عندما سمع حجا عن "بلاد الحرية" و"مشاعل النور" لم تسعه دنياه من الفرح، فأسرع إلى أهله وأعد العدة علّه يحظى بمقعد في طائرة الغرب المنطلقة إلى "بلاد الحرية".
أمضى حجا يومه يودّع الأهل والأصحاب لأنّه سيكون غداً في "بلاد الحرية": يتنفس حرية، ويأكل حرية، ويشرب حرية، ويعيش ما بقي من حياته في حرية.
جلس جحا بعد عناء يوم طويل يراقب عبر شاشة التلفاز مصائب العالم علّه يكون آخر عهد له بها.
تسمّر في مقعده بعدما رأى عينة من المشاهد المروّعة التي يقوم بها سفير الحرية العالمي في بلاد الرافدين وقال في نفسه لعل الأمر فيه لبس فلا يُعقل أنّ سفير الحرية العالمي يقتل وينهب ويدمّر ويدوس مبادئه بأقدامه وهو سفيرها!!.
بقي حجا في مقعده متسائلاً عن صحة ما يرى ويسمع فإذا بموضوع حجاب المرأة في بلاد العلمانية والثورة والحرية لم يبقَ له مكان حيث ضاقت ذرعاً به وهي المدافعة عن الحرية والمبادئ السامية وحقوق الإنسان.
وهنا تذكر جحا نفسه عندما خدع ذات يوم أولاد الحيّ وقال لهم إن في آخر الطريق رجل يوزع الحلوى فركض الأولاد وتجمعوا في المكان الذي دلهم عليه فظنّ جحا أن الأمر حقيقة فجرىخلفهم وعلم بعد ذلك أنه كذب كذبة وصدّقها.
فقال: "لعمري إن حرية بلاد الغرب هي كذبة صدقها أهلها قبل الآخرون فلا أريد هذا السفر الخدّاع وسأبقى في بلدي كاشفاً زيف هذا الخداع".