[align=center]
قصه اعجبتني ويارب تعجبكم,,,
يحكى أن أحدهم ضاقت به سبل العيش ، فسئم الحياة وقرر أن يهيم
على وجهه في بلاد الله الواسعة ، فترك بيته وأهله وغادر المنطقة
متجهاً نحو الشرق ، وسار طويلاً حتى وصل بعد جهدٍ كبير ومشقةٍ
عظيمة إلى منطقة شرقيّ السعودية، وقادته الخطى إلى بيت أحد
الأجواد الذي رحّب به وأكرم وفادته ، وبعد انقضاء أيام الضيافة
سأله عن غايته ، فأخبره بها ، فقال له المضيف : ما رأيك أن تعمل
عندي على أن أعطيك ما يرضيك ، ولما كان صاحبنا بحاجة إلى مكان
يأوي إليـه ، وإلى عملٍ يعمل فيه اتفق معه على ذلك ..وعمل الرجل
عند مضيفه أحياناً يرعى الإبل وأحياناً أخرى يعمل في مضافته يعدّ
القهوة ويقدمها للضيوف ، ودام على ذلك الحال عدة سنوات كان
الشيخ يكافئه خلالها ببعض الإبل والماشية .. ومضت عدة سنوات
اشتاق فيها الرجل لبيته وعائلته وتاقت نفسُه إلى بلاده وإلى رؤية
أهله وأبنائه ، فأخبر صاحب البيت عن نيته في العودة إلى بلده ، فعزّ
عليه فراقه لصدقه وأمانته ، وأعطاه الكثير من المواشي وبعض
الإبل وودّعه وتمنى له أن يصل إلى أهله وهو بخير وسلامة ..وسار
الرجل ، وبعد أن قطع مسافة طويلة في الصحراء القاحلة رأى شيخاً
جالساً على قارعة الطريق ، ليس عنده شيء سوى خيمة منصوبة
بجانب الطريق ، وعندما وصل إليه حيّاه وسأله ماذا يعمل لوحده في
هذا المكان الخالي وتحت حرّ الشمس وهجير الصحراء ، فقال له :
أنا أعمل في التجارة . فعجب الرجل وقال له : وما هي تجارتك يا هذا
،
وأين بضاعتك ؟ فقال له الشيخ : أنا أبيع نصائح . فقال الرجل :
تبيع نصائح ، وبكم النصيحة ؟! فقال الشيخ : كلّ نصيحة ببعير .
فأطرق الرجل مفكراً في النصيحة وفي ثمنها الباهظ الذي عمل طويلاً
من أجل الحصول عليه ، ولكنه في النهاية قرر أن يشتري نصيحة
مهما كلفه الأمر فقال له : هات لي نصيحة ، وسأعطيك بعيراً
؟ ..فقال له الشيخ :' إذا طلع سهيل لا تأمَن للسيل ' ففكر الرجل في
هذه النصيحة وقال : ما لي ولسهيل في هذه الصحراء الموحشة ،
وماذا تنفعني هذه النصيحة في هذا الوقت بالذات وعندما وجد أنها لا
تنفعه قال للشيخ : هات لي نصيحة أخرى وسأعطيك بعيراً آخر .
فقال له الشيخ : ' أبو عيون بُرْق وأسنان فُرْق لا تأمن له ' وتأمل
صاحبنا هذه النصيحة أيضاً وأدارها في فكره ولم يجد بها أي فائدة ،
فقال والله لاغامر حتى النهاية حتى لو ضاع تعبي كلّه في دقائق
معدودة ، فقال للشيخ هات النصيحة الثالثة وسأعطيك بعيراً آخر ..
