الجزء السادس من سلسلة رد الوفاء (( همسة ألم ))
[frame="8 10"]همسة ألم
لماذا نسمي المصاب بعاهة في جسمه معوقًا ونحكم عليه بعدم تلاؤمه مع المجتمع أو عدم قدرته على القيام بأي عمل مهما كان؟ إنه إنسان قادر على العمل بنسبة 60% إلى 90% إذا كانت إعاقته شللاً حركيًا، أو إعاقة بصرية أو سمعية أو إعاقة أخرى قادرة على العمل والعطاء.
كثير في مجتمعنا من يحكم على الآخرين بأشياء كثيرة ولا يحكم على نفسه هل هو ملائم في مجتمعه أم هو عالة على مجتمعه، أنا أقول إن الإعاقة هي إعاقة الفكر فهناك ما يسمى الإعاقة الاجتماعية وهذه الإعاقة يصاب بها أناس أصحاء.. معوقون في آرائهم وأفكارهم وثقافتهم وتصرفاتهم، نعم إنهم معوقون فكريًا ومجتمعيًا.. معوقون في فهم الأنماط الاجتماعية والمجتمعية.
إن ذلك المعوق هو الذي لا يعرف كيف يفكر.. كيف يتصرف.. ويعوق حياته كلها تبعًا لتفكيره وعدم تدبره.. فكن صحيح الفكر لا معوق الفكر.. الكثير منا وللأسف ينظر إلى المعوق بنظرة الرحمة والشفقة ونظرة النقص فلماذا كل ذلك؟
إنه إنسان له وجوده وكيانه في هذه الحياة ليس لأنه فقد رجليه ويديه أو بصره أو أي حاسة من حواسه، هو لا يستطيع عمل شيء ولكن قد يكون هذا المعوق أحسن منك أيها السليم!! نعم إن الله لا يأخذ شيئًا حتى يعوض صاحبه بأحسن منه.. إن ذلك المعوق هو الطالب والمعلم والطبيب والمهندس والمثقف والكاتب والمسؤول والمخترع.. فكثير من هؤلاء المعوقين نجدهم كذلك وأفضل.. و لقد أثبت الكثيرون من المعوقين خطأ هذه النظرية في مجتمعهم، وأثبتوا للجميع أنهم فوق المسؤولية وأنهم أناس قادرون على كل شيء. رجالاً ونساء وأطفالاً ومن تلك الأمثلة التي رآها العالم بأسره ذلك المعوق الذي فقد يديه ولم يفقد الإحساس فأصبح رسامًا يرسم بأصابع قدمه فهو أروع من كل شيء. لقد ترجم أحاسيسه بأصابع قدمه وقال للجميع إن الرسم ليس فقط بأنامل اليد، بل بأنامل القدم وبالفم أيضًا.. فنحن نستطيع أن نمسك الريشة بالفم وبأصابع قدمنا لنترجم أحاسيسنا للعالم
أيضًا ذلك المعوق الذي يرأس شركة كبيرة مرموقة في المجتمع وهو كفيف! وذلك الطبيب الجراح الذي يدير عملياته وهو على كرسي متحرك لم تمنعه إعاقته من مهنته الإنسانية التي من خلالها يثبت للعالم قدرته التي وهبها الله إياه. وتلك المعوقة التي حصلت على الدكتوراه في الفيزياء وأثبتت جدارتها وتفوقها في دراستها ثم في وظيفتها ومع زوجها وأولادها.. وغيرها كثير وكثير.. فلنعطهم الفرصة ونظرة الثقة والاعتزاز والفخر بما يقدمونه.. وننظر إليهم نظرة الاحترام الثاقبة التي تدفعهم إلى الأمام ويزيد من عزيمتهم.
نحن الذين ينبغي أن ننظر إلى حالنا بالشفقة لأننا وللأسف ننظر إلى هؤلاء بالشفقة ونبكي حالنا الذي وللأسف قد يعوقه أشياء كثيرة لا نستطيع عملها ونحن ولله الحمد أصحاء وفي كامل قوانا الجسمية والعقلية.
فلنغير نظرتنا..
ولنكن شعبًا يقدر فيه بعضنا بعضًا وهذا ما عهدناه في كل مسلم ومسلمة مزج دمهم بالإيمان.
ولا ننظر إلى الإعاقة على أنها فقدان عضو أو حاسة بل ننظر إلى الإعاقة على أنها إعاقة فكر وثقافة.. إعاقة تخلف اجتماعي ومجتمعي، ولنحاول أن نعالج هذه الإعاقة بإيجابياتنا وإيماننا أولاً وبثقافتنا وتقدمنا ثانيًا.
مقاله : للأستاذه مضاوي العتيبي
أخصائيه اجتماعية
مركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد[/frame]