الذي يغلب على ضني أن السبب في مثل هذا الكلام الأحداث الأخيرة التي طرأت بسبب الخوارج الذين أفسدوا الدين,,,, وهذا مقال كتبته منذ فترة قصيرة لمؤتمر عالمي أسأل الله أن ينفع به, وأن كنت قد احتاج إلى بعض التعديلات عليه الخروجه بصورة جيده تتناسب مع الحدث, والله الموفق:أضرت موجة الإرهاب بالإسلام وأهله أيما ضرر؛ فجعلته هدفاً سهلاً لأعداءه على اختلاف مشاربهم, وتباين أفكارهم, للنيل منه والطعن فيه, وتوجيه سهامهم المسمومة وفتح الباب على مصراعيه لهم, وفي هذا ضرر عظيم وصد عن دين لله – جل وعلا- المزدان بالسماحة واليسر ولقد دخل الناس في دين الله أفواجاً بالمعاملة الحسنة والسير وفق تعاليم الدين الحنيف في التعامل مع المخالف فقد وردت النصوص الشرعية التي تنص على التعامل مع المخالفين كافة على اختلاف أنواعهم وتباين مشاربهم قال تعالى(( لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُواْ عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )).
قال ابن جرير:" ... بر المؤمنين للمحاربين قرابة كانوا أو غير قرابة لا يحرم إذا لم يكن فيه تقوية على الحرب بكراع أو سلاح أو دلالة على عورة أهل الإسلام لحديث أسماء"( الآداب الشرعية ج1/ص465).
وقال ابن القيم:" توهم بعضهم أن برهم والإحسان إليهم من الموالاة والمودة فبين الله سبحانه أن ذلك ليس من الموالاة المنهي عنها وأنه لم ينه عن ذلك؛ بل هو من الإحسان الذي يحبه ويرضاه وكتبه على كل شيء وإنما المنهي عنه تولي الكفار والإلقاء إليهم بالمودة "( أحكام أهل الذمة ج1/ص602).
إذا تقرر هذا فأعلم أخي أن الناس في هذا الباب بين الغالي والجافي في التعامل مع من خالفنا في الديانة, ولو رجع الناس إلى علماءهم وأخذوا عنهم لكانوا على بصيرة من أمرهم, لقد جنى أهل الغلو على الدين من حيث لا يشعرون, إن من آثار السيئة لتلك الموجة النتنة التشكيك في أصول الدين والمطالبة بتغيير المناهج الدراسية في كثير من البلاد الإسلامية؛ بل وكان من آثار ذلك إغلاق المدارس الدينية في كثير من البلاد الإسلامية, أو المطالبة بذلك؛ كما أُغلقت الأبواب في وجه كثير من الدعاة الذين كانوا يدعون إلى الله في تلك الديار من ذلك أن هذه البلاد بلاد التوحيد المباركة - حرسها الله- ترسل سنوياً كثير من الدعاة في رمضان, وفي غيره من الأشهر للدعوة ويحصل بسبب ذلك عقد الدورات العلمية ونشر الاعتقاد الصحيح في أقطار المعمورة, وقد نشأ عن ذلك أيضاً ((الغلو في الدين)), ودين الله وسط بين الغالي و الجافي قال تعالى(( يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم...)) فتعليم الشباب على أن الدين يسير على هذا المنهج خطر عظيم, ووصف للدين بما ليس منه, ولقد ظهرت بوادر تلك الفتنة في صدر الإسلام مع ظهور الخوارج الذين قالوا الرسول الله – صلى الله عليه وسلم – أعدل يا محمد, وفي هذا انحراف عن منهج الصحابة والسلف الصالح الذين ساروا عليه وفقاً للأدلة من الكتاب والسنة في التعامل مع ولاة أمرهم والسمع والطاعة لهم في المعروف, عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه- قال دعانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه فقال:(( فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله؛ إلا أن ترو كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان))
وأعلم أن مصادرة أهل العقد والحل حقهم خلل في العقيدة, ودليل على أن سالك ذلك يميل إلى منهج المبتدعة, فمن عظيم أثره على العقيدة وضعه من ألف في العقيدة من علماء المسلمين من ضمن أبوابها, ومن الأضرار العظيمة أيضاً في هذا الباب مصادرة أهل العلم حقهم الذي قسمه الله لهم قال - جل وعلا- (( وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) وهذا والله خطر داهم ومنذر شر يصرخ بأعلى صوته فإذا لم يُسمع للعلماء فقل على الدنيا السلام.
