-
دائماً كنتُ أستجديكِ , وأقولُ لكِ إني لا ملك وطناً سواكِ , وإن وجودكِ صار هويتي ,
وتاريخي وميلادي وإنتمائي , وإنكِ صرتِ أعراق الأرض واحتواء القبيلة . وإنك أماني
عندما يحآصرني الخوف , وجبيني عندما تضيع الأفكار , وزفيري عندما يدخل صدري
شهيقٌ لا طريق له .
لماذا لم تصدقيني ؟ لماذا ظننتني أبالغ في هذا ؟
تعالي الآن وانظري ما أنا فيه , ربما منحتكِ عيناكِ نسخةً أكثر مصداقية مماسمعته أُذناكِ من قبل .
ربما صَدَقت معكِ نبوءة السلوى والنسيان هذه , أما أنا فلم تصدق معي بتاتاً . مازلت حتى الآن
ينتابني شعور الليلة الأولى من فراقك . لم تزل لأدمعي الملوحة نفسها , ولم يتغير في حياتي أيُّ
شيء .لا السواد , ولا الصمت , ولا الغثيان , ولا القيء الفكري الذي يرهق دماغي أوهاماً
وتخيلاتٍ ورؤى ساذجة , ثم يرميني على عتبة الفجر , مخلوقاً بشرياً بالياً .
ص 220 - سقف الكفاية . محمد علوان .
.