وقفــة
لا تحزنْ :
فإنَّ المرضَ يزولُ ، والمصابَ يحولُ ، والذنبَ يُغفرُ ، والدَّيْنَ يُقضى ، والمحبوسَ يُفكُّ ، والغائبَ يقدمُ ، والعاصي يتوبُ ، والفقيرَ يغتني .
لا تحزنْ :
أما ترى السحاب الأسود كيف ينقشعُ ، والليل البهيم كيف ينجلي ، والريح الصَّرْصَرَ كيف تسكنُ ، والعاصفة كيف تهدأ ؟! إذاً فشدائدُك إلى رخاء ، وعيشُك إلى هناء ، ومستقبلُك إلى نَعْماءِ .
لا تحزنْ :
لهيبُ الشمس يطفئُهُ وارفُ الظلِّ ، وظمأُ الهاجرةِ يُبردُه الماءُ النميرُ ، وعَضَّةٌ الجوعِ يُسكِّنُها الخُبْزُ الدافِئُ ، ومعاناةُ السهرِ يعقبُهُ نومٌ لذيذٌ ، وآلامُ المرضِ يُزَيُلها لذيذُ العافيةِ ، فما عليك إلا الصبرُ قليلاً والانتظارُ لحظةً .
لا تحزنْ :
فقدْ حارِ الأطباءُ ، وعَجَزَ الحكماءُ ، ووقفَ العلماءُ ، وتساءلَ الشعراء ، وبارت الحيل أُمام نفاذِ القدرةِ ، ووقوعِ القضاءِ ، وحتميةِ المقدورِ قال عليُّ بنُ جبلةَ :
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
عسى فرجٌ يكونُ عسى=نعلّلُ نفسنا بعسى
فلا تقنط وإن لاقيْـ=ـت همّاً يقبضُ النَّفسَا
فأقربُ ما يكونُ المرْ =ءُ مِنْ فرجٍ إذا يئسِا [/poem]
***************************************
اخترْ لنفسك ما اختاره اللهُ لك
قمْ إن أقامك ، واقعدْ إنْ أقعدك ، واصبرْ إذا أفقرَك ، واشكرْ إذا أغناك .
فهذه من لوازم : (( رضيتُ باللهِ رباً ، وبالإسلامِ ديناً ، وبمحمد نبياً ))
.
قال أحدُهُمْ :
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لا تُدبِّرْ لك أمراً =فأولوا التدبيرِ هلْكى
وارضَ عنَّا إن حَكمْنا =نحنُ أولى بِك مِنكا[/poem]
***************************************
لا تراقبْ تصرُّفات الناس
فإنَّهم لا يملكون ضرّاً ولا نفعاً ، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ، ولا ثواباً ولا عقاباً .
قال أحدُهم :
مَنْ راقب الناسَ ماتَ همّاً
وفاز باللذةِ الجسورُ
وقال بشَّار :
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
من راقب الناس لم يظفرْ بحاجتهِ =وفاز بالطيباتِ الفاتِكُ اللَّهِجُ[/poem]
قالَ إبراهيمُ بن أدهم :
نحن في عيْشٍ لوْ علم بهِ الملوكُ لجالدونا عليهِ بالسيوفِ .
وقال ابنُ تيمية :
إنه ليمرُّ بالقلبِ حالٌ ، أقولُ :
إن كان أهلُ الجنةِ في مثلِ حالِنا إنهم في عيشٍ طيبٍ .
قال أيضاً :
إنه ليمرُّ بالقلبِ حالاتٌ يرقصُ طرباً ، من الفرحِ بذكرهِ سبحانه وتعالى والأنس به .
وقال ابنُ تيمية أيضاً عندما أُدخِل السجنَ ، وقدْ أغلق السجَّانُ الباب ، قال ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾ .
وقال وهو في سجنِه : ماذا يفعلُ أعدائي بي ؟! أنا جنتي وبستاني في صدري ، أنَّى سرْتُ فهي معي ، إنَّ قتلي شهادةٌ ، وإخراجي من بلدي سياحةٌ وسجني خلوةٌ .
يقولون :
أيُّ شيء وَجَدَ من فقدَ الله ؟! وأيُّ شيءٍ فقدَ من وجد الله ؟! لا يستويان أبداً ، منْ وجد الله وجد كلَّ شيء ، ومنْ فقد الله فقد كلَّ شيءٍ .
يقول :
(( لإن أقولُ : سبحان اللهِ ، والحمدُ للهِ ، ولا إله إلا اللهُ ، واللهُ أكبرُ ، أحبُّ إليَّ مما طلعتْ عليه الشمسُ )) .
قال أحدُ السلفِ عنِ الأثرياءِ وقصورِهمْ ودورِهمْ وأموالهمْ : نأكلُ ويأكلون ، ونشربُ ، ويشربون ، وننظرُ وينظرون ، ولا نُحاسبُ ويُحاسبون .
﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ .
المؤمنون يقولون : ﴿ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ ﴾ . والمنافقون يقولون : ﴿ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾ .
حياتُك منْ صنع أفكارِك فالأفكارُ التي تستثمرُها وتفكرُ فيها وتعيشُها هي التي تؤثرُ في حياتِك ، سواءٌ كانتْ في سعادةٍ أو شقاوةٍ .
يقولُ أحدُهم :
إذا كنت حافياً ، فانظرْ لمنْ بُتِرَتْ ساقاه ، تحمَّدْ ربَّك على نعمةِ الرجْلَيْن .
قال الشاعرُ :
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لا يملأُ الهولُ قلبي قبل وقعتِهِ =ولا أضيقُ به ذرعاً إذا وقعا [/poem]
************************************
أحسن إلى الناس
فإنَّ الإحسانَ على الناسِ طريقٌ واسعةٌ من طرقِ السعادةِ .
