اخي مجنون عتيبه
هذا حديث عصر كانت السيطرة فيه للحمية الإسلامية، والغضب للحق، والانتصار للمظلوم، والأخذ على يد الظالم، وكان الذين يتولون أمور المسلمين، يعتبرون أنفسهم حماة للإسلام والمسلمين، يجازفون في سبيل حماية فرد ضعيف، وفي سبيل عجوز بائسة بحياتهم وملكهم، وكان المسلم، قويا، عزيزا، آمنا، مطمئنا في كل بلد، وفي أقصى العالم، يؤمن بأن له أنصارا يحمونه، وإخوة أشقاء يثورون له، وكان المجرمون يعتقدون أن الاعتداء عليه إثارة لليوث الغاب وتحريك لخلايا النحل الحانقة الموتورة، لا تهدأ حتى تنتقم لصاحبها، وأنها لا ينجو منها العدو المثير في بر ولا بحر، وكان الواحد من هذه الأمة يعد بعدد المجموع، وكان الواحد يقوم بكل ما يتمتع به من حماية ونصرة.
واما يومنا هذاالوضع غير الطبيعي الذي يعيش فيه العالم، من السكوت على الإجرامات، والاعتداءات في أي بلد، ووزن القضايا كلها في ميزان المصالح القومية وضع خطر جدا، إنه يفتح باب الفساد والفوضى، ويمزق الأسرة الإنسانية في أجزاء وأوصال لا يتصل بعضها ببعض إلا عن طريق المصالح السياسية، وطريق الأغراض والمطامع، والأرباح والمنافع، إنها رابطة حيوانية لا يفتخر بها إنسان، ولا يتنزل إليها مسلم