,’
كل الناس يدعي الفضيلة وينتحلها , وكلهم يلبس لباسها ويرتدي رداءها
ويعد لها عدتها من منظر يستهوي الأذكياء والأغنياء , ومظهر يخدع أسوأ الناس
بالناس ظناً , فمن لي ب الوصول إليها في هذا الظلام الحالك والليل الأليل ؟
إن كان صحيحاً ما يتحدثُ به الناس من سعادة الحياة و طيبها وغبطتها ونعيمها ,
ف سعادتي فيها أن أعثر في طريقي في يوم من أيام حياتي بصديق يصدقني الود
وأصدقه , فيقنعه مني ودي وإخلاصي دون أن يتجاوز ذلك إلى ماوراءه من مآراب
وأغراض , وأن يكون شريف النفس فلا يطمع في غير مطمع , شريف القلب فلا يحمل
حقداً ولا يحفظ وتراً , ولايحدثُ نفسه في خلوته بغير مايحدثُ به الناس في محضره ,
شريف اللسان فلا يكذب ولا ينم , ولايلمُ بعرضٍ ولا ينطقُ بهجر (1 )
شريف الحب فلا يحبُ غير الفضيلة , ولا يبغضُ غير الرذيلة ,
هذه هي السعادة التي أتمناها ولكني لا اراها .
1- الهجر : الفُحش
مصطفى لطفي المنفلوطي
الأعمال الكاملة - المجلد الأول ( النظرات والعبرات ) ص 68
.