تقدير البشر
قبل أشهر، تم في إمارة دبي إعلان فوز عامل النظافة سيد سليمان (42 سنة) بجائزة برنامج دبي للأداء الحكومي المميز، بعد أن أثبت ولاءه لعمله واحتراماً لمواعيده (بحسب ما ذكرت صحيفة الإمارات اليوم) وقام حاكم الإمارة بتسليم الجائزة للعامل بنفسه، وسلمه إضافة إلى «الخمسين ألف درهم»، قرار ترقيته. بل وطلب حاكم الإمارة من العامل سيد سليمان القرب منه لأخذ صورة معه بهذه المناسبة.
شئنا أم أبينا، هذا مثال رائع يحتذى به لرفع الروح المعنوية لعمالنا وموظفينا وجميع قوانا العاملة. طالما تمنينا وجود مثل هذه الحوافز في وزاراتنا وشركاتنا وجميع إداراتنا الحكومية منها والخاصة. إذ إن قاعدة الثواب والعقاب هي الأساس في كل عمل يقوم به الإنسان، بل وفي كثير من الأحيان، الحيوان أيضاً.
ولكن الغريب في الخبر أعلاه، أن الصحيفة التي نقلت الخبر، لم تتطرق إلى جنسية العامل (الآسيوي)، وكأن ناقل الخبر يقول إن جنسية العامل لا علاقة لها بالجائزة. بل إن ذكر جنسية العامل في خبر مثل هذا، قد يعد صورة من صور التعجب العنصري غير المقبول دينياً وإنسانياً (وقانونياً في معظم دول العالم المتحضر)، ولذلك أحجمت الصحيفة عن ذكر جنسية العامل، التي قد تدل على مدى بساطته وضعفه. بل ذكرت اسم العامل ووظيفته، وكأنه أحد مواطني البلد التي يعمل فيها.
إن احترام البشر للبشر هو من أهم مفاتيح نجاح علاقات الأمم مع بعضها بعضاً. وقد نص القرآن الكريم، بآيات عدة واضحة وضوح الشمس، على مدى ضرورة احترام الشعوب بعضها بعضاً، وعدم انتقاص شعب من آخر بسبب كم برميل بترول قابلة للزوال في أي لحظة، أو بسبب عنصرية قبلية نتنة.
إن مبدأ تقدير القوى العاملة ورفع مستوى أدائهم وتطبيق مبدأ الثواب المجزي والعقاب المنصف، يجب أن يكون ديدن جميع الوزراء ونوابهم ومديري فروعهم في جميع الإدارات الحكومية. ولن تقوم لهذا المبدأ قائمة، إلا إذا بدأ كبار المسؤولين في هذه الوزارات والإدارات بتطبيق النظام المفترض تطبيقه في مسألة احترام الوقت، وحب العمل. لدرجة أنني أتمنى وجود كاميرا نقل حي أو حتى تسجيل، في مكتب كل مسؤول وكل مدير إدارة حكومية، تنقل وبكل دقة الساعة التي دخل فيها المسؤول إلى مكتبه، والساعة التي خرج فيها منه، بل وعدد المعاملات التي أنجزها سعادته، وعدد المعاملات المقبولة والمعاملات المرفوضة، بل وعدد الأشخاص الذين تم السماح لهم بمقابلته والآخرين الذين لم يسمح لهم بذلك. ومن ثم يتم عرض هذه التسجيلات بشكل عشوائي على رؤسائهم من ولاة الأمر.
أعتقد أنه لو تم تطبيق مثل هذه النظام الرقابي الصارم، سيكون هناك تحسن جذري في الخدمات العامة في كل مكان، مع أن العامل الآسيوي سيد سليمان، (والله أعلم) لم يكن يخشى كاميرا تنقل تصرفاته لرؤسائه، بقدر ما كان يخشى عين الله التي تراقبه وتحسب له وعليه.
محمد المسحل ( الحياة )
......................................
وصلت عن طريق ايميلي
تحياتي