أسباب فقدان السعادة :
أسباب فقدان السعادة أخيتي ، هل حدثتي نفسك يوما لماذا أنا لست سعيدة ؟ أو ينتابك القلق والهم أحيانا ؟ هل تبحثين عن السعادة في حياتك ؟ لست وحدك فالكل يبحث عن السعادة وينقب عن مكمنها لكن ليس كل من بحث عنها وجدها ، رغم أن مكمنها معروف، وسهل الوصول إليه فلا يصل إلى مكمنها إلا العقلاء فقط ، فلنكن منهم .
السعادة والسرورهما الهدف الأسمى لكل مخلوقات الله من البشر غنيها وفقيرها مؤمنها وكافرها صغيرها وكبيرها أنثاها وذكرها بألوانها المختلفة لأنهما يولدان التبسم في حياة المرء ، ولكن كل يرى السعادة والسرور من زاوية معينه –تكاد تختلف عن الآخرين – فهناك من يرى السعادة هي ماأصابه الإنسان من الحياة فمصطفى الغلاييني يقول :
إن الحياة هي السعادة للذي يزور عن تزويرها وغرورها
وهي الشقاء لمن يرى أشواكها فيفر من أزهارها وعبيـرهـــا
وقد قيل الكثير في الأدب العربي عن السعادة ، وأنواعها ، وأسبابها ، فهذا البارودي لم يستطع نسيان الأحداث التي مر بها أثناء الشباب وهو يرى أنها نوع من السعادة ، ثم يختم ذلك في فلسفة إجتماعية فريدة يقول :
كل شيء يسلوه ذو اللب إلا ماضي اللهو في زمان الشباب
ليس يرعى حق الوداد ولا يلذ كر عـــهدا إلا كــــريم النصاب
إنما المرء صورة سوف تبلى وانتهاء العمران بدء الخــــراب
فعلا سوف تبلى في الدنيا ، لكن ستبقى في الآخرة ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر – نسأل الله السلامة – ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصورها كأنها حلم عابر في هذا البيت:
نسر بما يفنى ونفرح بالمنى كما يسر باللذات في النوم حالم
ولنسبر غور الأدب العربي لنقف على أنواع السعادة المنشودة : قيل : ليس سرور النفس بالجدة ، وإنما سرورها بالأمل ، وما أضيق الحياة لولا فسحة الأمل ، لكن أمل بحدود الفأل الحسن ، وما تعدى حدود وطاقات الفرد فهو ضرب من ضروب الخيال والرسم على الهواء. قيل لأعرابي : أي الأمور أمتع ؟ فقال : الأماني ، وأنشد يقول :
إذا تـمـنيت بـت اللـيل مـغـتبطا إن المنى رأس أموال المفاليس
لولا المنى مت من هم ومن جزع إذا تذكرت مافي داخل الكيس
وقد قال عبدالرحمن بن أبي بكر : السرور إدراك الأماني،
إن السعادة في أن تنال نفسي مناها
وأن تكون بمنأى عمن يريد أذاهـا
كل شيء يوافق الفطرة فهو منى النفس ، وأما أذاها فهو ما خالف فطرتها التي فطرها الله عليه، وهناك من رأى الطلاقة والإبتسامة في اللقاء هي السعادة وهذا ماقال به سعيد بن عبيد الطائي:
الق بالبشر من لقيت من النا س جميعا ولا قهن بالطلاقة
تجن منهم جني ثمار فخذها طيبــا طعمـه لذيـذ مذاقــــه
و هذا شاعر يرى أن الحياة هي حسناء فاركة، حيث يقول :
وما الحياة سوى حسناء فاركة مخطوبة من أحباء وأعداء
قد تمنع النفس أكفاء ذوي شغب وربما وهبتها غـير أكفــاء