وفي حديثٍ صحيح : (( إنَّ الله يقولُ لعبدهِ وهو يحاسبُهُ يوم القيامةِ : يا ابنَّ آدم ، جعتُ ولم تطعمْني . قال : كيف أطعمُك وأنت ربُّ العالمين ؟! قال : أما علمت أنَّ عبدي فلان ابن فلانٍ جاع فما أطعمْتهُ ، أما إنكَ لو أطعمْتَهُ وجدتَ ذلك عندي . يا ابن آدم ، ظمئتُ فلمْ تسقني . قال : كيف أسقيك وأنت ربُّ العالمينَ! قال : أما علمت أنَّ عبدي فلان ابن فلانٍ ظمِئَ فما أسقيته ، أما إنَّك لوْ أسقيته وجدْت ذلك عندي . يا ابن آدم ، مرضْتُ فلم تعُدني . قال : كيف أعودُك وأنت ربُّ العالمين ؟! قال : أما علمْت أنَّ عبدي فلان ابن فلانٍ مرض فما عدْتَهُ ، أما إنك لوْ عدتهْ وجدتني عندهُ ؟! )) .
هنا لفتةٌ وهي وجدتني عندهُ ، ولم يقلْ كالسابقتين : وجدته عندي ؛ لأنَّ الله عند المنكسِرة قلوبُهم ، كالمريض . وفي الحديثِ : (( في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ )) . واعلمْ أنَّ أدخل امرأةً بغِيّاً منْ بني إسرائيل الجنة ، لأنها سقتْ كلباً على ظمأ . فكيف بمنْ أطعمَ وسقى ، ورفع الضائقة وكشف الكُرْبَةَ ؟!
وقدْ صحَّ عنهُ أنهُ قال :
(( مَنْ كان لهُ فضلُ زادٍ فليَعُد بهِ على مَنْ لا زاد لهُ ، ومنْ كان له فضلُ ظهْرٍ فليعدْ بهِ على منْ لا ظهر لهُ )) . أي ليس لهُ مركوبٌ .
وقدْ قال حاتمٌ في أبياتٍ لهُ جميلةٍ ، وهو يُوصِي خادمهُ أنْ يلتمس ضيفاً يقولُ
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أوقدْ فإنَّ الليل ليلٌ قرُّ =إذا أتى ضيفٌ فأنت حُرُّ[/poem]
ويقول لامرأته :
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إذا ما صنعتِ الزاد فالتمسي لهُ=أكيلاً فإني لستُ آكلُهُ وحدي[/poem]
وقال أيضاً :
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أماويَّ إنَّ المال غادٍ ورائحٌ =ويبقى من المالِ الأحاديثُ والذِّكْرُ
أماويَّ ما يُغني الثراءُ عنِ الفتى=إذا حشرجتْ يوماً وضاق بها الصدرُ [/poem]
ويقول :
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
فما زادنا فخراً على ذي قرابةٍ =غِنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقْرُ [/poem]
وقال عروةُ بنُ حزامٍ
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أتهزأُ مني أن سمنِت وأن ترى=بوجهي شحوب الحقِّ والحقُّ جاهدُ
أوزِّعُ جسمي في جسومٍ كثيرةٍ =وأحسو قراح الماءِ والماءُ باردُ [/poem]
وكان ابنُ المباركِ لهُ جارٌ يهوديٌ ، فكان يبدأ فيُطعم اليهوديَّ قبل أبنائهِ ، ويكسوه قبل أبنائِه ، فقالوا لليهوديِّ : بعنا دارك . قال :
داري بألفيْ دينارٍ ، ألفٌ قيمتُها ، وألفٌ جوارُ ابن المباركِ ! . فسمع ابن المباركِ بذلك ، فقال : اللهمَّ اهدِهِ إلى الإسلامِ . فأسلم بإذنِ اللهِ !.
ومرَّ ابنُ المبارك حاجّاً بقافلةٍ ، فرأى امرأةً أخذتْ غُراباً مْيتاً من مزبلةٍ ، فأرسلَ في أثرِها غلامه فسألها ، فقالتْ : ما لنا منذُ ثلاثةِ أيامٍ إلا ما يُلقى بها . فدمعتْ عيناهُ ، وأمر بتوزيعِ القافلةِ في القريةِ ، وعاد وترك حجّته تلك السنةِ ، فرأى في منامِهِ قائلاً يقولُ : حجٌّ مبرورٌ ، وسعيٌ مشكورٌ ، وذنبٌ مغفورٌ .
ويقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ :
﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ .
وقالَ أحدُهُمْ :
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إني وأنْ كنتُ امرأً متباعداً =عن صاحبي في أرضهِ وسمائِهِ
لمفيدهُ نصري وكاشفُ كَرْبهِ =ومجيبُ دعوتِه وصوتُ ندائِه
وإذا ارتدى ثوباً جميلاً لمْ أقلْ =يا ليت أنَّ علىَّ فضلَ كسائِهِ [/poem]
يا للهِ ما أجملَ الخلُقَ ! وما أجلَّ المواهبَ ! وما أحسن السجايا !
لا يندمُ على فعْلِ الجميلِ احدٌ ولو أسرف ، وإنما الندمُ على فعلِ الخطأ وإنْ قلَّ .
وقال أحدُهُمْ في هذا المعنى :
[poem= font="Simplified Arabic,6,skyblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
الخيرُ أبقى وإنْ طال الزمانُ بهِ =والشرُّ أخبثُ ما أوْعَيْتَ مِنْ زَادِ [/poem]
*****************************************
0