن رأى الخير أن يعطيك كل ما تشتهي.. أعطاك .. وإن رأى الخير لك منعك كما يمنع الطبيب المريض شرب الماء وهو عليه هين.. "" إن الله يحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه كما يحمي أحدكم سقيمه الماء وهو يحبه".
إننا بحاجة الى ان نقف على الحجب العشرة بين العاصي وبين الله.. فإن بين العاصي وبين الله عشرة حجب بعضها أكثف من بعض.. كل حجاب أغلظ من الذي يليه.. ولا سبيل للعبد للوصول الى الله إلا بتخطي تلك الحجب العشرة..
تأمل ـ حبيبي في الله ـ تأمل حين يكون بينك وبين الله عشرة من الحجب.. إنني عندما أفكر في هذا، أتذكر رجلا كان قد سجن يوما فأذن له بزيارة أهله.. فكان يراهم من وراء سلك.. من ورائه حديد.. من ورائه سلك.. ثم أهله.. فتساءلت ما الذي يمكن أن تراه من بعد ذلك..؟ ثم كيف يتكلم..؟ فإذا تكلم فماذا يقول..؟ وكيف يسمعون..؟!!
اللهم رحمتك نرجو فأدركنا بها.. إنك إذا تفكرت في حال ذلك الرجل رثيت له.. فكيف بك إذا كان بينك وبين الله عشرة من الحجب..؟!! لو أنها جدر من طين ما سمعت وما رأيت.. فقلت.. هذا والله هو السر في جفاء أهل عصرنا مع الله.. وقوع تلك الحجب بين الناس وبين الله..
اللهم أزل الحجب بيننا وبينك حتى نعرفك فنحبك.. نعم حجب عشرة كل منها أشد كثافة مما يليه وهي: