1- أحب التعليم وأشعر بالسعادة كلما اقتربت من الطالبات، أباشر بناء العقول والأرواح والأخلاق، أجدني أكبر وأكبر وأعيش المستقبل وليس الحاضر فحسب.
محتاجة أن أشكر كل من أسهم في تمتعي بهذه الفرصة العظيمة.
2- إن حديثي عن سلبيات صغيرة من ملاحظتي الشخصية ليس سوى ثناء مفرط على جوانب أخرى لا يملك المعلم (ذكراً أو أنثى) إلا أن يشيد بها ويحترمها، ويكفي شرف التعليم {وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} (79) سورة آل عمران، ومتابعة الأنبياء {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (1) سورة العلق.
3- صباحي هذا اليوم يحمل معه متاعب سبع حصص متواصلة ، كيف التقط أنفاسي؟ كيف أصافح طالباتي؟ كيف استمع إلى مشكلة، أو أصنع قدراً من الحميمية مع جيل يتكوَّن على يدي؟
4- الفسحة تكفي فقط للتنقل من فصل إلى فصل، ومن دور إلى دور، غرفة المعلمات يمنع وجود (الكنب) فيها أو السجاد، أو كل ما من شأنه أن يسمح بالراحة أو الجلسة الجماعية!
5- اليوم جاءتني الموجهة تحدد أن تقييمها الوظيفي سيكون حسب (نجاح) الطالبات! هل أفهم أنه لا قيمة لمجهود أو أداء؟ هل عليَّ أن أكون بلا ضمير، وأمنح الطالبات الدرجات بسخاء؟!
6- لديَّ هذا العام منهج مطوَّر، جميل، كل درس فيه مشحون بالعديد من الوسائل التعليمية (بروجكتر، شاشة عرض، مذياع، مسجل، كمبيوتر..) عليَّ أن أشتري هذه الوسائل من جيبي، فهي غير موفرة، وتدخل ضمن تقييم أداء المعلمة!
7- صحف الحائط ووسائل الإيضاح والرسومات التي يجب أن تزين بها جدران الفصل هي الأخرى من جيبي الخاص.
8- تسألني الموجهة هذا اليوم عن مكافآت تشجيعية للطالبات، وضميري يحملني على تقديمها لفلذات كبدي، ولو كان مما تبقى من مرتبي! جزء معتبر من راتبي سيذهب لتوفير متطلبات التعليم الناجح.
9- هذا المساء حدثتني زميلتي أن راتبي كمعلِّمة لا يتساوى مع راتب المعلِّم من نفس المستوى، فالمعلِّم المعيَّن معي في نفس السنة يتفوق عليَّ بالراتب، وهذا إذا صحَّ تمييز لا مسوغ له، فمجرد كوني أنثى لا يبيح نقص راتبي إذا كان الجهد مساوياً للرجل.
10- المعلمون يستحقون هذا وربما أكثر منه، فليس اعتراضي على ما وهبهم الله، الشأن: لماذا أُحرم أنا؟ لماذا يسرق جزء من جهدي؟
11- نهاية هذا الشهر نزل راتبي، إنه يوم سعيد، لكن (يا فرحة ما تمت)، الراتب ناقص دون مسوغ، من مسؤول إلى آخر عبر الهاتف، وأخيراً.. ابحثي عن أحد يطالب لك، بشيء من السخرية؟
12- (بدل المعيشة) كلمة جديدة سمعناها هذا العام، وجيدة أيضاً، فالأسعار نار، لكن لست أدري سر التفاوت بيني وبين معلمات أخر، كان نصيبي منها 300 ريال، وكما قيل: الحقران يقطع المصران!
13- ليس اليوم فقط، كل يوم أشعر بالضيق من صيانة هذا المبنى القديم، مواسير متآكلة تنزف الثروة الوطنية (الماء)، دورات المياه العليا تجود على ما تحتها ولو باليسير من القطرات.. أين مخصصات الصيانة؟
14- لديَّ خمسة فصول بمستويات متفاوتة، ومناهج متعددة، رياضيات، دين، لغة، فن.. يتكدَّس في كل فصل ما لا يقل عن 30 طالبة.. كيف أطمئن إلى أدائي للواجب تجاه كل طالبة؟
15- اليوم مراجعة طفلي المصاب بموت الخلايا الحمراء، مرض نادر أراجع معه منذ ولادته بالمستشفى التخصصي -قسم الأورام-، اضطر للذهاب معه منذ الساعة السابعة حتى الواحدة ظهراً، ورقة الإجازة من المستشفى مرفوضة من إدارة التعليم؛ لأنه مكتوب عليها "تاريخ المراجعة" وليس "تاريخ الدخول"، يجب إذاً أن احتال لتنويمه، جميع الجهات تقبل هذه الورقة سوى الجهة التي أعمل فيها.
أليس نظام البلد واحداً؟
16- عتب مخلص، يدخل في التفاصيل، وينطلق من أن الأصل هو الجانب الإيجابي في مجمل العملية التعليمية.
17- هذه ملحوظات صغيرة وربما شخصية، هي ليست نهاية المطاف، بل أراها مجرد فتح باب حوار، أرحب بأخواتي المعلمات والمسؤولات ليصححن لي ما لم يحالفني فيه التوفيق، وليصوبنني فيما أصبت، وليضفن جوانب أخرى من المعاناة..
18- ليكن هذا جزءاً من تطوير العملية التعليمية من منطلق رؤية المعلمة، ولنشجع بناتنا وأبنائنا الطلاب على أن يرسموا رؤيتهم ويبوحوا بمعاناتهم منا، نحن المعلمات، أو من الإدارة.
19- إنها البقع السوداء الصغيرة في الثوب الأبيض، والحديث عنها سوف يحاصرها ويقضي عليها، أو يمنعها من التمدد والاستقرار.
20- {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (105) سورة التوبة، وسلام لكل من قرأت وشاركت موافقة أو مخالفة أو مضيفة، ورحمة الله وبركاته.
سلمان العودة