بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قدوم رسول الله المدينة
وقدم رسول الله المدينة يوم الاثنين لثمان خلون من شهر ربيع الأول ، وقيل يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت منه ، والشمس يومئذ في السرطان ثلاثاً وعشرين درجة وست دقائق ، والقمر في الأسد ست درجات وخمساً وثلاثين دقيقة ، وزحل في الأسد درجتين ، والمشتري في الحوت ست درجات راجعاً ، والزهرة في الأسد ثلاث عشرة درجة ، وعطارد في الأأسد خمس عشرة درجة ، فنزل على كلثوم بن الهدم فلم يلبث إلا أياماً حتى مات كلثوم ، وانتقل فنزل على سعد بن خيثمة في بني عمرو بن عوف فمكث أياماً ، ثم كان سفهاء بني عمرو ومنافقوهم يرجمونه في الليل ، فلما رأى ذلك قال : ( ما هذا الجوار؟) فارتحل عنهم وركب راحلته وقال : (خلوا زمامها) فجعل لا يمر بحي من أحياء الأنصار إلا قالوا له : يا رسول الله انزل بنا ، فإنك تنزل في العدة والكثرة ، فيقول : (خلوا زمام الراحلة فإنها مأمورة ) ، حتى وقفت على باب أبي أيوب الأنصاري فبركت ، فنخست بقضيب فلم تبرح ، فنزل بأبي أيوب فأقام عنده أياماً ثم انتقل إلى حجراته ، وقيل : إن ناقته بركت في موضع المسجد فنزل فجاء أبو أيوب فأخذ رحله فمضى بها إلى منزله ، وكلمته الأنصار في النزول بها ، فقال : (المرء مع رحله) .
وقدم علي بن أبي طالب بفاطمة بنت رسول الله وذلك قبل نكاحه إياها ، وكان يسير الليل ويكمن النهار حتى قدم فنزل مع رسول الله ، ثم زوجها رسول الله من علي بعد قدومه بشهرين ، وقد كان جماعة من المهاجرين خطبوها إلى رسول الله ، فلما زوجها علياً قالوا في ذلك فقال رسول الله : ( ما أنا زوجته ولكن الله زوجه ) وقدم العباس بن عبد المطلب بزينب بنت رسول الله ، وكانت بالطائف حين هاجر رسول الله عند أبي العاص بن بشر بن عبد دهـمان الثقفي ، ثم رجع العباس إلى مكة وقدم المهاجرون فنزلوا منازل الأنصار فواسوهم بالديار والأموال .
ما نزل من القرآن بالمدينة
ونزل عليه بالمدينة من القرآن اثنتان وثلاثون سورة ، أول ما نزل : ويل للمطففين ، ثم : سورة البقرة ، ثم : سورة الأنفال ، ثم : سورة آل عمران ، ثم : الحشر ، ثم سورة الأحزاب ، ثم سورة النور ، ثم سورة الممتحنة ، ثم إنا فتحنا لك ، ثم سورة النساء ، ثم سورة الحج ، ثم سورة الحديد ، ثم سورة محمد ، ثم هل أتى على الإنسان ، ثم سورة الطلاق ، ثم سورة لم يكن ، ثم سورة الجمعة ، ثم تنزيل السجدة ، ثم المؤمن ، ثم إذا جاءك المنافقون ، ثم المجادلة ، ثم الحجرات ، ثم التحريم ، ثم التغابن ، ثم الصف ، ثم المائدة ، ثم براءة ، ثم إذا جاء نصر الله والفتح ، ثم إذا وقعت الواقعة ، ثم والعاديات ، ثم المعوذتين جميعاً ، وكان آخر ما نزل ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم )سورة التوبة : 9 إلى أخر السورة .
وقد قيل : إن آخر ما نزل عليه : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) سورة المائدة : 5 ، وهي الرواية الصحيحة الثابتة الصريحة وكان نزولها يوم النفر على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، صلوات الله عليه ، بعد ترحم وقيل : آخر ما نزل : ( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ) سورة البقرة : 28 ، وقال ابن عباس : كان جبريل إذا نزل علي النبي بالوحي يقول له : ضع هذه الآية في سورة كذا في موضع كذا ، فلما نزل عليه : ( اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ) قال : ضعها في سورة البقرة .
قال ابن مسعود : نزل القرآن بأمر ونهي وتحذير وتبشير ، وقال جعفر بن محمد : نزل القرآن بحلال وحرام ، وفرائض وأحكام ، وقصص وأخبار ، وناسخ ومنسوخ ، ومحكم ومتشابه ، وعبر وأمثال ، وظاهر وباطن ، وخاص وعام ، وأقام رسول الله يتلوم ويتهيأ للقتال حتى أنزل الله عز وجل : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ) سورة الحج : 39 ، والآية التي بعدها ، وقال : ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك ) سورة النساء : 84 إلى اخر الآية ، فكان الرجل من المؤمنين يعد بعشرة من المشركين حتى أنزل الله ، عز وجل : ( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة بغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين ) سورة الأنفال : 66 ، وأنزل الله عليه سيفاً من السماء له غمد ، فقال له جبريل : ربك يأمرك أن تقاتل بهذا السيف قومك حتى يقولوا : لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك حرمت دماؤهم وأموالهم إلا لمحقها وحسابهم على الله ، فكان أول سرية سارت ولواء عقد في الإسلام لحمزة بن عبد المطلب .
المرجع
تاريخ اليعقوبي
علق عليه ووضع حواشيه / خليل المنصور
اختار الموضوع وكتبه الاستاذ / مطر بن خلف الثبيتي
والله الموفق سبحانه