هذا الشاعر الذي ذرع البيداء يميناً وشمالاً، وأكثر من الترحال، ولم يقر له قرار، ولما عاناه في حياته القاسية، قد يظن أنه أعطى صدوداً عن الغزل في شعره، وأنه لم يعشق، غير أن الحقيقة غير ذلك، فما هو إلا ذلك البحار الذي أنفق عمره في البحث عن حب وعن أحباب، كما يقول نزار!! إذ حمل بندر بين جوانحه قلباً أحب وعشق، وهام وجداً، فقال شعراً غزلياً رائعاً، إلا أنه لم يسهب في ذلك شأنه بذلك شأن صاحبه المتنبي القائل
[poet font="Times New Roman,4,royalblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="ridge,5,darkblue" type=2 line=350% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
وللخود مني ساعة ثم بيننا=فلاة الى غير اللقاء تجاب
[/poet]
يتجلى جميل الشعر الغزلي عند بندر بن سرور عندنا يعلن في احدى قصائده عما يختلج في جوانحه من الوجد والهيام بقوله:
[poet font="Times New Roman,5,royalblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="ridge,5,darkblue" type=2 line=350% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
آه يا فيحان من بعد المسافة=بين نجد وبين ريعان الحوية!!
[/poet]
مطلع رائع يعطي انطباعاً وشعوراً بالغربة، ولكن ما أسباب ذلك الوجد؟
[poet font="Times New Roman,4,skyblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,darkblue" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
يا صل اللي بان بالقلب اختلافه=عيت الأيام تسمحلي مجيه
[/poet]
من يا ترى هذا الذي ادمى الفؤاد الأسير؟
[poet font="Times New Roman,4,royalblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,darkblue" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
شبه وضحى قيضت فوق اللصافة=ربعت بطبيق وفياض الثنية
[/poet]
نعم، إنه يحق لشاعرنا هذا التوجد على محبوبته، إذا ما علمنا أن الشاعر يعيش نجداً في حمارة القيظ، في الوقت الذي تقيض فيه جوهرة آماله في ريعان الحوية بالطائف!!
وفي قصيدة أخرى يتوجد الشاعر فيقول:
[poet font="Times New Roman,4,royalblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,darkblue" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
ألا يا وجودي وجد من صك دونه باب=بقفل أعجميٍ مغلقاتٍ مساميره!!
على اللي كواني كية العظم بالمشهاب=على أقصى عراو القلب محم ٍ مناشيره!!
[/poet]
والخطر هنا عندما يتمكن المحبوب من أعماق قلب المحب متجاوزاً شغافه، لذلك كان الوجد كبيراً لدى الشاعر، فهو ليس حباً عارضاً ، يزول بزوال سببه كما قال ابن حزم الظاهري!! إنه متمكن على الرغم من بعد دار المحبوب، يقول بندر عنه:
[poet font="Times New Roman,4,royalblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,darkblue" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
عشير ورا الكودة وأنا من ورا مشعاب=بعيد قريب تعيب يا هون تيسيره!!
[/poet]
إنها صور شعرية متدفقة، تحمل إلى القلب والنفس ذلك الحزن العميق. ويقول
[poet font="Times New Roman,4,royalblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,darkblue" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
ألا واهني اللي عن الحب ما قد تاب=وأنا تبت عنه وعدت له يا الله الخيرة!!
[/poet]
[poet font="Times New Roman,4,royalblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,darkblue" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
عز الله إني جزت عن كل ما أقول=لاشك ردتني على القول ضيحه!!
[/poet]
ثم يسترسل في هذه الأبيات الغزلية الرائعة
[poet font="Times New Roman,4,royalblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,darkblue" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
لا يا عيون اللي ليا صك بالجول=
منه أبرق الجنحان عجل مطيحه
يا عود ريحان رفع غصنه الطول=
بستم قليبه ما يهون ضبيحه
يوم استوى عوده على داير الحول=
عجوا به التجار من زين ريحه!!
يا شيخة الخفرات بالزين وادلول=
من مات من سبتك ربه يبيحه!!
[/poet]
وفي براعة الاستهلال الغزلي، يقول بندر:
[poet font="Times New Roman,4,royalblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,darkblue" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
سرى البارق اللي روس مزنه تنصت الغال=
على هجرة ابن سنون وادني الشبيكية
على شان حصة جعل يسقيهم الوبال=
إليا عودت مالي ومال الحبر دية
[/poet]
ثم لماذا حصة بالذات، ولماذا لم تكن سعاد أو نادية!! يجيب بندر قائلاً:
[poet font="Times New Roman,4,royalblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,darkblue" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
تتل الضماير تل غرب على محال=
تصافق به الجيلان ملح اجماليه
[/poet]
وليعلم أن «حصة» ليس الاسم الحقيقي لمحبوبة الشاعر، إنما هو قناع اتخذه لعلمه أن عاداته الاجتماعية تنهاه من أن يصرح باسم محبوبته!! ولعلنا من خلال هذه المقالة نخلص إلى القول إن الشاعر بندر لم يوقف حبه على امرأة واحدة.
إنما رأيناه يتعقب الجمال في كل مكان، رأيناه أولاً في ريعان الحوية بالطائف، ثم رأيناه في هجرة ابن سنون حول الشبيكية، وثالثة رأيناه يطلب الجمال وراء الكودة، حيث يقيم عشيرة، وأخيراً نجده في هذا البيت يقول :ابغى الذي بين المضيح وعكاش
روقية تزها يديها الخواصير!!