[align=center]ماهر عبد الله: سيدي، يعني لا نريد أن نطيل كثيراً في الحديث عن ابن تيمية –عليه رحمة الله- ولكن أنا ما قصدته ليس أن.. أن نقول لأنه قال بها ابن تيمية فيجب الأخذ بها، ولكن يعني الاستشهاد بهذا الرجل تحديداً أنت تعرف أنه عاش زمن مناظرات وزمن تحديات دخل مع فلاسفة في نقاش، دخل مع متصوفة في نقاش، دخل مع.. مع كثير من.. من الفرق ودخل مع السلطة في.. في صدام، يعني ليس السمت العام لهذا الرجل أن يكون نقلياً يجري خلف رغبات الشارع، يعني ليست هذه من.. من الصفات التي اشتُهر بها، يعني مازلت أجد من الصعوبة أن أقول أنه أن أقبل منك أنه كان يمكن أن تنطلي على ابن تيمية بهذه البساطة، لأنه جارى الشارع أو جارى بعض الصالحين.
د.جمال أبو حسان: يا سيدي، القضية الحقيقية ليست ابن تيمية أو غير ابن تيمية، القضية أن هذه أمور من الوهم شاعت بين الناس وعلى مدار تاريخنا الإسلامي هناك فكرة من أخطر الأفكار التي يتعامل بها العلماء في مجتمعات المسلمين وهي الخوف من تيار العامة، وابن تيمية الحقيقة أو المذهب الحنبلي عموماً كان يستند في تقرير لقضاياه على العوام، فمحاربة العوام في أمر يعتقدون أنه دين هذه من أعظم الأمور التي كانت موجودة في ذلك الوقت، ولذلك قد يكون ابن تيمية فعلاً اقتنع بهذه القضية اقتناعاً حقيقياً لا أن الرجل جاري هؤلاء الناس كما نحن نتوهم، لكن قناعته هذه هل هي منضبطة بالشرع أو ليست منضبطة بالشرع دعني أكمل الحقيقة أسباب انتشار هذه الظواهر، قلنا نحنا إنه هذه المسألة موجودة في كتب أهل العلم دون أن تحقق ينقلها المتأخر عن المتقدم دون أن يحققوا فيها شيئاً، ثم هناك أيضاً مثل ما قلنا تعلق هذا الأمر بالغيب مما يحبذ النفس ويعلقها بيعني تعليق أخطاءها على شيء قدري اللي هي يعني أو رفع قدر المسؤولية عن الإنسان لأن الإنسان يفرح أكثر ما يكون إذا قيل له والله أنت رجل مسكين طيب ليس عليك ولا.. الطمع والشره والحقيقة عند كثير من المعالجين الذين ينشرون هذه القضية بين الناس، وأنت لو ذهبت إلى المكتبة الإسلامية تجد عشرات الكتب بألوان مختلفة وأسماء مختلفة كلها تصب في قالب واحد ليس فيها جديد إلا غثاءً كغثاء السيل، أيضاً الحقيقة هناك وهم ساد في الناس جعلهم في قمة السعادة الوهمية بمحاربة شياطين الإنس لاسيما وقد عجز الناس عن محاربة شياطين الجن أو أوهموا أنفسهم على الأقل بأنهم اليوم عجزة عن محاربة شياطين الجن بالإضافة إلى الظروف السياسية التي تحول دون محاربة شياطين الإنس كما هو ظاهر.
ماهر عبد الله: طيب.. طيب دعني أسألك عن.. ماشي أسباب الظاهرة يعني قد تكون واضحة ومظاهر تخلفنا وضعفنا ما أعتقد أنه محتاجين نخوض فيها كثيراً، لكن هو سؤال يعني دخلنا في صميمه.. صميم الموضوع أكثر ما هي.. طبعاً نحن نتفق على أن الجن ظاهرة قرآنية لا مجال لإنكارها.
د. جمال أبو حسان: لا شك أن الجن يعني مخلوقات موجودة بنص القرآن الكريم لا ننكرها نحن.
ماهر عبد الله: طيب، لا.. لا ندخل في من هم الجن على اعتبار أننا سنفترض أنه هذا من.. مما هو معلوم، مش من الدين بالضرورة، لكن من معلومات ناس..
د.جمال أبو حسان: هو من المعلوم من الدين بالضرورة حقيقة..
ماهر عبد الله: لا قد ماهية الجن.
د. جمال أبو حسان: القرآن الكريم نص على وجودهم ونص على تكليفهم ونص على أن الله.. ونص.. وأخبر أن هؤلاء استمعوا للنبي –صلى الله عليه وسلم- وأنهم آمنوا بالقرآن الكريم ومنهم من كفر هذا الحقيقة أمر لا يختلف عليه اثنان.