فقال له : ' نام على النَّدَم ولا تنام على الدم ' . ولم تكن النصيحة
الثالثة بأفضل من سابقتيها ، فترك الرجل ذلك الشيخ وساق ما معه
من مواشٍ وسار في طريقه وظل يسير لعدة أيام نسي خلالها
النصائح من كثرة التعب وشدّة الحر ، وفي أحد الأيام أدركه المساء
فوصل إلى قوم قد نصبوا خيامهم ومضاربهم في قاع وادٍ كبير ،
فتعشّى عند أحدهم وباتَ عنده ، وفي الليل وبينما كان ساهراً يتأمل
النجوم شاهد نجم سُهيل ، وعندما رآه الرجل تذكّر النصيحة التي
قالها له الشيخ ففرّ مذعوراً ، وأيقظَ صاحب البيت وأخبره بقصة
النصيحة ، وطلب منه أن يخبر قومه حتى يخرجوا من قاع ذلك
الوادي ، ولكن المضيف سخر منه ومن قلّة عقله ولم يكترث له ولم
يأبه لكلامه ، فقال والله لقد اشتريت النصيحة ببعير ولن أنام في قاع
هذا الوادي ، فقرر أن يبيت على مكان مرتفع ، فأخذ جاعِدَهُ ونام على
مكان مرتفع بجانب الوادي . وفي أواخر الليل جاء السيل يهدر
كالرعد فأخذ البيوت والقوم ، ولم يُبقِ سوى بعض المواشي .. وساق
الرجل ما تبقى من المواشي وأضافها إلى مواشيه ، وصاح لها مناديا
فتبعته وسار في طريقه عدة أيام أخر حتى وصل في أحد الأيام إلى
بيت في الصحراء ، فرحب به صاحب البيت وكان رجلاً نحيفاً خفيف
الحركة ، وأخذ يزيد في الترحيب به والتذبذب إليه حتى أوجس منه
خيفة ، فنظر إليه وإذا به ' ذو عيون بُرْق وأسنان فُرْق ' فقال : آه
هذا الذي أوصاني عنه الشيخ ، إن به نفس المواصفات لا ينقص
منها شيء . وفي الليل تظاهر الرجل بأنه يريد أن يبيت خارج البيت
قريباً من مواشيه وأغنامـه ، وأخذ فراشه وجَرَّه في ناحية ، ولكنه
وضع حجارة تحت اللحاف ، وانتحى مكاناً غير بعيد يراقب منه
حركات مضيفه ، وبعد أن أيقن المضيف أن ضيفه قد نام ،خاصة بعد
أن لم يرَ حراكاً له ، أخذ يقترب منه على رؤوس أصابعه حتى وصله
ولما لم يسمع منه أية حركة تأكد له أنه نائم بالفعل ، فعاد وأخذ
سيفه وتقدم منه ببطء ثم هوى عليه بسيفه بضربه شديدة ، ولكن
الضيف كان يقف وراءه فقال له : لقد اشتريت والله النصيحة ببعير
ثم ضربه بسيفه فقتلـه ، وساق ماشيته وغاب في أعماق الصحراء .
وبعد مسيرة عدة أيام وصل في ساعات الليل إلى منطقة أهله ، فوجد
مضارب قومه على حالها ، فترك ماشيته خارج الحيّ ، وسار ناحية
بيته ورفع الرواق ودخل البيت فوجد زوجته نائمة وبجانبها شاب
طويل الشعر ، فاغتاظ لذلك ووضع يده على حسامه وأراد أن يهوى
به على رؤوس الأثنين ، وفجأة تذكر النصيحة الثالثة التي تقول ' نام
على الندم ولا تنام على الدم ' ، فبردت أعصابه وهدأ قليلاً فتركهم
على حالهم ، وخرج من البيت وعاد إلى أغنامه ونام عندها حتى
الصباح ، وبعد شروق الشمس ساق أغنامه واقترب من البيت فعرفه
الناس ورحبوا به ، واستقبله أهل بيته وقالوا :له لقد تركتنا منذ
فترة طويلة ، انظر كيف كبر خلالها ابنك حتى أصبح رجلاً ، ونظر
الرجل إلى ابنه وإذا به ذلك الشاب الذي كان ينام بالأمس بجانب
زوجته فحمد الله على سلامتهم ، وشكر ربه أن هداه إلى عدم قتلهم
وقال بينه وبين نفسه والله إن كل نصيحة أحسن من بعير ، وهكذا
فإن النصيحة لا تقدّر بثمن إذا فهمناها وعملنا بها في الوقت المناسب
وتقبلوووو تحياتي
:p:p[/align]