الدفاع الشرعي الخاص (دفع الصائل) في الفقه الإسلامي (دراسة مقارنة مع القانون الوضعي)
زياد حمدان محمود ساخن
بأشراف
الدكتور مأمون الرفاعي -
لجنة المناقشة
- الدكتور مأمون الرفاع /مشرفاً ورئيساً - الدكتور محمد علي الصُليبي / ممتحنا داخلياً - الأستاذ الدكتور حسين مطاوع الترتوري /ممتحنا خارجياً
254 صفحة
الملخص:
الملخص
تهدف هذه الرسالة إلى توضيح المقصود بالدفاع الشرعي الخاص –دفع الصائل- وبيان ماهيته ومشروعيته، وبيان أحكام الدفاع عن النفس أو العرض أو المال، وأن الإضرار أو إلحاق الأذى بأي شيء من ذلك، واجب منعه ورده، ذلك أن الحفاظ على هذه الجوانب هو حفاظ على الضرورات الخمس التي أمر الله تعالى بحفظها، والتي لا تستقيم الحياة إلا بها، وأن المدافع عن نفسه أو عرضه أو ماله، لا مسؤولية عليه، مسؤولية جنائية أو مدنية، لقيامه بهذه الوجيبة؛ ذلك أن أداء المأمور به لا يتقيد بشرط السلامة. هذا فضلاً عن إبراز التفوق لأحكام القانون الجنائي الإسلامي، على غيره من القوانين البشرية الوضعية.
هذا وقد جاءت رسالتي هذه في تمهيد وأربعة فصول رئيسة، حيث تحدثت في الفصل التمهيدي عن الضرورات الخمس ومكانتها، وضرورة حفظها من جانب الوجود أو العدم، وعن علة تشريع الأحكام وعلة التجريم والعقاب، وأن مدار التشريع للأحكام هو تحري المصلحة، التي أرادها الله تعالى لعباده، ثم تحدثت بعد ذلك عن تميز النظام الجنائي بإقراره للآداب والخلق والفضيلة، وعن أسبقيته في حفظ النظام والأمن والأمان للفرد والمجتمع، ووسائله في ذلك.
وقد تبيّن لي أن النظام الجنائي الإسلامي؛ كونه نظاماً ربانياً هو النظام الأفضل والأصلح للبشرية بتوفير الأمن والأمان، وحفاظه على الحقوق والأعراض والحرمات، وفي منعه للجريمة وقطعه لشأفة الفساد والمفسدين.
وفي الفصل الأول (ماهية الدفاع الشرعي الخاص ومدى مشروعيته)؛ تحدثت فيه عن مفهوم الدفاع الشرعي الخاص بالمعنى الفقهي الحديث، ثم بيّنت أساسه ومشروعيته، وطبيعته من حيث كونه حقا أم واجبا، وحكمه الشرعي، وعلاقته بحالة الضرورة والإكراه، ثم عقدت مقارنة بينه وبين الدفاع الشرعي العام، وقد بينت أن الدفاع الشرعي الخاص هو المصطلح الحديث، للدفاع عن النفس أو العرض أو المال، وهو ما بحثه الفقهاء قديماً تحت موضوع دفع الصائل، وأن مشروعيته ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع والأثر والمعقول، وأنه قائم على منع الضرر ودفعه بأيسر ما يمكن، وأنه يختلف عن حالتي الضرورة والإكراه في جوانب ويتفق معه في جوانب أخرى؛ ذلك أن العلاقة والصلة بينهما وبين الدفاع الشرعي الخاص علاقة وثيقة وهي وجود الإضطرار، أو التهديد بخطر حالّ على النفس أو العرض أو المال، تؤدي إلى ارتكاب الفعل المحرم، ولذلك اعتبر الفقهاء كلاً من الدفاع الشرعي الخاص والضرورة والإكراه المادي ، تطبيقات لقاعدة (الضرورات تبيح المحظورات).
