المسالة الرابعة والاربعون من مسائل الجاهلية ، الكلام فى الدين بلا علم وذلك ان اهل الجاهلية من العرب وغيرهم من الكتابيين شرعوا فى الدين ما لم ياذن به الله ، اما العرب فقد كان الكثير منهم على دين ابراهيم واسماعيل ـ عليهما السلام ـ ، الى ان ظهر فيهم الخزاعى فغيّر وبدّل وابتدع بدعا كثيرة واغرى العرب على عبادة الاصنام وبحر البحيرة وحمى الحام واستقسم بالازلام الى غير ذلك ، وان شئت ان تعرف جهل العرب وما ابتدعوه فاقرا سورة الانعام فان فيها كثيرا من ضلالاتهم ومبتدعاتهم .
واما الجاهليون من اليهود والنصارى فقد اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح بن مريم ، وذلك ان احبارهم ورهبانهم ابتدعوا لهم فى الدين بدعا وحللوا وحرموا ما اشتهته انفسهم ، فقبلوا ذلك منهم واطاعوهم عليه ، مع ان الدين انما يكون بتشريع الله ووحيه الى انبيائه ورسله ـ عليهم السلام ـ ، ولا يكون باراء الرجال وبحسب اهوائهم ، فكل ما لا دليل عليه من كتاب ولا سنة مردود على صاحبه .
وقد ذم الله تعالى اليهود على مثل ذلك فقال عز اسمه : ((وان منهم لفريقا يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون )) <<ال عمران : 78>> ، فمن اوّل نصوص الكتاب والسنة على حسب شهواته وبمقتضى هواه فهو ايضا من قبيل الذين يلوون السنتهم بالكتاب . . ـــ وانت تعلم ما اشتمل عليه اليوم كثير من كتب الشريعة من الاراء التى ليس لها مستند من دلائل الشريعة . فالى الله المشتكى من صوْلة الباطل وخمول الحق (1) .
.......... .......... .......... .......... .......... .......... .......... .......... ..
(1) مسائل الجاهلية ، لشيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى (1115ـ 1206هـ ) للعلامة محمود شكرى الالوسى ، دار المنهاج ، الطبعة الاولى 1422هـ ـ ص (57:58) .