أضف إلى ذلك (( الأضرار الأمنية)) فمما لا شك فيه أن الأمن نعمة عظيمة لا يقدرها قدرها إلا من جرب ضدها فقد أمتن الباري - جل وعلا- على أهل مكة بالأمن مما يدلل على عظيم شأنه وضرب الله المثل بالقرية الآمنة المطمئنة ليبين الله جل شأنه عظم قدر نعمة الأمن ولقد أضر الإرهاب بالأمن على اختلاف صوره من ذلك: الأمن المعنوي, ومن ذلك أمن الإنسان في أهله وبيته وبلده يخرج من بيته مسافرا ومتنقلا من بلد إلى بلد لا يخشى إلا الله ولقد بين المصطفى- صلى الله عليه وسلم- عظم قدر هذه النعمة العظيمة فقال (( فيما رواه أبو الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (( من أصبح معافى في بدنه آمنا في سربه, عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)) (صحيح ابن حبان ج2/ص446), فمن أعظم الضرر عدم التقدم والنهوض بالأمة, وأشغالها بالخلاف- وهو كما قيل شر-, فالوقف في وجه أعداء الإسلام – واجب على أبنائها, على جمع المستويات علمياً ومادياً-, فهل يستطيع أن ينتج أو ينجز من سلب الأمن؟- لا والله - فالبلد الذي سلب الأمن لا نتاج فيه, والأمن الفكري أعظم من ذلك حيث أن فيه صدع بالحق وبيانٌ للخطأ وتقويم للمنهج, ونهوض بالأمة من الحضيض, وقد أخاف الإرهاب كثير من الناس عن القيام بالصدع بكلمة الحق وإظهارها للناس وبيان أن هذا الفكر هو فكر الخوارج الذين خروج على الصحابة - رضي الله عنهم- وعلى رسول الهدى من قبلهم, ومن الأضرار أيضاً ما يتعلق بالاقتصادِ فقد أضر الإرهاب باقتصاد البلدان عامة, ومن أعظم ذلك الفساد في الأرض والسعى إليه قال تعالى -عن المفسدين في الأرض- (( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)), لقد دُمرت البنايات والمنازل, والمرافق العامة؛ بل وصل الأمر إلى دور العبادة, وهذ البنايات قد صرفت فيها أموال طائلة من بيت مال المسلمين أو ملك خاص لأصحابها فمن المسؤل عن هذا العمل المشين؟؛ بل إن في ذلك رفع الاقتصاد الدول الكافرة على المسلمين, وذلك أن كثير من أدوات البناء وغيره تشترى من تلك المصانع فتمول بسبب هذه الأعمال المقيتة, فانظر إلى بشاعة هذا العمل , وانظر إلى أثاره السيئة على المسلمين عامة أسال الله البصيرة في الدين إنه ولى ذلك والقادر عليه.
كما لا يفوتنا أن نذكر أن هذه الأعمال التخريبية والتدميرية لا تخدم إلا أعداء الإسلام في بابها الأول شاء من شاء و أباء من أباء, فهم المستفيد الأول فياليت قوم يعلمون أن مقاصد الشريعة عظيمة فهي عندما دعت للوحدة وجمع الكلمة, ونبذة الفرقة بجميع صورها؛ بل حرمة الطرق الموصلة إلى هذا الباب, ففي الصحيح من حديث نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال:(( لا يبع بعضكم على بيع بعض ولا يخطب بعضكم على خطبة بعض)) (صحيح مسلم ج2/ص1032). وهي عندما دعت لإقامة الصلاة جماعة, والجمعة والعيد, والاستسقاء, والكسوف, وغيره, فقد راعت اجتماع الكلمة, ولم الصف وتحقيق الأخوة الدينية المأمور بها شرعاً.
وبهذا تعلم أن هذا الدين عظيم صالح لكل زمان ومكان؛ لكن بفهم العلماء الراسخين- والله المستعان, وعليه التكلان, وإليه المرجع والمآب- وصلى الله وسلم على المبعوث رحمةً للعالمين.