مقال في جريدة الرياض لنورة خالد السعد
بمناسبة العام الدولي للفيزياء قام معهد العالم العربي في باريس وجامعة انترديسبلن بإظهار دور المرأة العربية في مجال الفيزياء وتم في هذه الفعاليات تكريم الدكتورة السعودية ريم الطويرقي من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة والدكتورة إلهام يوسف القرضاوي من جامعة قطر وأيضاً معهما امرأتان من فرنسا من أصل عربي تعملان في جامعات فرنسية.
وتكريم هؤلاء النساء في مجال العلم هو فخر للنساء عموماً والسعوديات خصوصاً فهذا هو التكريم الذي يستحق الإشادة به وليس سواه من المجالات الهلامية البراقة التي هي هباء منثور في ميزان الأعمال المفيدة والصالحة.
تميز د.ريم الطويرقي لا يتوقف عند تميزها العلمي بل أيضاً لحفاظها على حجابها بل ونقابها وكانت صورة مشرقة للمرأة المسلمة.. التي لم يحجبها حجابها عن ميدان العلم والمعرفة بل ووجودها على منصة التكريم بهذا الحجاب الساتر هو وسام يضاف إلى تكريمها العلمي وليت سواها يقلدنها ممن يذهبن ليمثلن المرأة السعودية الآن في اللقاءات الثقافية والعلمية خارج المملكة.
تقول الدكتورة ريم الطويرقي الزميلة الغالية التي أعرفها من خلال لقاءاتي معها في الجامعة فهي بالإضافة إلى أنها أستاذة الفيزياء في كلية العلوم بالجامعة فهي أيضاً وكيلة عمادة شؤون الطالبات لأنشطة الطالبات في شطر الطالبات.. تقول:
«عندما وقع علينا الاختيار أنا والأخوات الأخريات وسمح لي بالتحدث عن تجربتي الشخصية ومراحل تعليمي وطموحاتي بصفتي متخصصة في مجال الفيزياء. وكنت المتحدثة الأولى انطلقت من أول كلمة من السماء وهي (اقرأ) وكيف أن هذه الكلمة وصلت الأرض بالسماء وكيف أنها المفتاح الذي به يصل الإنسان إلى ربه والذي به يعمر هذا الكون، فبقراءة القرآن وقراءة الوجود فتح للعقل المسلم ذكراً أو أنثى الفهم لإدراك السنن الإلهية والقوانين الكونية ومعرفة الظواهر الإنسانية أيضاً..
ووضحت ان العلم للذكر والأنثى.. ثم تحدثت عن تجربة المرأة في وطني في مجال الفيزياء من خلال تجربتي الشخصية ولكن قبل ذلك تحدثت عن تعليم المرأة في المملكة العربية السعودية وماله من خصوصية قد لا توجد في أي بلد آخر في العالم العربي أو الإسلامي وهي فصل المرأة عن الرجل في كافة مراحل التعليم سواء العام أو العالي ونوهت بأن البعض ينظر إلى ذلك على أنه رجعية. إلا أن الدراسات الحالية في الغرب تعيد النظر في نظام دمج الذكور والإناث في المدارس حيث لوحظ أنه عندما فصل الذكور عن الإناث كانت نسبة التحصيل عند الجنسين أعلى..وذكرت ايضاً تجربة منظمة WISE وهي منظمة بريطانية Women in Science and Engineening نسائية قامت لإيجاد حلول لظاهرة عزوف المرأة الغربية عن الالتحاق بكليات العلوم والهندسة..
وأكدت أن فصل تعليم الإناث عن الذكور في مجتمعي لم يكن وبالاً على المرأة السعودية ولكن وفّر لها مجالاً رحباً للاستزادة والمعرفة - وأنا واحدة من قرابة ألفي امرأة في جامِعَتِي جامعة الملك عبدالعزيز وغيرها من الجامعات هن نتاج هذا التعليم ويتخصصن بمجالات مختلفة).
هذه سطور مختصرة مما قالته د.ريم الطويرقي في اللقاء العلمي الذي تم فيه تكريمها.. هذه هي الطالبة التي التحقت بجامعة الملك عبدالعزيز في عام 1408ه لدراسة البكالوريوس في العلوم تخصص الفيزياء وكانت منذ ذلك الوقت تضع نصب عينيها ما قاله الحسن بن الهيثم (مؤسس علم البصريات) حيث قال: (أنا مادامت لي الحياة باذل جهدي وعقلي ومستخدم طاقتي في العلم لإفادة من يطلب الحق في حياتي وبعد مماتي وذخيرة لي في قبري ويوم حسابي..) وحصلت على البكالوريوس من جامعة الملك عبدالعزيز وأيضاً حصلت على شهادة الماجستير من الجامعة نفسها وبعد ذلك التحقت بجامعة ويلز سوانزي في بريطانيا للحصول على شهادة الدكتوراه في عام 2000م وكان موضوع دراستها هو (نمذجة أطياف الجزئيات ثنائي الذرة) ومنذ ذلك التاريخ وهي عضو هيئة تدريس في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وهي عضو في الجمعية العلمية السعودية للعلوم الفيزيائية وبالطبع لها عدد من الدراسات العلمية المنشورة في المجلات العلمية المتخصصة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وآسيا.. تطمح وتعمل لتحقيق إزالة المخاوف التي ترتبط عادة بعلم الفيزياء وكذلك إظهار ليس أهمية هذا العلم فقط ولكنه علم ممتع أيضاً وتعمل على المساهمة في استحداث برامج مشتركة بين الأقسام المختلفة وقسم الفيزياء لتوفير مجالات عمل أكبر لخريجي وخريجات قسم الفيزياء.. والإسهام في اتساع مجال البحث العلمي في هذا التخصص..
وقد وضح الدكتور برينو عبدالحق كيدردروني المسؤول العلمي عن هذه الفعاليات أن إيمان شبكة البحث حول العلم والدين في الإسلام التي يترأسها بضرورة تكريم الجهد العربي الإسلامي في سياق نشر ثقافة العلم والعلوم البحتة بصورة خاصة وبالتالي فإن تكريم الجهد العربي والجهد النسائي بصورة خاصة إنما هو اعتراف عالمي خاص بأهمية وجدوى وضرورة هذه الخطوات التي يقوم بها العلماء العرب وخاصة السيدات في ظروف ليست سهلة وأعرب عن اعتزازه الخاص بمشاركة الدكتورة ريم الطويرقي في هذه الاحتفالية وتفاعلها مع النقاشات التي دارت حول طبيعة الدور النسوي في السعودية وفي العملية التعليمية.
أما الأستاذ الطيب ولد العروسي مديرمكتبة معهد العالم العربي التي أشرفت على هذه التظاهرة العلمية فقد أعرب عن اعتزازه بمشاركة وتكريم د.ريم الطويرقي كنموذج نسائي عربي فاعل في مجال الفيزياء ونشر ثقافة العلم في الفضاء العربي الإسلامي وخاصة في الوسط النسائي.. وأوضح أن هذه التظاهرة العلمية التي تم فيها تكريم الدكتورة ريم الطويرقي هي الثانية التي ينظمها معهد العالم العربي مع جامعة باريس.
هذه هي ابنة هذا الوطن العالِمة د.ريم الطويرقي التي تعتبر نموذجاً للعلم والإيمان.. وقدوة تفتخر بها نساء الوطن بل جميع أبناء هذا الوطن..