[align=center]السلف والسلفية لغة واصطلاحا[/align]
نبغي لسالك المنهج السلفي على بصيرة - وهذا شرطه : { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين } ( يوسف 108 ) - أن يعلم أن مدلول هذه الكلمة ومشتقاتها يعلو على آصار الحزبية المميتة ، ويسمو فوق دهاليز السرية المقيتة ؛ لأنها واضحة كالشمس في رائعة النهار : { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين } ( فصلت:33)
وهذه الكلمة من حيث اللغة تدل على من تقدم وسبق بالعلم والإيمان والفضل والإحسان
قال ابن منظور في لسان العرب (9/159) :
( والسلف أيضا من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك الذين هم فوقك في السن والفضل ، ولهذا سمي الصدر من التابعين السلف الصالح )
قلت : ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها :
" فإنه نعم السلف أنا لك "
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله لابنته زينب رضي الله عنها عندما توفيت :" الحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون"
أما الأصطلاح ؛ فهو وصف لازم يختص عند الإطلاق بالصحابة رضي الله عنهم ، ويشاركهم فيه غيرهم تبعا واتباعا.
قال القلشاني في ( تحرير المقالة من شرح الرسالة ) (ق36)
" السلف الصالح وهو الصدر الأول الراسخون في العلم ، المهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، الحافظون لسنته ؛ احتارهم الله تعالى لصحبة نبيه وانتخبهم لإقامة دينه ، ورضيهم أئمة الأمة , وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ، وأفرغوا في نصح الأمة ونفعها ، وبذلوا في مرضاة الله أنفسهم.
قد أثنى الله عليهم في كتابه بقوله : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } (الفتح:29) ، وقوله تعالى { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون }( الحشر:8)
وذكر تعالى فيها المهاجرين والأنصار ثم مدح من اتبعهم ورضي ذلك ومن الذين جاءوا من بعدهم
وتوعد بالعذاب من خالفهم واتبع غير سبيلهم فقال : {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى } (النساء:115) ، فيجب اتباعهم فيما نقلوه ، واقتفاء أثرهم فيما عملوه ، والإستغفار لهم .
وأقر أهل الكلام قديمهم وحديثهم بهذا الإصطلاح.
قال الغزالي في " إلجام العوام عن علم الكلام " ص62 معرفا كلمة السلف :
(( أعني مذهب الصحابة والتابعين ))
وقال البيجوري في " شرح جوهرة التوحيد " ص 111
(( والمراد بمن سلف من تقدم من الأنبياء والصحابة والتابعين وتابعيهم ))
وقد تناقل أهل العلم في القرون المفضلة هذا المصطلح للدلالة على عصر الصحابة ومنهجهم :
1. قال البخاري (6/66-فتح) قال : راشد بن سعد : " كان السلف يستحبون الفحولة ؛ لإنها أجرى وأجسر "
2. أخرج مسلم في مقدمة صحيحه ص 16 من طريق محمد بن عبدالله قال : سمعت علي بن شقيق يقول : سمعت عبدالله بن المبارك يقول - على رؤوس الناس : " دعوا حديث عمرو بن ثابت ؛ فإنه كان يسب السلف "
قلت : المراد الصحابة رضي الله عنهم
3. قال الأوزاعي: " اصبر نفسك على السنة ، وقف حيث وقف القوم , وقل بما قالوا وكف عما كفوا عنه ، واسلك سبيل سلفك الصالح ؛ فإنه يسعك ما وسعهم "
قلت : المراد الصحابة رضوان الله عليهم
ولذلك فكلمة " السلف " اكتسبت هذا المعنى الإصطلاحي والذي لا يتجاوز إلى غيره.