الإبل عطايا الله التي أكرمها سبحانه وتعالى وجعل فيها الكثير من الفوائد والعديد من المنافع وسخرها جلّت قدرته لخدمة الإنسان، ومن هذه الفوائد استخدامها في المعارك والحروب وكانوا يفضلونها على الخيل لقوتها وصبرها وتحملها للعطش والجوع لعدة أيام، وقد ساهم استخدامها في تحقيق النصر في كثير من الأحيان، وقد ساهمت الإبل بطريق غير مباشر في تحقيق النصر للاسلام والمسلمين وهذا ما حدث مع القائد الإسلامي الشهير خالد بن الوليد (25هـ/597م - 21هـ/641م) الذي لقبه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بـ(سيف الله المسلول) فقد كان خالد بن الوليد في أرض العراق على رأس الجيش الاسلامي يحقق بفضل الله الانتصارات والفتوحات واحدا تلو الآخر، وعندما وصل إلى الأنبار في منتصف ربيع الثاني عام 12هـ الموافق نهاية حزيران (يونيو) 633م وجد أن أهلها قد بنوا خندقا يحيط بالمدينة لصد المسلمين، فما كان من خالد إلا أن بحث عن أضيق منطقة في ذلك الخندق فأمر بنحر الضعيفة من الإبل ورميها في تلك المنطقة ليشكل بذلك جسرا لعبور المقاتلين فنجحت الخطة وتحقق لهم النصر، ثم بعد ذلك بدأت الأمور تسوء على مسرح عمليات الشام وتتطور بصورة سريعة وخطيرة حيث جمع الروم قوات ضخمة مما دفع الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى القول:
(والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد)
ثم كتب لخالد يأمره بالسير إلى اليرموك لنجدة جيوش المسلمين، فاستشار خالد من حوله عن أقرب الطرق إلى هناك
فذكر له رافع بن عميرة الطائي (دليل خالد) طريقا مختصرا لكنه محفوفا بالمخاطر حيث قال:
(إنك لن تطيق ذلك بالخيل والأثقال، والله إن الراكب المفرد ليخافها على نفسه وما يسلكها إلا مغررا، إنها لخمس ليال جياد لا يصاب فيها ماء مع مضلتها)
فقال خالد: (ويحك إنه والله لابد من ذلك، إنه قد أتاني من الأمير عزمه بذلك، فمر بأمرك) هنا قرر خالد أن يسلك هذا الطريق بما فيه من مخاطر وهذا يعني السير لمدة خمس ليال عبر صحراء قاحلة جرداء بجيش **** مؤلف من آلاف الجند بما معهم من خيل وعدة وعتاد، فكان هذا الاختيار بمثابة الانتحار لهذا الجيش وما كان هذا القائد الفذ المحنك أن يسمح بهلاك جيشه، فقد استدعى خالد أحد الأعراب العارفين فاستشاره في طريقة عبور هذا الطريق، فأخبره الأعرابي بطريقة تنم عن ذكاء العرب وفطنتهم ودهائهم حيث أشار عليه بأن يحضر عددا كبيرا من الإبل ثم يقوم بتجويعها ومنعها من الماء لعدة أيام وعندما يهم الجيش بالتحرك يقوم بسقيها الماء حتى تروى ثم يقوم بإلجامها كي لا تجتر وبذلك لا يكون في بطونها غير الماء النظيف ويحمل على ظهورها قرب الماء (جمع قربة) وعندما يدركهم العطش يشرب الجند من قرب الماء ويتم نحر عددا من الإبل ليسقى الخيل من الماء الذي في بطونها وهكذا حتى يقطعوا هذا الطريق، وطبق خالد هذه الخطة حيث انطلق بجيشه في أوائل ربيع الثاني من عام 13هـ الموافق حزيران (يونيو) عام 634م واستطاع قطع الطريق والوصول إلى الشام في زمن قياسي فتحقق بفضل الله ومنته النصر الكبير للمسلمين على الروم في معركة اليرموك.
من خلال هاتين القصتين نستخلص العبرة من بعض فوائد الإبل ومنافعها وكيف سخرها الله سبحانه وتعالى لخدمة الانسان فكانت عاملا ساهم في انقاذ ونصر المسلمين.
المصادر
1- فتوح الشام/ الواقدي
2- مشاهير قادة الاسلام (خالد بن الوليد)/ بسام العسلي
تحياتي للجميع