الحدود الشرعية للعلاقة مع الجن
ماهر عبد الله: نعم، طيب.. ما هي الحدود من خلال احتجاجك على من قال بالتلبس –ما هي الحدود الشرعية والمقبولة شرعاً وعقلاً للتعامل.. للعلاقة مع الجن؟
د.جمال أبو حسان: أولاً، الحقيقة حتى نقول ما هي.. الجن من عالم الغيب والذي يحدد العلاقة بين الشاهد والغيب هو الشرع وليس الوهم وليس رغبة الناس، فإذا قرأت القرآن الكريم وقرأت السنة النبوية لا تجد أبداً أن هناك دليلاً واحداً صريحاً في أن هناك أدنى علاقة ما بين الإنس والجن إلا علاقة الإغواء والحرب بين إيمان وكفر.
ماهر عبد الله: لأ، بس اسمح لي..
د. جمال أبو حسان: علاقة وسوسة فقط
ماهر عبد الله: اسمح لي.. لأ اسمح لي.. اسمح لي.. اسمح لي، يعني عوداً على فتوى ابن باز، فيه.. فيه علاقات أخرى إنه وثبت في الصحيحين..
د. جمال أبو حسان: ما الذي ثبت في الصحيحين؟
ماهر عبد الله: من حديث، ما أنت قلت أنه العلاقة وحي وإلهام فقط، لكن هو أنه كان اعترض بعض الصحابة في الصلوات.. في.. في الطرق، فإذن العلاقة علاقة إيحاء وإغواء فقط، يعني كان.. ألم يرد عن.. عن بعض الصحابة أنه في طريقه إلى الصلاة اعترضه جان..؟
د. جمال أبو حسان: يا سيدي هذا الذي ورد بهذه الكيفية لم يثبت منه ولا حديث واحد على الإطلاق بل كلها إما أحاديث منكرة أو إما أحاديث في غاية الضعف وكل الذي ورد لا يُفسَّر بل لا يمكن تفسيره إلا بأنه من قبيل الوسوسة.
ماهر عبد الله: ثبت في الصحيحين.
د. جمال أبو حسان: ثبت في الصحيحين، هذا شيء يخص النبي –صلى الله عليه وسلم- لا يخص الصحابة في الشوارع، فهذه قضية النبي مع الجن هذه قضية خاصة، لكن أن يقال.. أن تعمم هذه القضية الخاصة على عموم المسلمين هذا يحتاج إلى دليل، لكن أخبرنا النبي –صلى الله عليه وسلم- بأنه قد حدث هذا الشيء معه هو ولم يخبرنا أنه حدث هذا مع الصحابة فنحن نبقى عن دائرة النص، لأن النص يتحدث عن أمر غيبي والغيب لا يخضع للعقل إلا.. إلا بدليل، فالقضية ليست قضية إنه والله الصحابة قالوا أو لم يقولوا، لم يثبت هناك شيء من هذا كله أحاديث كذب، زور، وبهتان، ضعيفة، تالفة، منكرة، لا يمكن أن.. أن تُفسر إلا..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: بس كيف تفسر لي هذه الظاهرة أغلب المشتغلين بهذه القضية والمؤمنين بها هم من أهل الحديث؟
د. جمال أبو حسان: أنا الحقيقة كنت أريد أن أقول إنه من غرائب الاتفاقات أو من غرائب –سمه من تشاء- أن يتفق على إعلان هذا الوهم وإذاعته.. وإذاعته في الناس طائفتان من طوائف المسلمين اليوم متناحرتان في الظاهر بشكل كبير جداً وهما طائفتا الصوفية والسلفية، يعني غريب أن يشترك هؤلاء الناس في إذاعة ونشر هذا الوهم بين المسلمين برغم أن الذين يسمون أنفسهم سلفيون اليوم يتشبثون بأنهم من أصحاب التوقف عند النصوص سواء أكانت نصوصاً قرآنية.
ماهر عبد الله: وأهل الحديث وأهم ما في الموضوع..
د. جمال أبو حسان: أو حديثية، ونحن الحقيقة في هذا المجال يجب أن ننبه إلى قضية مهمة إنه موضوع الجن الأصل في الإخبار عنه هو القرآن وليس السنة وثمة أحاديث تحدثت عن الجن يجب أن نفهمها من منظور الآيات القرآنية وليس العكس، إذا أخبرنا الله -تبارك وتعالى- عن الجن خبراً ثم النبي –صلى الله عليه وسلم- أخبرنا خبراً، يجب أن نفهم الخبر النبوي في ضوء الآية أو الخبر القرآني وليس العكس، هناك الحقيقة صور كثيرة من ضرورة أن يفهم المسلمون أن التعامل مع الحديث النبوي ينبغي أن يكون وفق الدلالة القرآنية وليس إخضاع القرآن الكريم للأحاديث النبوية بحيث إنه نلوي عنق النص القرآني لأجل أن يتقوَّم حسب فهمنا لحديث ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم-.
[موجز الأخبار][/align]