هذه الأبيات للمعتمد بن عباد * مخاطبا زوجته اعتماد يقول فيها :
اغائبة الشخص عن ناظري
--------------- وحــــاضرة في صميم الفـــؤادِ
عليك سـلام بقدر الشجو
--------------- ن، ودمع الشؤون، وقــدر الســـهادِ
تمــلكت مني صعب المرا
-------------- م، وصـــادفت ودي ســهل القـــياد ِ
مرادي لقياك في كل حين
--------------- فـــيا لــيت أني أُعطى مــــرادي
اقيمي على العهد ما بيننا
--------------- ولا تستحيــلي لطـــول البعـــاد ِ
دسست اسمك الحلو في طيه
-------------- وألفـــت فــيه حــــروف اعتمـادِ**
قصيدة هجاء تبع ابن عمار في المعتمد وزوجته
.
تخيرتها من بنـات الهجـين
------------------- رميقيـة ما تسـاوى عقـالا
فجاءت بكل قصيـر العـذار
------------------- لئيم النجارين عمـّاً وخـالا
قصـار القـدود و لكـنهـم
------------------- أقامـوا عليها قروناً طـوالا
سأهتك عرضك شيئاً فشيئـاً
--------------------وأكشف سترك حـالاً فحـالا
قتله ابن عباد بسببها....-
---------------
أجمل شعر المعتمد بن عباد هو ذاك الذي قاله في الحبس في أغمات، و منه:
.
إن يسلبُ القومُ العِدى
مُلكي و تسلمني الجموعُ
فالقلبُ بينَ ضلوعهِ
لم تُسلِمِ القلبَ الضلوعُ
قد رمتُ يومَ نزالِهم
أن لا تحصنني الدروعُ
و برزتُ ليسَ سوى القميـ
ـصِ على الحشا شئٌ دَفوعُ
أجلي تأخرَ لم يكنْ
بهوايَ ذُلي وَ الخضوعُ
ما سِرتُ قطُّ إلى القتا
لِ و كان من أملي الرجوعُ
شيمُ الأُلى أنا منهمُ
و الأصلُ تتبعهُ الفروعُ
وَ من شعرهِ كذلكَ في الحبس:
غنّتكَ أغماتيةُ الألحانِ
ثقُلتْ على الأرواحِ و الأبدانِ
قد كان كالثعبانِ رُمحكَ في الورى
فغدا عليكَ القيدُ كالثعبانِ
مترمّداً يحميكَ كلَ تمردٍ
متعطّفاً لا رحمةً للعاني
أما أجملهنّ على الإطلاق، فهذه القصيدة التي أنشهدَها حينَ أظلّهُ العيدُ بالحبس:
.
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا
فساءك العيدُ في أغمـأتَ مأسـورا
ترى بناتك في الأطمارِ جائعـةً
يغزلن للناس مايملكـن قِمطيـرا
برزنَ نحوك للتسليـمِ خاشعـةً
أبصارهنَّ حسيـراتٍ مكاسيـرا
يطأنَ في الطينِ والأقدامُ حافيـةٌ
كأنها لـم تطأ مِسكـاً وكافـورا
لاخدّ إلا تشكى الجـدبَ ظاهـرهُ
وليس إلا مع الأنفاسِ ممطـورا
أفطرتَ في العيدِ لا عادت مساءتهُ
فكان فِطـرُك للأكبـادِ تفطيـرا
قد كان دهرُك إن تأمره ممتثـلاً
فردَّكَ الدهـرُ منهيّـاً ومأمـورا
من باتَ بعدَك في ملكٍ يُسرُّ بـهِ
فإنما بـاتَ بالأحـلام مغـرورا
رحمكَ الله يا ابن عباد.
هذه القصيدة أوصى أن تكتب على قبره :
.
.
قبر الغريب سقاك الرَائحُ الغادي
حقاً ظفرت بأشلاء ابن عبَاد
بالحلم، بالعلم، بالنَعمى إذا اتصلت
بالخصب إن أجربوا، بالريَ للصادي
بالطَاعن، الضَارب، الرَامي إذا اقتتلوا
بالموت أحمر، بالضَرغاجة العادي
بالدَهر في نِقَمٍ، بالبحر في نِعَمٍ
بالبدر في ظُلمٍ، بالصَدر في النادي
نعم، هو الحقَُ وافاني به قدرٌ
من السماء، فوافاني لميعاد
ولم أكن قبل ذاك النعش أعلمُه
أنَ الجبال تهادى فوق أعواد
كفاك فارفُق بما استودعت من كرم ٍ
روَاك كُلُ قطوبُ البرق رعَاد
يبكي أخاه الذي غيَبت وابله
تحت الصفيح، بدمع رائح غادي
حتى يجودك دمعُ الطلَ منهمراً
من أعين الزهرُ لم تبخل بإسعاد
ولا تزال صلواتُ الله دائمةً
على دفينك لا تُحص بتعداد
صورة قبره وبجانبه قبر زوجته في أغمات بالمغرب
--------
(*) و اسمه محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل اللخمي الملقب بالمعتمد ولد في عام 431هــ (1040 م )و كان ملكاً على أشبيلية ( و هو من أهم ملوك الطوائف) ذاع صيته بعد معركة الزلاقة التي شاركه فيها الملك المرابطي يوسف بن تاشفين ( غفر الله له) حين هزم الملك الفونس السادس و جرح المعتمد جرحا بالغ الأثر في وجهه ذلك اليوم و كان ثباته في تلك المعركة عظيماً ( بحسب رواية صاحب وفيات الأعيان) و عاش ابن عباد بعد ذلك و اتسع حكمه و لكنه في أواخره تعرض للأسر بعد مقتل ولديه على إثر فتن داخلية في قرطبة و غيرها ثم نقل الى مراكش و سجن حتى مات عام 488هــ ( 1095م) في قلعة اغمات ( إحدى ضواحي مدينة مراكش في المملكة المغربية الشقيقة). و لا يزال ضريحه ( رحمه الله ) موجوداً في اغمات و قد أعيد بناؤه و تجديده في عهد الملك الحسن الثاني عام 1970م و يضم الضريح كلا من المعتمد و زوجته اعتماد الرميقية و أحد أبنائهما . على القبة كتب بعض من أشعاره التي أمر بكتابتها قبل موته..
(**) ديوان المعتمد بن عباد، ص 86. تحقيق الأستاذين بدوي و عبد المجيد. طبعة دار المعارف المصرية، القاهرة 1951م.