وفي الفصل الثاني (أقسام الدفاع الشرعي الخاص)؛ بينت الحكم الشرعي للدفاع عن النفس أو العرض أو المال، أو نفس الغير أو عرضه أو ماله، وتناولت أقوال الفقهاء وآراءهم في ذلك، وما استندوا إليه من أدلة، ثم رجحت الأقوى منها، ثم عقدت مقارنة بين أقسام الدفاع الشرعي الخاص؛ من حيث ترتيبها وأهميتها أو من حيث تركها أو التنازل عنها أو الرضى بإباحتها.
وقد تبيّن لي وجوب الدفاع عن النفس أو العرض أو المال؛ لما في ذلك من ضرورة شرعية واجتماعية للفرد (بصون عرضه ودمه وبالحفاظ على حقوقه وحرماته وأملاكه وصون شرفه واعتباره)، وللمجتمع المسلم بحفظ أمنه وتوفير أسباب أمانه، وقطع الطريق أمام الطامعين وقطع شأفة الفساد والمفسدين، فلا يجوز ترك الدفاع أو التنازل عن أي جنب من جوانبه، أو إباحة تلك الضرورات لأهميتها؛ لأنها جميعها من المقاصد التي أمر الإسلام بالحفاظ عليها، ولا تستقيم الحياة إلا بصونها وحمايتها.
وفي الفصل الثالث (أركان الدفاع الشرعي الخاص وشروطه)؛ بيّنت في هذا الفصل أركان الدفاع الشرعي الخاص التي لا بد من توافرها ووجودها، حتى يكون الدفاع مشروعاً ثابتاً لصاحبه يمكن له استخدامه، وهذه الأركان لا بد لها من شروط معينة ينبغي توافرها في المعتدي (الصائل) أو فعل الاعتداء (الصيال) أو المدافع (المصول عليه) أو فعل الدفاع.
هذا وقد تبين لي أن اختلال أي ركن من هذه الأركان، وعدم وجوده أو اختلال أي شرط من هذه الشروط يجعل الدفاع فعلاً غير مشروع، ويُسأل الفاعل عن فعله مسؤولية جنائية أو مدنية.
وفي الفصل الرابع (علاقة الدفاع الشرعي بالمسؤولية الجنائية)؛ بيّنت مفهوم المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية، عند الفقهاء القدماء والمحدثين، ثم بينت أركانها الثلاثة التي لا بد منها، وهي إتيان فعل محرم، وأن يكون الفاعل مختاراً، وأن يكون مدركاً، ثم بيّنت أسباب رفع المسؤولية الجنائية على المدافع.
هذا وقد تبين لي أن الجاني يكون مسؤولاً عن نتيجة فعله مستحقاً للعقاب واقعاً تحت طائلة المساءلة الجنائية والمدنية إذا توفرت للمسؤولية أركانها الثلاثة، فإذا انتفت صفة الحرمة عن الفعل تسقط المسؤولية. هذا وأسباب رفع المسؤولية الجنائية عن الفاعل هي: الدفاع الشرعي العام، والدفاع الشرعي الخاص، وأعمال الحكام وواجباتهم، والتطبيب، والتأديب، وألعاب الفروسية، وإيقاع العقاب على المهدرين، وأما أسباب امتناعها فهي: الإكراه والسكر بعذر، والجنون، وصغر السن.
هذا وقد تبين للباحث أيضاً أن المدافع مسؤول إذا تجاوز في دفاعه المشروع بالزيادة على القدر المطلوب عمداً، فإذا تعمد الإضرار بالصائل بما يزيد عن الحد اللازم لوقفه عن العدوان ولم يكن متدرجاً، فإنه يكون مسؤولاً عن هذا التجاوز من الناحيتين الجنائية والمدنية. أما إذا تجاوز ذلك من باب الخطأ غير العمدي، فيُِسأل عن فعله مسؤولية جنائية غير عمدية.
حمل البحث كامل(رابط مباشر)