[align=center]
.
.
.
.
حكمـــة الهـدهـد
دعا الهدهد طيور الغابة منذ الصباح الباكر إلى اجتماع طارئ، وبدا وكأنّ أمراً خطيراً قد وقع، أو هو على وشك الوقوع... فمثل هذه الدعوات لا تحدث إلاّ في حالات نادره.
سارعت الطيور تمسح عن عيونها آثار النوم، ومضت في طريقها نحو الساحة الكبيرة، محاولة أن تخمّن سبب هذه الدعوة المفاجئة، وعندما اكتمل الحضور، انبرى الهدهد يتكلّم:
- أنتم تعلمون أيّها الأعزّاء أنّ هذه الغابة هي موطننا وموطن آبائنا وأجدادنا، وستكون لأولادنا وأحفادنا من بعدنا.. لكنّ الأمور بدأت تسوء منذ أن استطاعت بندقيّة الصياد الوصول إلى هنا، فأصبحت تشكّل خطراً على وجودنا.
- كيف؟.. قل لنا..
تساءل العصفور الصغير.
- في كلّ يوم يتجوّل الصيادون في الغابة متربصين، ولعلّكم لا حظتم مثلي كيف أخذ عددنا يتناقص، خصوصاً تلك الأنواع الهامّة لهم.
مثل ماذا؟
تساءل الببغاء
- مثل الكنار والهزار والكروان ذات الأصوات الرائعة..
ومثل الحمام والدجاج والبط والإوز والشحرور والسمّان ذات اللحم المفيد، والبيض المغذي، ومثلك أيّها الببغاء... فأنت أفضل تسلية لهم في البيوت، نظراً لحركاتك الجميلة وتقليدك لأصواتهم.
وقف الطاووس مختالاً، فارداً ريشه الملوّن.. الأحمر، والأصفر، والأخضر، والأسود..
قال:
- لابد وأنّك نسيتني أيّها الهدهد، فلم يَردْ اسمي على لسانك، مع أنني أجمل الطيور التي يحبّ الإنسان الحصول عليها، ليزيّن بها حدائقه.
- لا لم أنسك، وكنتُ على وشك أن أذكرك... فشكلك من أجمل الأشكال.. ولكنْ حذار من الغرور.
قال الحجل بدهاء:
- معك حق فيما قلته أيّها الهدهد.. حذار من الغرور. نظر الطاووس نحو الحجل بغضب شديد، اتجّه إليه وهو يؤنّبه:
- إنّك لا تقلّ خبثاً عن الثعلب الماكر، ولذا لن أعيرك أيّ اهتمام.
حاول الحجل أنْ يردَّ له الإهانة، لكنّ الهدهد هدّأ من حاله قائلاً له:
- دعونا الآن من خلافاتكم... فأنتم إخوة ويجب أن لا تنشغلوا عن المشكلة الكبيرة التي تواجهنا جميعاً.
قال الشحرور:
- أيها الصديق معك حق.. لقد لامست كبد الحقيقة.. قل لنا ماذا نفعل؟
رفع الهدهد وجهه، فاهتزّت ريشاته المغروسة في رأسه... قال:
- لقد دعوتكم لنتبادل الرأي في هذا الموضوع.. فليذهب كلّ منكم إلى عشّه الآن، ويأتني غداً في مثل هذا الوقت بالتحديد، وقد حمل إليّ حلاً نستطيع به حماية أنفسنا من بنادق الصيادين [/align]