وهناك من يرى السعادة بمنظار آخر أو تحصيل شيء قد حرم منه فقد قيل لمسجون : مالسرور؟ فقال : فكاك يفجأ ، وإطلاق لا يرزأ. أما العاشقين فمناهم تنحصر في دنيا العاشقين قيل لعاشق : ما السرور؟ فقال : لقية تشفي من الفرقة ، واعتناق يداوي من الحرقة. وقيل لأعزب ما السرور؟ فقال : زوجة وسيمة ، ونعمة جسيمة. وقيل لإمرأة : مالسرور ؟ فقالت : زوج يملأ قلبي جلالا ، وعيني جمالا ، وفنائي جمالا. وقيل لحصين بن منذر، ما السرور ؟ فقال : إمرأة حسناء ، في دار قوراء ، وفرس في الفناء. قيل للأعشى، ما السرور ؟ فقال : صهباء صافية ، تمزجها غانية ، بصوت غادية، ويقول الأعرابي :
حسب الفتى من عيشه زاد يـبـلـغـه المحـلا
خبـز ومــاء بـــــارد والظل حين يريد الظل
ولعله أراد بالظل البيت الذي يأوي إليه ، ولو سئل الغريب ما السرور ؟ لقال : الإياب مع الغنيمة، ولو سئل طالب ما السرور، لقال: الفوز والنجاح ، ولو سئل عالم ما السرور ؟ لقال : دواة وكتاب. ولو قيل لخائف: ما السرور ؟ لقال: الأمن والعافية. وقيل لمغن : ما السرور؟ قال: مجلس يقل هذره ، وعود يصفو وتره ، وعقول تفهم ما أقول. وقيل لمشرد: ما السرور؟ قال: كفيت ووطن ، وسلامة وسكن. وقيل لطفيلي: ما السرور؟ فقال : ندامى تسكن صدورهم ، وتغلي قدورهم ، ولا تغلق دورهم. وقال قتيبة بن مسلم لوكيع بن أبي الأسود: ما السرور؟ قال: لواء منشور، وجلوس على السرير، والسلام على الأمير.
هذا السرور الدنيوي الزائف، فهناك من تمناه باع دينه ودنياه، وهناك من فضل السعادة الزائفة والعياذ بالله.
فكوني ممن يبحث عن السعادة الأخروية التي من نتاجها السعادة الدنيوية، فالسعادة الحقة ليست بسيارة فارهة، ولا بمنازل واسعة، ولا بأموال رائجة، ولا بمأكولات سائغة، فها نحن جربنا كل هذا فلماذ لا نجرب سعادة من نوع آخر: وهي تقوى الله، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، إن السعادة باتباع ما أمر واجتناب مانهى عنه وزجر– والله- انها لهي السعادة الحقيقية، والتي هي من أهداف الحياة الروحية الساعية الى بث الطمأنينة في النفس الانسانية ونبذ الهم والقلق، اللذين هما أعدى أعدائها، وذكر الله هو الوسيلة الفعالة للوصول إلى هذا الهدف. لا شك أن مصدر الهم والقلق هو استشعارالانسان بضعفه أمام أحداث هذه الحياة، ولكن الإيمان القوي بالله، وبالقضاء خيره وشره، يلقى في نفس الانسان طمأنينة وقوة تتضاءل أمامها هموم الحياة ويراها شيئا تافها لا يستحق الالتفات. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن ان أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد الا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
كان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته يقول : كان لنا أمانان ذهب أحدهما وهو كون رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، وبقي لنا الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا. قال سبحانه وتعالى: (استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) نوح 10-12 ، (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) الأنفال330. إن المؤمن القوي يكون دائم الاتصال بربه، وهو السعيد، وما سواه فهو في سعادة زائفة، إذا كان هناك سعادة في حياته أصلا ( فهذه وصفة مجرب لا طبيب).
منقول بتصرف للامانه والفائده
و لست ارى السعادة جمع مالا و لكن التقى هو السعيد
منقول